ضغوط «حزب الله» ترغم مرشحاً شيعياً ثالثاً على الانسحاب من الانتخابات

كان ضمن لائحة «القوات اللبنانية» في دائرة بعلبك ـ الهرمل

المرشحة هانية الزعتري عن مدينة صيدا في جنوب لبنان تحاور أحد الناخبين في السوق العتيق في المدينة (أ.ب)
المرشحة هانية الزعتري عن مدينة صيدا في جنوب لبنان تحاور أحد الناخبين في السوق العتيق في المدينة (أ.ب)
TT

ضغوط «حزب الله» ترغم مرشحاً شيعياً ثالثاً على الانسحاب من الانتخابات

المرشحة هانية الزعتري عن مدينة صيدا في جنوب لبنان تحاور أحد الناخبين في السوق العتيق في المدينة (أ.ب)
المرشحة هانية الزعتري عن مدينة صيدا في جنوب لبنان تحاور أحد الناخبين في السوق العتيق في المدينة (أ.ب)

تستمر الضغوط على المرشحين الشيعة في دائرة بعلبك الهرمل، (البقاع الثالثة)، حيث يخوض حزب «القوات اللبنانية» المعركة بوجه الثنائي الشيعي، (حزب الله وحركة أمل)، وكان آخرها أمس إعلان المرشح رفعت المصري انسحابه بعدما سبقه إلى الخطوة نفسها مرشحان من الطائفة الشيعية، فيما يؤكد الباقون أنهم ماضون في المواجهة حتى الساعة. وأعلن المصري أمس خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في البقاع، الانسحاب من الترشح للانتخابات النيابية في دائرة بعلبك - الهرمل على لائحة «بناء الدولة»، التي يخوضها حزب «القوات» مع شخصيات سنية وشيعية في المنطقة برئاسة الشيخ عباس الجوهري المعروف بمعارضته للثنائي، وكان قد انسحب منها المرشحان الشيعيان رامز ناصر قمهز وهيمن عباس مشيك. وقال المصري إنه ينسحب من المعركة «بناء على طلب العائلة الكريمة ونزولاً عند رغبتها وقناعاتي بالخروج من هذا التنافس الانتخابي الذي لن يؤدي إلى الغرض الإصلاحي في بلد تتحكم فيه المحاصصات الطائفية والمذهبية، ونحن أبناء عائلة مقاومة أبا عن جد لها إرثها السياسي وتاريخها العريق، الذي تفخر بالسلاح، السلاح الموجه ضد العدوين الصهيوني والتكفيري». وأضاف: «طالما أن العدو الإسرائيلي مستمر بعدوانه وغطرسته على لبنان، نحن ملتحمون مع المقاومة اللبنانية ومعنا الغالبية العظمى من الشعب اللبناني، وبما أنه لا جدوى من هذه الانتخابات والمشاركة فيها، لذا أعلن انسحابي من الترشح للانتخابات النيابية على لائحة (بناء الدولة) التي كنت عضواً فيها، متمنياً لها كل التوفيق». وتقول مصادر في «القوات» معنية بالتحالفات الانتخابية، لـ«الشرق الأوسط» إن انسحاب المصري كما من سبقوه، هو نتيجة الضغوط التي يتعرض لها معارضو «الثنائي الشيعي»، وليست نتيجة مزاجية المرشحين، وتوضح: «لا شك أن كل المرشحين كانوا يدركون تداعيات ترشحهم، وكانوا قد تعرضوا لضغوط من قبل العشائر والمجتمع قبل اتخاذ قرارهم لكنهم تجاوزوها وقرروا الترشح». وتضيف: «لكن يبدو أنه بعدما وصل الأمر إلى مرحلة متقدمة وبدأت المعركة تأخذ منحى أكثر جدية تزايدت الضغوط ووصلت إلى حد الأمن الشخصي والعائلي، وهو ما لن يقدر المرشحون على تحمله». وفيما تلفت المصادر إلى أن هذا الأمر كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى عند بدء العمل على تشكيل اللائحة، تؤكد أن «هذه الانسحابات لن تؤثر على معركة (القوات) الواثقة من حصولها على حاصل (مقعد)»، مستبعدة حصول المزيد من الانسحابات، وتقول: «نعتقد أنهم لو كانوا يريدون الخضوع لكانوا انسحبوا إلا إذا حصل ما لم يكن في الحسبان». مع العلم أن «القوات» التي تتمثل في البرلمان اليوم عن هذه الدائرة بالنائب أنطوان حبشي، كانت قد خاضت الانتخابات العام الماضي، مع «تيار المستقبل» والنائب السابق يحيي شمص في لائحة واحدة نجحت في الحصول على نائبين، هما حبشي والنائب عن «المستقبل» بكر الحجيري، لكنها هذا العام وبعد اتخاذ «المستقبل» قرار عدم خوض الانتخابات عقدت تحالفاتها مع شخصيات في المنطقة.
وبانتظار ما قد يحصل في الفترة المقبلة مع بدء العد العكسي للانتخابات، لا تعكس الأجواء لدى رئيس اللائحة الشيخ عباس الجوهري، أن هناك نية بالانسحاب، رغم كل الضغوط التي تعرض ويتعرض لها، وكان آخرها قبل أيام عبر إطلاق النار العشوائي في أحد الأماكن التي كان يعقد فيها لقاء انتخابياً، ما أدى إلى خوف وإرباك وهرب الحاضرين، بحسب ما أظهره مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ويؤكد مسؤول الحملة الانتخابية للجوهري، عباس رعد، لـ«الشرق الأوسط» أن «الجوهري ماض في المعركة حتى إنه يسجل تزايداً في صفوف المتضامنين والداعمين له رغم الضغوط التي يتعرض ويتعرضون لها». ويقول رعد: «لا تراجع... سنكمل المعركة مع المرشحين الشيعيين المتبقيين اللذين أيضا، لا يبدو أن هناك بوادر لانسحابهما حتى الساعة والاستعدادات جارية على قدم وساق لخوض المعركة». ويشدد رعد في الوقت عينه على احترام اللوائح الأخرى ويقول: «نحترم الجميع ولا نخوض مواجهة مع أحد إنما ما نقوم به في إطار المنافسة الديمقراطية». ويخوض المعركة في دائرة البقاع الثالثة، التي تبقى نتائجها شبه محسومة لصالح «حزب الله» وحركة «أمل» وحلفائهما، ست لوائح، أبرزها، إضافة إلى الثنائي الشيعي والقوات، لائحة تضم العائلات والعشائر، ولوائح أخرى بعضها غير مكتمل منها محسوبة على مجموعات المعارضة. مع العلم أن لدائرة البقاع الثالثة عشرة مقاعد، تتوزع بين 6 للطائفة الشيعية، واثنين للطائفة السنية، واثنين للطائفة المسيحية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».