رغم الغلاء... رائحة كعك العيد تتصاعد من مخابز البلدة القديمة في نابلس (صور)

الشاب الفلسطيني عمار أبو رميلة خلال الإشراف على كعك العيد (رويترز)
الشاب الفلسطيني عمار أبو رميلة خلال الإشراف على كعك العيد (رويترز)
TT

رغم الغلاء... رائحة كعك العيد تتصاعد من مخابز البلدة القديمة في نابلس (صور)

الشاب الفلسطيني عمار أبو رميلة خلال الإشراف على كعك العيد (رويترز)
الشاب الفلسطيني عمار أبو رميلة خلال الإشراف على كعك العيد (رويترز)

يعمل رضوان أبو رميلة في مخبز تمتلكه عائلته في البلدة القديمة بمدينة نابلس بالضفة الغربية منذ 50 عاماً... وفي كل عام ومع اقتراب نهاية شهر رمضان يتحول المخبز إلى صنع كعك عيد الفطر الذي لا يكاد يخلو بيت فلسطيني منه في هذه المناسبة.
ويمكن للمتجول في أزقة البلدة القديمة التي تضم كثيراً من محال الحلوى أن يشم رائحة طيبة تنبعث من الصواني الساخنة التي تخرج من الفرن، وقد امتدت فوقها صفوف الكعك بأطعمة وأشكال مختلفة.
يقول أبو رميلة (65 عاماً) لوكالة «رويترز» للأنباء فيما كان يقف وسط مخبزه الذي يتضح من طرازه المعماري أنه مضى على إنشائه مئات السنين: «لقد ارتفعت أسعار كل شيء، الغلاء ذبح الناس، ولكن هناك أشياء لا يمكن الاستغناء عنها في هذه المناسبات، ومنها كعك العيد».
وأضاف: «نعمل الكعك بحشوة التمر، سواء كان ذلك بناء على طلب الزبائن أو لعرضه لمن يريد الشراء، أما بالنسبة للكعك المحشو بالجوز واللوز والفستق الحلبي فقط بالتوصية، لأن أسعاره مرتفعة».

وشهدت أسعار المواد الأساسية، ومنها الدقيق والسكر والزيوت، ارتفاعاً بنسب متفاوتة خلال الشهرين الماضيين، مع تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وأوضح أبو رميلة أن مكونات الكعك وطريقة عمله لا تزال كما هي لم تتغير، وإنما الذي تغير هو الأفران التي يخبز فيها: «قديماً كنا نستخدم فرن النار فقط، اليوم نستخدم إلى جانبه أيضاً فرن الغاز».
وقال: «مع أنه يبقى للكعك المخبوز في فرن الحطب طعمه الخاص، ولكنه لا يكفي لإنتاج الكميات المطلوبة، خصوصاً في الأيام الأخيرة من رمضان قبل حلول العيد».
ويضاف للكعك عادةً السمسم والقرفة المطحونة، وأحياناً حبة البركة واليانسون والقرنفل والهيل.
يقول أبو رميلة: «يحاول أصحاب الأفران أن يكون لكل منهم لمسته الخاصة في عمل الكعك، سواء كان ذلك بطريقة العجن أو الخبز أو البهارات المستخدمة».

ويقف الشاب عمار أبو رميلة (31 عاماً) وسط عدد من أفراد عائلته الذي يعملون جميعاً بجهد كبير لإنتاج الكعك المطلوب، ويعكف على تقطيع عجينة الكعك لقطع متساوية كأن يده ميزان.
يقول عمار: «يدخل في عمل الكعك كل من الدقيق (الطحين) والزيت وماء الورد وبهارات متعددة تسمى دقة الكعك، إضافة إلى التمر المطحون أو الجوز أو اللوز أو الفستق».
وأضاف: «التميز يكمن في طريقة العجن بحيث تكون كمية المكونات محسوبة جيدا ودرجة حرارة السمن المستخدم متوافقة مع درجة حرارة المكان».

وأوضح أبو رميلة أن أشكال الكعك تعتمد على القوالب المستخدمة. وقال: «تسمى القوالب التي تستخدم في نقش الكعك على اسم المنطقة التي أتت منها؛ فهناك القالب المصري وهو عبارة عن دائرة في وسطها ثقب، وهناك القوالب السورية المصنوعة من خشب الزان بأحجام وأشكال مختلفة».
وأضاف: «لدينا قوالب عمرها أكثر من مائة عام، وما زلنا نستخدمها لأنها مميزة وعليها نقوش لا يوجد مثلها اليوم».

ولا يستغرق عمل الكعك كثيراً من الوقت بعد الانتهاء من عجنه وتقطيعه وحشوه بالتمر أو الجوز أو الفستق الحلبي؛ فهو لا يحتاج سوى لبضع دقائق في الفرن لينضج.
ويقدم الكعك الذي يكون على أشكال هندسية مختلفة بارداً، وهناك من يفضل أن يرش عليه السكر المطحون.
ورغم أن العديد من العائلات تشتري الكعك الجاهز، فإن هناك عدداً آخر ما زال يخبز الكعك في منزله، ويبدو هذا واضحاً من خلال جولة في السوق حيث يمكن رؤية العديد من النساء وهن يشترين مكونات الكعك لعمله في البيت.
قالت امرأة كانت تشتري كمية من الكعك إنها كانت تخبزه في المنزل قبل سنوات «ولكن مع ضيق الوقت حالياً فهي تشتري الكعك الجاهز وتحرص على أن يكون مميزاً بطعمه ورائحته».
واشتكى رجل من ارتفاع الأسعار، إذ يُباع كيلوغرام الكعك المحشو بالتمر بسبعة وعشرين شيقلاً (8.30 دولار) لكنه أضاف: «لا يمكن أن نحتفل بالعيد دون كعك العيد».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».