شهادات منشقين عن الجماعة المتطرفة (1 - 4) : الارتباك الفقهي لـ«داعش» يشجع الانشقاقات داخله

التنظيم يغيِّر فتاواه للحد من خسائره على الأرض

أبو بكر البغدادي قائد التنظيم الارهابي، و غلاف كتاب «مقرر في التوحيد» للتدريس في معسكرات «داعش» (صورة خاصة لـ«الشرق الأوسط»)
أبو بكر البغدادي قائد التنظيم الارهابي، و غلاف كتاب «مقرر في التوحيد» للتدريس في معسكرات «داعش» (صورة خاصة لـ«الشرق الأوسط»)
TT

شهادات منشقين عن الجماعة المتطرفة (1 - 4) : الارتباك الفقهي لـ«داعش» يشجع الانشقاقات داخله

أبو بكر البغدادي قائد التنظيم الارهابي، و غلاف كتاب «مقرر في التوحيد» للتدريس في معسكرات «داعش» (صورة خاصة لـ«الشرق الأوسط»)
أبو بكر البغدادي قائد التنظيم الارهابي، و غلاف كتاب «مقرر في التوحيد» للتدريس في معسكرات «داعش» (صورة خاصة لـ«الشرق الأوسط»)

في مساء نهار صيفي حار في شمال سوريا، خرج أحد الفقهاء الصغار في تنظيم داعش، عن رباطة جأشه، ولم يكن يعلم أن انتقاداته للتنظيم الذي يقاتل في صفوفه ستجعله خصما مهدر الدم ومطاردا من «إخوة الأمس»، إلى أن تمكن من الفرار من العراق قبل عدة أسابيع.
اسمه «أبو هريرة». يبلغ من العمر 22 عاما. ليبي الجنسية. شاب متشكك بطبعه. كان متشددا. يشعر بالغضب. ذو شعر كثيف وطويل يغطي رأسه ووجهه. متحمس وله عينان تلمعان في تحد، لكنه لم يفهم طبيعة المتغيرات الحالية داخل دولة «الخلافة» المزعومة.
وقف ذات يوم أمام شاب بحريني يدعى تركي البنعلي، ويبلغ من العمر 31 عاما، ويعد أحد أهم ثلاثة من كبار رجال الشرع في «داعش»، وقال له: «ماذا يحدث لو قلت لك إنني متمسك بموقفي من تكفير أيمن الظواهري؟ ليس أنا فقط لكن كل هؤلاء الإخوة الذين معي، لأننا لهذا السبب جئنا للقتال».
كانت هذه بداية النهاية لـ«أبو هريرة» ولزميل له سوري يدعى «أبو شعيب»، وللكثير من مقاتلي التنظيم سواء ممن تمكنوا في آخر المطاف من الفرار، أو من أصحاب الحظ العاثر ممن انتهوا في سجون «داعش» الرهيبة.
وحصلت «الشرق الأوسط» على شهادات، عبر وسطاء، من خمسة من المقاتلين السابقين، من بينهم «أبو هريرة» و«أبو شعيب».. وبينما تمكن الأول من الفرار إلى إحدى دول الجوار الليبي، هرب الثاني أخيرا إلى تركيا، أما الثلاثة الآخرون فهم من تونس، وتمكنوا من العودة إلى بلادهم، وقدموا معلومات شحيحة عن تجربتهم داخل التنظيم. كان يجري تأهيل هؤلاء ليكونوا، مع آخرين، فقهاء في «داعش»، لا مجرد مقاتلين، إلا أنهم انشقوا عن التنظيم لسبب مشترك وهو بكل بساطة، كما يقول «أبو شعيب» البالغ من العمر 25 عاما، أن ما تعلنه من أقوال لا يقابله تطبيق على الأرض.
ويضيف قائلا إنه كان مع مجموعات أخرى مؤمنا بفكرة «داعش».. «إلا أننا اكتشفنا أنها مثلها مثل الجماعات الأخرى التي جعلت لنفسها وجماعتها الحق المطلق لرعاية القتال، وجعلت هذا أصلاً مطردًا، بل كفرت من خالفها فيه، والعجب كل العجب أنها لم تكفر من خالفها فيما تعتقده وتزعم أنها تنظر له، ألا وهو حقيقة التوحيد (الكفر بالطاغوت والإيمان بالله) وتزعم إيمانها به كأصل للإسلام، لكن نجدهم عند تنزيل هذه الحقيقة يضطربون، فتارة يدخلون فيها ما ليس فيها، وتارة يخرِّجون منها ما ليس منها».
تشير تداعيات كهذه إلى حجم الخلافات التي انعكست على تحالفات التنظيم في حروبه، خلال الشهور الماضية، مع جماعات أخرى متطرفة وعشائر وقبائل وحتى نظام بشار الأسد نفسه. وانشقت مجموعة تونسية عن «داعش» بينما جرى القبض على مجموعات أخرى من بينهم تونسيون أيضا، إضافة لليبيين وجزائريين وكويتيين، بعد أن تجرأوا على أمراء التنظيم وردوا على فقهائه في مسائل تخص شروط قتل الخصوم وتوزيع الغنائم وغيرها.
كان «أبو هريرة» و«أبو شعيب» الذي يوصف بأنه نحيف وأصفر الوجه والشعر، إضافة إلى التونسيين الثلاثة الذين رفضوا ذكر أسمائهم الحقيقية أو الكنية التي كانوا يعرفون بها داخل «داعش».. كان كل هؤلاء جزءا من مشكلة ظلت تتدحرج وتكبر، دون حل وتتعلق بمسائل الفتاوى الداعشية المتخبطة وسياسات التنظيم غير المفهومة.
في بداية شهور الصيف الجاف على الأراضي الواقعة بين «دير الزور» و«الرقة»، شمال شرق سوريا.. ورغم مجرى نهر الفرات، ورغم سماحة الكثير من العشائر، ورغم رغبة مقاتلي الجيش الحر في التخلص من نظام الأسد، فإن الآفاق كانت تضيق أمام مفكري ومقاتلي «داعش» مع استمرار قادة التنظيم في استفزاز السكان المحليين، وتضارب الفتاوى، ما زاد من الضربات التي يتلقاها من خصومه. وزاد الطين بلة تلويح المجتمع الدولي بالاستعداد لشن غارات بالطائرات الحربية ضد مواقع «داعش» في العراق وسوريا التي بدأت بالفعل مع مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي.
قد يعتقد البعض أن أمثال «أبو هريرة» و«أبو شعيب» والتونسيين، كانوا يرفضون المنهج المتشدد لـ«داعش». هذا غير صحيح. كان يمكن أن يستمروا في العمل معه كما بدأوا.. الخلاف أخذ يدور، بالأساس، حول مبادئ معينة أطلقها التنظيم في أول الأمر، وآمنوا بها، وهجروا عائلاتهم وأوطانهم لتحقيقها. حين شرعوا في تنفيذ هذه المبادئ، مثل كثير من المحاربين، اكتشفوا أن التنظيم لا يطبق ما ينادي به، ولديه مآرب خفية، ولا يختلف عن أي جماعة محاربة أخرى.
يقول «أبو هريرة»: «لقد تسبب إطلاق قيادات (داعش) للفتاوى ثم التراجع عنها، في مقتل المئات من كوادر ومقاتلي التيارات الإسلامية وغير الإسلامية التي تحارب نظام الأسد، على يد مقاتلينا.. كان من بين الضحايا (أبو خالد السوري)، الخصم اللدود لـ(داعش)، والقيادي المهم في (حركة أحرار الشام). اكتشفا، مع المجموعات التي كانت تعمل معنا في شمال شرقي سوريا نكوص التنظيم عن توجهاته وتفسيراته الفقهية، والتنكر لها».
كان فقهاء التنظيم الكبار المحيطون بمن يطلق على نفسه «الخليفة أبو بكر البغدادي»، يعلنون أمام أتباعهم الصغار، قبل عدة أشهر من هذه الوقائع، أنهم يقفون ضد الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة «لأنه كافر» بسبب تقديمه الأعذار لعدم تطبيق الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي للشريعة الإسلامية فور توليه الحكم في 2012. وبالتالي يحق لهم تكفير «جبهة النصرة» أحد فروع «القاعدة» في سوريا، ناهيك بتكفير التيارات الأخرى التي تعمل ضد الأسد بما فيها باقي التيارات الإسلامية. وحين بدأت جلسة للمناظرة بين قيادات ميدانية وفقهية وسطى من «داعش» في بلدة «الدانا» السورية، تقرر الزج بالمخالفين في السجون رغم أهميتهم للتنظيم. وبدأت رحلة الفرار لمن وجد طريقا للهروب.
