انعكست الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها السودان منذ تولي الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على صلاة العيد، ومقدار زكاة الفطر، حتى على يوم العيد نفسه. فعلى غير العادة المتبعة في أداة صلاة العيد في الميادين العامة والمساجد، امتدت الأزمة السياسية لتشمل الشعائر الدينية وصلاة العيد لتشير إلى انقسام واضح في البلاد بسبب الانتهاكات واسعة الانتشار لحقوق الإنسان والحريات السياسية والعنف المفرط تجاه المحتجين واستخدام الرصاص والقوة المميتة ضد المحتجين على مدى الأشهر الستة الماضية.
وبالعادة، درج السودانيون على الاختلاف في كثير من السياسات وقضايا الشأن العام، إلا على صلاتي العيدين، فهم يؤدونهما مجتمعين وموحدين، في الميادين العامة. إلا أن هذه المرة دعا «محامو الطوارئ» في تعميم لـ«قوى الثورة الحية»، وأسر المعتقلين السياسيين، إلى إقامة صلاة العيد في الساحات أمام السجون والمعتقلات التي يقبع داخلها المعتقلون السياسيون، وأعضاء لجان المقاومة السودانية.
و«محامو الطوارئ» هيئة حقوقية طوعية تتكون من مئات المحامين، وتعمل منذ قيام ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي أطاحت نظام الرئيس المعزول عمر البشير، في الدفاع عن المعتقلين السياسيين. ولعبت الهيئة، بالاشتراك مع هيئات الدفاع الأخرى، دوراً محورياً في إفشال كثير من حالات الاعتقالات السياسية التي تقوم السلطات بتغطيتها بتهم جنائية. وآخر هذه القضايا يتعلق بإطلاق سراح معتقلي «لجنة إزالة النظام السابق» الذين وجّهت لهم السلطات تهماً جنائية، نفاها القضاء، لكن مسؤولي النيابة رفضوا تنفيذ الحكم القضائي، حتى تدخلت «محامو الطوارئ» وهيئات الدفاع لإلزام النيابة بإطلاق سراحهم.
وقال «محامو الطوارئ»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن خطوتهم تهدف إلى التضامن مع المعتقلين السياسيين الذين لم يطلق سراحهم بعد. وأضافوا محذرين: «ليعلم الانقلابيون أن الاعتقال والانتهاكات والتعذيب لن تكسر شوكتنا، بل هي دافع للتمسّك بقضية توافقنا عليها، وجوهرها الخلاص من الاستبداد وترسيخ العدالة». وحثّت هيئة «محامو الطوارئ» المواطنين على إقامة صلاة العيد أمام 6 سجون، وهي سجن النساء بأم درمان، سجن سوبا، سجن كوبر، سجن بورتسودان، سجن الحوطية بالجزيرة أبا، سجن دبك.
وتجاوزت حالة الانقسام صلاة العيد، وامتدت إلى زكاة الفطر، إذ رفضت «هيئة شؤون الأنصار»، المؤيدة لحزب «الأمة»، قرار هيئة الإفتاء الشرعي الرسمية المعروفة بـ«مجمع الفقه الإسلامي»، وحددت نصاب الزكاة بمبلغ 1400 جنيه سوداني، بدلاً عن مبلغ 1100 جنيه، الذي أقره مجمع الفقه الإسلامي. وقالت «هيئة شؤون الأنصار» إن قوت غالب السودان هو القمح وبعض الذرة، ويكفي المكيال المعروف بالكيلة نحو 5 أشخاص، وإنها تبعاً لذلك الحساب رأت أن يكون نصاب الزكاة نحو 3 دولارات للفرد الواحد.
ولم تقتصر انعكاسات الأزمة السودانية على صلوات العيد أو زكاة الفطر، بل على العيد نفسه، إذ اعتبر تنظيمان على الأقل يوم أمس (الأحد)، هو اليوم الأول من شهر شوال، أول أيام عيد الفطر المبارك، وأفطرا بناء على ذلك، في مخالفة واضحة للفتوى الرسمية بإكمال شهر رمضان 30 يوماً لعدم ثبوت الرؤية. فقال محمد علي الجزولي، الذي يقود تنظيم «تيار الأمة الواحدة» المتطرف، إن جماعته تعمل بالقاعدة الفقهية بعدم اعتبار اختلاف المطالع، وتنص على أنه في حال ثبوت رؤية الهلال في دولة، ولم تستطع دولة أخرى رؤيته، فإن عدم الرؤية ليس حجة، وبما أن كلاً من أفغانستان ومالي والنيجر أثبتت رؤية هلال شوال، فيجب علينا الأخذ برؤيتهم.
السودان: دعوة لإقامة صلاة العيد أمام سجون المعتقلين السياسيين
الخلافات السياسية أدت إلى تعدد الفتاوى
السودان: دعوة لإقامة صلاة العيد أمام سجون المعتقلين السياسيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة