تقارير يمنية ترصد تصاعد انتهاكات الحوثيين ضد المدنيين

جانب من المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير يمنية ترصد تصاعد انتهاكات الحوثيين ضد المدنيين

جانب من المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة وسط صنعاء (إ.ب.أ)

أحصت تقارير يمنية حديثة ارتكاب الميليشيات الحوثية مئات الانتهاكات الجديدة ضد المدنيين نساءً وأطفالاً، حيث تنوّعت بين القتل والخطف والاعتقال والتعذيب وتجنيد الأطفال والسطو على الممتلكات العامة والخاصة والدهم المسلح لدور العبادة ومنع الشعائر الدينية واقتحام المنازل والمؤسسات وفرض الجبايات غير القانونية.
وفي هذا السياق، وثّقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في أحدث تقرير لها، أكثر من 203 انتهاكات ارتكبتها الميليشيات بحق مدنيين في عدد من المحافظات خلال الفترة من 4 وحتى 17 أبريل (نيسان).
وتوزعت الانتهاكات، بحسب التقرير، بين القتل والإصابة الجسدية والإخفاء القسري والاعتقال والتعذيب الجسدي والنفسي والاعتداء على المصلين ومنع صلاة التراويح والاستهداف المتعمد بالقذائف للأحياء الآهلة بالسكان والأسواق الشعبية والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والمنشآت التعليمية والجمعيات الخيرية وغيرها.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن التعسفات تلك تزامنت مع استمرار سريان الهُدنة الأممية، وكشف تقريرها عن تسبب الجماعة بمقتل 16 مدنياً، وإصابة 27 آخرين بينهم نساء وأطفال وكبار السن، واختطاف 46 مدنياً بينهم أطفال بعدد من المحافظات.
ورصد التقرير نحو 61 حالة تضرر طالت ممتلكات عامة وخاصة جراء اقتحامات الجماعة وإتلاف 9 مزارع، ونهب الميليشيات نحو 12 مركبة ووسائل نقل تعود ملكيتها لمواطنين، إلى جانب مداهمتها بقوة السلاح 9 مؤسسات وجمعيات خيرية ومنعها توزيع مساعدات متنوعة على المحتاجين والفقراء في مناطق سيطرتها.
وكشف التقرير عن استمرار الانقلابيين في ظل سريان الهدنة في التحشيد العسكري إلى الجبهات وفتحهم مؤخراً العشرات من معسكرات التدريب واستقطاب الأطفال والشبان إليها بعد إخضاعهم لبرامج طائفية مكثفة في مدن عمران وذمار والمحويت وصنعاء وإب.
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بسرعة التدخل لوقف تلك الجرائم والخروق الحوثية، ودعت إلى فتح تحقيق شفاف وعاجل في كل قضايا الانتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبة كل المتورطين سياسياً وقانونياً وجنائياً، وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية.
على صعيد متصل، وثّق تقرير محلي آخر اختطاف الانقلابيين الحوثيين نحو ثمانية آلاف مدني خلال خمسة أعوام منصرمة. وذكرت رابطة أمهات المختطفين (غير حكومية)، في تقرير حديث صادر عنها، أنها رصدت منذ عام 2016 حتى 2022، تعرض 7 آلاف و823 مدنياً للاختطاف على يد الميليشيات بينهم 158 امرأة.
ووثّقت الرابطة ضحايا كثيرين ممن كانوا مختطفين بسجون الميليشيات، منهم 92 مدنياً تعرضوا للقتل تحت التعذيب و18 آخرون فارقوا الحياة بسبب الإهمال الطبي للجماعة.
وأشار التقرير إلى أن 51 مختطفاً بسجون الجماعة لا يزالون يواجهون أحكاماً بالإعدام خارج القانون؛ منهم 4 صحافيين، بعد أن أعدمت الجماعة 9 مدنيين مختطفين من أبناء تهامة؛ إثر إخضاعهم لمحاكمة غير عادلة وفق إجراءات مختلة قانوناً، وتفتقر إلى الحد الأدنى من شروط النزاهة، وفق الرابطة الحقوقية.
وبحسب التقرير، فقد طالت انتهاكات الميليشيات نساء عائلات المختطفين، حيث تعرض الكثير منهن للضرب والإهانة والإذلال والابتزاز المالي والنفسي والتهديد الحوثي بالاختطاف والملاحقة والاحتجاز.
‏ولم تكن مدينة تعز (256 كلم جنوب صنعاء) بمنأى عن الاستهداف الحوثي، إذ لا يزال الملايين من سكانها، يعانون حتى اللحظة الأمرين جراء استمرار التعسف والتجويع والحصار المطبق عليها.
في هذا السياق، كشف تقرير حقوقي حديث عن ارتكاب الجماعة لما يزيد على 360 جريمة قنص طالت الأطفال بذات المحافظة خلال الأعوام الستة الماضية.
وأوضح التقرير الصادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) أن ضحايا القنص من الأطفال برصاص الانقلابيين تجاوز عددهم بذات الفترة نحو 366 طفلاً سقطوا بين قتيل وجريح، جميعهم تتراوح أعمارهم بين عام و17 عاماً.
وأشار إلى أن سلاح القناصة الذي استخدمه مسلحو الجماعة في استهداف المدنيين يعد رابع الأسلحة أشد فتكاً بالمدنيين في المحافظة بعد الصواريخ والمدفعية والألغام الأرضية.
وتصدرت مديرية القاهرة، وسط مدينة تعز، بحسب التقرير، قائمة مديريات تعز من حيث عدد الضحايا الأطفال برصاص قناصة الميليشيات الحوثية، وذلك بعدد 22 قتيلاً و53 جريحاً.
وطبقاً للأرقام والإحصائيات التي أوردها التقرير، فإن نيران قناصة الميليشيات حصـدت أرواح 130 طفلاً منهم 88 من الذكور و42 من الإناث، كما أصابت 236 آخرين من الذكور والإناث في 16 مديرية تتبع محافظة تعز.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».