ملخص المعادلة، منذ التحاقه بالتنظيم، من وجهة نظر أحد التونسيين الثلاثة، كان كالتالي: «إذا لم تعمل مع (داعش) وتعلن البيعة لها، فأنت جاهل بالدين، وبالتالي يتوجب قتلك حتى لو كنت غير مدرك لخطورة موقفك، لأن جهلك ليس مبررا لالتماس العذر لك. النقطة الثانية من المعادلة: إذا أفتى أحد الشيوخ بأنه يجوز عدم معاقبة الجاهل لجهله، أي تقديم العذر له، فإن مثل هذا الشيخ في أدبيات (داعش) يكون (كافرا)، يتوجب قتله أيضا».
يعتقد أن المجموعات التي كان التونسيون الثلاثة يعملون في صفوفها هي التي نفذت عملية الاغتيال لـ«أبو خالد السوري» حين كان موجودا مع قادة ميدانيين لكتائب معارضة للأسد، في مقر لـ«أحرار الشام» في حلب. في ذلك الوقت كانت الخصومة بين البغدادي من جانب والظواهري و«جبهة النصرة» من جانب آخر، على أشدها. كان «أبو خالد» يعمل مندوبا ووسيطا من الظواهري لإقناع جماعة البغدادي بالخروج من سوريا وترك الساحة هناك لـ«جبهة النصرة»، وهو أمر كان يرفضه مقاتلو «داعش» الموجودون في جبهات القتال قرب حلب وفي الرقة وريف دمشق.
يقول «أبو هريرة» عن بداية تعليمه ومن معه عقب انخراطهم في التنظيم: «لقد تعلمنا على يد طالب علم من الدولة (أي: داعش) وأعطانا القليل من الدروس.. دروسا أعطانا بها، أول الأمر، لمحات عن أصل الدين. علَّمنا القليل، وعلَّمنا أنه لا عذر للمشرك لا بالجهل ولا بالخطأ ولا بالتأويل، إلا الإكراه، وبعد ذلك اعتمد كل منا على نفسه لمعرفة هل نحن على حق أم على باطل. اليوم يمكن أن أقول لك إن التنظيم على باطل.. ونحن كنا معه على باطل».
واعتمد تنظيم داعش على هيئة استحدثتها لتوفير الكتب التي تحمل توجهاته وتعليماته. وكان بعضها من تأليف البنعلي. واسم هذه الهيئة «البحوث والإفتاء»، ومن بين الكتب التي كانت مخصصة للمعسكرات فقط كتاب «مقرر في التوحيد» و«توعية الرعية بالسياسة الشرعية».
ومما تعلمه «أبو هريرة»، ومما آمن به لدرجة أن يعرض نفسه للقتل بعيدا عن وطنه وأسرته، هو أنه «لا عذر بالجهل.. تعلمنا أن العاذر كافر طالما أنها (أي الأعذار) تتعلق بأمور التوحيد.. كنا مندفعين. في أيدينا أسلحة، ونريد تطبيق هذا على الأرض.. كان ذلك عند التحاقي بـ(داعش). وقتها، وأنا أتنقل بين الموصل والبوكمال، حمدت الله على هذا. قلت تعلَّمْنا ما أفادنا مع بساطته، إذ إننا بعدها شرعنا في الجهر بتكفير أيمن الظواهري، وجبهة الجولاني (المقصود بها (جبهة النصرة) وقائدها محمد الجولاني)، وأبو محمد المقدسي (متشدد على نهج «القاعدة» ومتهم بدعم طالبان أفغانستان، وهو من أصل فلسطيني)، و(القاعدة)، وكل من يعذر بالجهل».
يبدو أن هؤلاء الشبان لم يدركوا حجم المشكلات التي كان التنظيم مقبلا عليها عقب واقعة اغتيال أبو خالد السوري، واتهام كتائب معارضة سورية لـ«داعش» بتدبير العملية. يقول «أبو شعيب»: «كنا نقاتل من أجل بناء أركان دولة الخلافة. لم نكن نلتفت خلفنا. فجأة بدأ يتردد هنا وهناك موضوع التوجيهات الجديدة عن عدم مهاجمة (القاعدة) أو (النصرة). هذا استمر ثلاثة أشهر أو أربعة، دون أن نلتزم به. لم نكن نعلم أنها توجيهات صحيحة، لأنها ببساطة تتعارض مع المبادئ التي أعلنها (داعش) منذ البداية. وتختلف كما هو موجود في كتب المعسكرات وفي مطويات البنعلي نفسه».
ومن جانبه يضيف «أبو هريرة»: «أنا أيضا قلت إنها مدسوسة من (جبهة النصرة) أو من (أحرار الشام). وبينما نحن ننتقل من حصار إلى حصار ويسقط منا (الشهداء)، كان تركي البنعلي يتولى موقع رئيس جهاز الحسبة في التنظيم، ويروج لتعليمات البغدادي للتهدئة مع المقاتلين السوريين والهدنة معهم رغم أنهم لم يجهروا بالبيعة لـ(الخليفة)».
جاء سؤال التحدي من «أبو هريرة» لـ«البنعلي»، حول تمسك الأول ومجموعته بتكفير الظوهري، رغم نهي كبار مستشاري البغدادي عن هذا الأمر في رسالة جرى تمريرها بين قادة وأتباع التنظيم منذ ربيع العام الماضي. ظلت الرسالة تتنقل عبر جبهات القتال دون أن يكون لها المفعول الذي يأمله مساعدو «الخليفة»، وأرادوا من ورائه، على ما يبدو، أن يقللوا من عدد الخصوم الذين يحاربونهم في العراق وسوريا.
يقول «أبو شعيب» إنه طوال أشهر من الحصار والجوع ومواجهة الموت أمام أسلحة أعداء التنظيم، استمر معظم من معنا في العناد، ولم يتعاملوا بجدية مع رسالة البغدادي، وعدوها بمثابة «بيان مدسوس»؛ لأن ما تتضمنه من كلمات وتحذيرات، وجدوا أنها مغايرة تماما لما سبق وتعلمه هؤلاء الفقهاء الصغار على أيدي منظري التنظيم، وما اطلعوا عليه من توجهات «الخليفة» المناهضة لنفوذ الظواهري.
يشرح «أبو هريرة» هذا الأمر بالقول إنه «منذ الربيع بدأت تنتشر رسالة من القادة.. وصلت إلينا في سوريا حين كنا ما زلنا هناك. قلنا إنها ليست حقيقية لأن ما فيها يتناقض تماما مع ما تعلمناه من أميرنا أيضا حين التحقنا بـ(داعش). لكن بعد عدة أشهر من الجدل والتشكك في الأمر، أخذ كبار المنظرين، ومنهم البنعلي يهددون المجموعات التي تقول إن الرسالة مدسوسة، ويهددون كل من يجهر بانتقاد الظواهري أو من يقولون بـ(تكفير العاذر) في المسائل الدينية الجوهرية مثل التوحيد، وكذا تم نبذ الذين يسألون عن حدود أخذ الغنائم ثم التنكيل بهم. هذه التهديدات وصلت للجميع تقريبا، سواء ممن يقاتلون في سوريا أو في العراق».
الخلافات الفقهية بشأن التكفير أو عدم التكفير لمن يعذر الجاهل بجهله وما يترتب على هذا الأمر من عمليات قتالية، كانت تتزايد بينما الحرب مستمرة. يوم آخر من الحصار في ريف دمشق. سيارات الدفع الرباعي المحملة بمدافع من عيار 14.5 مم و23 مم تثير الغبار، والقذائف تشعل النيران بينما ألسنة الدخان الأسود ترتفع من وراء الشجيرات القصيرة عبر المنحدر. هكذا يتذكر «أبو شعيب» ويضيف أن الشمس كانت هي الأخرى قد أخذت تصب الحر فوق الرؤوس. والمقاتلون لا يجدون الماء.
«أبو هريرة» من جانبه كان يقف خلف تلة صغيرة مع مجموعته التي يطلق عليها «الإخوة»، وهم بضع عشرات من زملائه من «داعش» معهم تسع سيارات مزودة بمدافع. محاصرون ومتحزمون بأشرطة الذخيرة في انتظار الفرج.
يقول «أبو هريرة»: «كنا وسط الحصار.. كنا نظن أن الدولة (يقصد: داعش) بنفس اعتقادنا، وأنها فعلا تكفِّر العاذر، ولكن عندها خرج بيان للدولة تقول فيه إنها لا تكفر الظواهري، وإنها ستعاقب من يكفره.. نحن عندها لم نصدق. قلنا ونحن نحمل البنادق ونحارب من أجل الخلافة: إن هذا القول يمكن القبول به في حالة واحدة، وهو أن يكون صادرا من جهة أخرى غير الدولة».
ويضيف: «ببساطة تجاهلنا البيان.. لكننا كنا أحيانا نتبادل الرأي حول هذا ونحن ما زلنا في منطقة الحصار في ريف دمشق، حتى ضاقت بنا السبل، وأتى أمر بانسحابنا إلى حدود الدولة (المقصود الانسحاب باتجاه مدينة الرقَّة، في شمال وسط سوريا). كانت عملية الانسحاب صعبة. وأخيرا وجدنا ثغرة. ضمدنا الجرحى وانطلقنا عبر التلال في اتجاه الرقة. في الحقيقة كنا نعلم أن هذا استدعاء من البنعلي، وأننا سندخل في حصار من نوع آخر من التفاسير الفقهية».
