الراعي يطالب بتهدئة جبهة الجنوب ليستأنف لبنان ترسيم الحدود مع إسرائيل

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي يطالب بتهدئة جبهة الجنوب ليستأنف لبنان ترسيم الحدود مع إسرائيل

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«تهدئة جبهة الجنوب»، وذلك «ليستأنف لبنان برعاية دولية مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل»، غداة تهديد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بالرد على أي ضربة إسرائيلية بشكل عاجل وفوري، خلال المناورات التي يقيمها الجيش الإسرائيلي في منطقة حدودية مع لبنان.
وتطرق الراعي في عظة الأحد أمس إلى عدة ملفات مرتبطة بالواقع اللبناني، وقال: «لا تزال صور كارثة غرق الزورق قبالة طرابلس بادية أمام أعيننا، ولا يزال الألم يحز في قلوبنا ونحن نرى موت الأطفال والشباب والأمهات والآباء». وأضاف: «لا يجوز أن تمر هذه الفاجعة كأنها حدث عابر، وتضيع في المزايدات ويحاول البعض طي صفحتها كما يحاولون طي صفحة تفجير مرفأ بيروت وانفجار قرية التليْل في عكار وغيرها». ودعا الدولة اللبنانية إلى «إجراء تحقيق شفاف وحيادي لتحديد المسؤوليات ولوضع حد للتساؤلات والتشكيك، خصوصاً أننا عشية انتخابات نيابية». وأكد «أننا مع ذوي النيات الحسنة نحرص على أن تجري الانتخابات في جو أمني وديمقراطي».
وتوقف الراعي عند تطورات أمنية ومتغيرات إقليمية. وقال: «إننا أمام مرحلة مليئة بالأحداث لبنانيا وإقليميا ودوليا: من حرب أوكرانيا وحروب المنطقة والتقارب بين بعض الدول والتباعد بين دول أخرى، مرورا في أحداث المسجد الأقصى في القدس والغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وصولا إلى تسخين جبهة الجنوب اللبناني». وقال: «مطلوب تهدئة هذه الجبهة ليستأنف لبنان برعاية دولية مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، فيصبح بإمكانه استخراج النفط والغاز في محيط مسالم»، مشدداً على أن «أولويتنا هي تثبيت كيان لبنان وأمنه القومي ليتمكن من إجراء الاستحقاقات الدستورية من دون مفاجآت».
وجدد الراعي دعوته المواطنين إلى الاقتراع الكثيف «لكي يستعيدوا مبادرة تقرير مصيرهم من الذين عبثوا بهذا المصير وعرضوا لبنان للانهيار وهويته للتزوير وتغاضوا عن وضع اليد على مؤسسات الدولة وقراراتها». وقال إن الانتخابات «تعطي لكل مواطن فرصة أن يترجم شعار أن الديمقراطية هي حكم الشعب من الشعب. واجب اللبنانيين أن يستفيدوا من هذا الاستحقاق ليقولوا للعالم أي لبنان يريدون، وليبلغوا الدول التي تتابع الشأن اللبناني أنهم يرفضون كل اقتراح لمشروع تسوية أو مساومة لا ينسجم مع حقيقة لبنان، ولا يحترم التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني للحفاظ على استقلاله وحضارته وخصوصية وجوده هنا».
وأكد الراعي أن «التضحية بودائع الناس في المصارف ليست قدراً لا مفر منه»، موضحاً: «هناك حلول علمية أخرى متوافرة وقادرة على التوفيق بين معالجة مديونية الدولة ومداخيلها من جهة، وبين الحفاظ على أموال المودعين من جهة أخرى، وأبرز هذه الحلول تعويم مرافئ الدولة الكبرى وتخصيصها بشكل يعيد قسما كبيرا من أموال المودعين على أن يتأمن القسم الآخر مع إعادة الدورة المالية والاقتصادية في المصارف والبلاد».
وقال: «هذه المرافئ تحولت منذ سنوات مصدر تمويل للقوى الحزبية والتنظيمات العسكرية على حساب خزينة الدولة. نعم، توجد حلول للمودعين إذا مزجنا المقترحات التقنية بأفكار خلاقة. لكن اللافت أن غالبية الحلول المطروحة لحل الأزمة الاقتصادية والمالية هي حلول بديلة عن الحل الأصيل، لأنها تنطلق من زاوية تقنية ضيقة وتتجاهل البعد السياسي وتتعامى عن الأمر الواقع الذي أوصل البلاد إلى هذا الانهيار».
بدوره، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة إن «لبنان ليس بحاجة إلى علاج مسكن بل إلى حل جذري يوقف الانهيار ويولد الأمل في النفوس، يحد موجات الهجرة، ويعيد للمواطن كرامته وحقوقه، ويضع حداً للبطالة والفقر والجوع والعوز.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.