يبدو من الرسالة التي يتحدث عنها «أبو هريرة» و«أبو شعيب»، وتسببت، بمرور الوقت، في تغير مفاهيم كثير من مقاتلي التنظيم والفرار منه في الأسابيع الأخيرة، أنها جاءت بعد أن نَفِدَ صبر القادة المقربين من البغدادي تجاه من يروجون ضد الظواهري، في وقت كان فيه مندوبوه، ومن بينهم البنعلي، المعروف أيضا بلقب «أبو سفيان السلمي»، قد دخلوا في مفاوضات على التهدئة مع «جبهة النصرة» الموالية لـ«القاعدة»، وذلك بعد أن تعرض «داعش» العام الماضي لضربات موجعة على جبهات القتال مع مجموعات تابعة لـ«النصرة» وتيارات إسلامية أخرى، إضافة لقوات تابعة لنظام الرئيس بشار، إلى جانب خلافاتها مع بعض العشائر السورية.
ترفض رسالة البغدادي في لهجة صارمة كل من يروج للأقاويل التي انتشرت بين مجموعات «داعش» ضد «القاعدة»، ووصفت ما كان يقال عن هذا الأمر بـ«الإشاعات» و«الأراجيف»، ووصمت من يقوم بترويجها بـ«السفهاء» و«صناع الفتن». كانت الرسالة ضمن تيار عام يقوده زعماء «داعش» للجم المنتقدين الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم داخل صفوف التنظيم، خاصة في سوريا.
خرجت الخلافات بشأن الموقف من الظواهري لأول مرة، وفقا لشهادة «أبو شعيب»، حين جرى تسريب تسجيل صوتي مطلع العام الماضي يتحدث فيه فقهاء من «داعش» في الشام، ويظهر من فتاواهم أنهم يكفرون قادة تنظيم القاعدة. ويعتقد أن هذه الفتاوى جرى الاستناد عليها، في قتل وسيط الظواهري «الشيخ أبو خالد». ثم بعد ذلك انتشرت لقاءات المناظرات عن الأسرى وما يتوجب اتخاذه حيالهم وشرعية أخذ غنائم من عشيرة الشعيطات وأهالي مدينة البوكمال.
لم يتحرك مستشارو البغدادي بشأن واقعة التسجيل الصوتي وما فيه من فتاوى، إلا بعد أن تغيرت الظروف ضد التنظيم، وبدأت أصوات قوات سورية معارضة مهمة تتوعد بالانتقام لمقتل أبو خالد، وأصبح «داعش» يخسر على الأرض ويبحث عن حلفاء، خاصة حين بدأت تتشكل بين أبناء العشائر في سوريا والعراق ما يعرف باسم «الصحوات» التي تحاول مقاومة تمدد التنظيم الدموي على جانبي حدود البلدين، بينما كان المجتمع الدولي يضع اللبنات الأولى لتحالف يتولى توجيه ضربات جوية منتظمة لقواعد «داعش».
ولأنه لم تحدث استجابة لتعليمات «الخليفة» قام رجاله بعد ذلك بعدة أشهر بالتهديد والوعيد بشر العقاب لكل من يعيد مناقشة موضوع الموقف من «القاعدة» والأسرى والغنائم، ووصل التهديد إلى حد القتل. جرى تعميم منشور على أمراء المناطق، عبر العراق وسوريا، بأنه في حال ثبت أن أحد جنود الدولة (داعش) يروج لهذا الأمر ويشترك في ذلك النوع من المناظرات، فسيكون عبرة لغيره «كائنا من كان»، و«لا خير فينا إن لم نقم بذلك».
«أبو هريرة» و«أبو شعيب» كان يجري إعدادهما مع التونسيين الثلاثة، لكي يكونوا من قادة الخلافة في مناطقهم مستقبلا. كان البنعلي يمد هؤلاء الشبان بالكتب والمطويات والتنظيرات والفتاوى في معسكرات التدريب وعلى جبهات القتال. حين بدا أن هناك بوادر من جانبهم تشكك في رسالة الخليفة بشأن الظواهري، سارع البنعلي بإيفاد مندوب عنه للتحدث مع «هؤلاء الفقهاء الصغار».
يرفض «أبو هريرة» الكشف عن اسم الأمير الذي كان مسؤولا عن العمليات العسكرية الميدانية في «ريف دمشق». يكتفي بالإشارة إلى أن هذا الأمير كان يميل أيضا إلى موقفه وموقف «أبو شعيب» من مسألة التكفير ولا يأخذ التحذيرات المنسوبة للبغدادي بهذا الخصوص مأخذ الجد، وإن لم يعلن ذلك صراحة. وشارك الأمير في مناظرات بلدة «الدانا» واسمه موجود ضمن قائمة قدمها «أبو شعيب» لـ«الشرق الأوسط» لمن جرى إهدار دمهم بعد ذلك من قادة «داعش».
يواصل «أبو شعيب» حديثه عن البنعلي.. ويقول إنه حين علم بـ«هذه الخلافات الفقهية»، أرسل في طلبه هو والإخوة الذين معه للحضور إليه في الرقة، حيث كان هذا الشاب البحريني يقيم هناك مع مجموعة من المقاتلين وقادة من «داعش»، في ذلك الوقت، متخذين من المدينة الواقعة على ضفة نهر الفرات ما يشبه العاصمة الثانية لـ«دولة الخلافة». ويقول «أبو شعيب»: «بدأ التنظيم وقتها يتجسس علينا وعلى ما نقوله».
المشكلة، وفقا لـ«أبو هريرة»، لم تكن تتعلق فقط بموضوع رسالة «الخليفة» الخاصة بمنع تكفير تنظيم القاعدة، ولكنها كانت أكثر من ذلك، لأنها تمس أشخاصا يقاتلون في الصف نفسه معه على «الجبهة»؛ أي أن مسألة الجدل كانت تجري على مدار الساعة، ليلا ونهارا. ويشير لموضوع التجسس على مجريات هذا الجدل: «نعم.. كان هناك اثنان على الأقل ينقلان ما نقوله للقادة.. هما يؤمنان بصحة رسالة البغدادي ويتطيران من أي شخص ينكرها أو يشكك فيها.. كانا بمثابة جاسوسين يعملان ضدنا علانية دون خجل.. بعد ذلك خفت.. كنت أخشى التحدث أمامهما».
بمجرد خروج هذه المجموعة من حصار ريف دمشق، أصبح التنازع في الأمر أكثر حدة ويخيف.. يقول أحد التونسيين المنشقين: «شعرتُ أن الشابين المتعصبين للخليفة والرسالة المتداولة يمكن أن يحرضا الباقين لقتلنا. أحدهما عراقي يدعى (أبو سعيد) والآخر سوري يلقب بـ(أبو أحمد)». ويضيف: «كان شعورا مرعبا، أن يقتلك من تقاتل في صفه».
ويزيد قائلا إن هذين الشابين «كانا لا يكفِّران العاذر ويرفضان المناظرات.. يدوران ويروجان لأقوال (الخليفة). هذا يعني أن تكفير (القاعدة) أمامهما أو مناقشة أي قضية أخرى أصبح أمرا محظورا.. لهذا كنتُ، وباقي المجموعة، نرى أنهما كافران. هما، في المقابل، كان يبدو أنهما يفكران في الهجوم عليَّ. كنت أنا ومجموعتنا نخشى أن يبقى أي منا بمفرده أو يمشي بعيدا عن أنظار الآخرين، خوفا من الغدر».
بدأ الأمير المسؤول عن هذه المجموعات المتربصة ببعضها، يشعر بالقلق.. يقول «أبو شعيب»: «أميرنا، في ذلك الوقت، كان مثلنا غير قادر على استيعاب التحولات السريعة في مواقف التنظيم. قال لنا، وكأنه قد حل المشكلة، وكأنه يطمئننا إلى سلامة موقفنا وموقفه: سنأخذ الشابين معنا ونتحاجج هناك. والدولة هي التي تتصرف معهما. سنعرف لمن يتجسسان ولمن يعملان». يضيف «أبو شعيب»: «كنت أشعر بوجود متغيرات تحدث.. متغيرات كبيرة، وأن الطريق التي كنا نسير عليها تنحرف من تحت أقدامنا.. أنظر إلى أميرنا، وأقول إنه ما زال يظن أن (داعش) يقف ضد (القاعدة). أنا أقول لنفسي إنه يوجد خطر لكنني أطرد الهواجس وأعود لأحاول أن أضع قدمي على الطريق من جديد».
«أبو هريرة» يتذكر قائلا إنه «عندما وصلنا إلى الرّقة سبقنا هذان الشخصان (الجاسوسان) إلى تركي البنعلي، دخلا عليه أولا، وقالا له، وكأننا ارتكبنا جرما بحق التنظيم، معنا جماعة تكفِّر أيمن الظواهري، وتكفِّر العاذر وتعقد المناظرات.
وفي المساء أتانا البنعلي ليناقشنا عن العاذر، فهيأ نفسه، وأتى، فتلقيناه.. فجمعنا، وقال: (نريد النقاش في هذه المسألة). ومنذ تلك الليلة بدأت الحقائق تتكشف وحدها، ورغم دفعنا، بعد ذلك، في معارك بالعراق وسوريا لعدة أشهر، فإن مصداقية التنظيم تهاوت وأصبح الفرار منه مسألة وقت».



مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
TT

مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)

جدد انتشارٌ واسعٌ حققته حملةٌ لمقاطعة الأسماك في مصر تساؤلات حول جدوى حملات المقاطعة في خفض الأسعار، مع استمرار ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية، رغم التعهدات الحكومية بضبط الأسواق، وتوافر الدولار اللازم للاستيراد. وفيما أكد القائمون على الحملة ومتضامنون معها «نجاحها في جذب الكثيرين»، تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول شروط نجاح حملات المقاطعة وتأثيرها على الأسعار.

وقبل أيام انطلقت حملة لمقاطعة الأسماك من مدينة بورسعيد (شمال شرق مصر)، تحت عنوان «خليه يعفن»، وأكد مشاركون في الحملة انتقالها لمحافظات أخرى، وقال مؤسس الحملة سعيد الصباغ في اليوم الثالث للحملة (الثلاثاء) إن «الحملة قُوبلت باستجابة واسعة من المواطنين، وانتقلت إلى محافظات أخرى، منها السويس والإسماعيلية والإسكندرية والشرقية وبني سويف والدقهلية والغربية، وقام عدد من التجار بالفعل بتخفيض الأسعار نسبياً».

وأكد في تصريحات صحافية أن «سبب اختيار الأسماك لمقاطعتها، لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، كما أنها سريعة التلف مما سيساهم في نجاح الحملة».

وأعلن محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان تضامنه مع أهالي المحافظة، وتأييده لحملة المقاطعة، مؤكداً خلال جولة بالمحافظة، الاثنين، أنه «لن يدخل سوق السمك بالمدينة إلا بعد خفض الأسعار ونزولها لمستوى يجعلها في متناول المواطنين».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية أدت إلى موجة غلاء وارتفاع متواصل لأسعار معظم السلع، خصوصاً الأساسية، وتراهن الحكومة على المزيد من التدفقات الدولارية المرتقبة لتجاوز الأزمة.

وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، بعدما كان 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس (آذار) الماضي.

وحسب الجهاز «ارتفعت أسعار السلع على أساس شهري بنسبة 11.4 في المائة في فبراير، مقارنة بـ1.6 في المائة فقط في يناير، وقفزت أسعار المواد الغذائية 15.9 في المائة، مقارنة بـ1.4 في المائة في يناير».

وقلل الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس من تأثير حملات المقاطعة على خفض أسعار السلع بشكل عام، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون مقاطعة السمك فعالة بالوقت الراهن، لأنها سلعة سريعة العطب، لكن بعد ذلك، ستؤدي المقاطعة إلى خروج الكثير من التجار من السوق بسبب خسائرهم، وهو ما يعني عودة الأسعار إلى الارتفاع».

وحسب النحاس، فإن «مصر أصبحت تعاني مما يسمى (بوار السلع) بمعنى أن كثيراً من السلع لم تعد أسعارها في متناول معظم الناس، وهذا أدى إلى ركود تضخمي، حيث تكون السلعة متوافرة بالأسواق، لكنها فوق القدرة الشرائية لمعظم الناس، لذلك يكون تأثير حملات المقاطعة ضعيفاً».

وحققت حملة مقاطعة الأسماك انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وحرص الكثير من المشاركين على نشر صور لسوق السمك خالية من الزبائن للتأكيد على نجاح الحملة، وعلق حساب باسم «داليا أبو عمر» على منصة «إكس» قائلاً: «بورسعيد عاملة ملحمة والله ايه الحلاوة والعقل والنضج ده».

ودعا حساب باسم «أيمن عبدالسلام» إلى تفعيل الحملة في محافظات أخرى.

وتسابق مشاركون على منصة «إكس» بالإعلان عن انضمام محافظاتهم للحملة، وكتب حساب باسم «أحمد حافظ»: "اسكندراني اسكندراني... عندنا في سوق عمر باشا محطة مصر وسوق غيط العنب كرموز في ركود جامد في سوق السمك برغم قلة المعروض وفي أبو قير الستات بدأت المقاطعة في حلقة السمك زي محافظة بورسعيد، وسيدي بشر برضو في مقاطعة... خليها تعفن».

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد حنفي الانتشار الواسع لحملة مقاطعة الأسماك إلى ما وصفه بـ«حالة المقاطعة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في بورسعيد ليس حملة مقاطعة، لأن الحملة تكون أكثر تنظيماً وعلى مستوى وطني، لكنه حالة مقاطعة نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، وهذه الحالة يمكنها أن تتطور إلى حملة أكثر تنظيماً».

ورأى حنفي أن «حملات المقاطعة تكون فاعلة أكثر في السلع سريعة العطب أو التي لديها فترة صلاحية قصيرة، وهو ما حدث مع السمك»، مؤكداً أن «حملات المقاطعة المنظمة اجتماعياً يمكنها أن تؤدي إلى خفض أسعار السلع».

وتقول الحكومة المصرية إنها تتحرك مع المُصنعين والمُنتجين والتجار بهدف السيطرة على أسعار السلع الأساسية، واحتواء موجة الغلاء التي شهدتها البلاد على مدار الأشهر الماضية، كما قامت بتفعيل فرق عمل من مجلس الوزراء للتأكد من تطبيق خفض الأسعار بالسلاسل التجارية والسوبر ماركت للوقوف على حقيقة استجابة المصنعين والتجار لمبادرة خفض الأسعار.


مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
TT

مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، إسرائيل إلى «عدم اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح بقطاع غزة» التي لجأ إليها نحو 1.5 مليون فلسطيني فروا من الحرب الإسرائيلية. وأضاف شكري محذراً: «ينبغي أن تكون هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة في حال إقدام إسرائيل على هذه الخطوة، بما يعد رادعاً لها».

وتعهدت إسرائيل باقتحام رفح بهدف ملاحقة مقاتلي «حماس»؛ لكن العملية العسكرية المزمعة في البلدة الواقعة على الحدود المصرية أثارت قلقاً دولياً، بسبب وجود عدد ضخم من المدنيين.

وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، تكررت التحذيرات المصرية من اقتحام رفح الملاصقة للحدود المصرية. وقال شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيره الآيرلندي مايكل مارتن الذي يزور القاهرة: «نترقب وندعو لعدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات عسكرية في رفح... هذه أيضاً دعوة من الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي، لإدراك الجميع أن الأعمال العسكرية في منطقة تكتظ بالسكان المدنيين، حوالي مليون ونصف مليون، يترتب عليها مزيد من الضحايا من المدنيين، ومزيد من المعاناة، ومزيد من المحاولات لتصفية القضية من خلال التهجير. لا بد من أن نتعدى مجرد المطالبة اللفظية بذلك، وإنما يكون واضحاً أن هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة».

وأكد شكري ضرورة تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة؛ مشيراً إلى أهمية العمل على إدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع؛ مضيفاً أن «قطاع غزة أصبح غير قابل للعيش جراء الحرب الإسرائيلية».

وزيرا خارجية مصر وآيرلندا يترأسان جلسة مشاورات موسعة بين وفدي البلدين (الخارجية المصرية)

وشدد الوزير المصري على أنه «لا بديل لحل الصراع سوى تنفيذ حل الدولتين»، متوقعاً تصويتاً واسع النطاق بالجمعية العامة للأمم المتحدة على الخطوة المقبلة للاعتراف بدولة فلسطين، عضواً كامل العضوية.

ولفت إلى أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى عدم توفر الإرادة الحقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية. وأعلن الوزير شكري رفض التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، موضحاً أن معبر رفح -من الجهة المصرية- يعمل بصفة مستمرة منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دون توقف.

وأكد العمل مع الأمم المتحدة لتوفير أكبر قدر من المساعدات لقطاع غزة؛ مشيراً إلى أن تقرير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) دحض ادعاءات الاحتلال بتورط موظفيها في «أحداث 7 أكتوبر».

ولفت شكري إلى أن «أونروا» هي المنظمة الوحيدة القادرة على توزيع المساعدات بقطاع غزة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في قرار تعليق تمويل وكالة «الأونروا».

بدوره، وجَّه وزير خارجية آيرلندا مايكل مارتن الشكر إلى مصر على المساعدات التي قدمتها لرعايا بلاده، من أجل تيسير خروجهم من قطاع غزة، معبراً عن مخاوف كبيرة بشأن الموقف في القطاع.

وكشف مارتن عن أنه سيزور معبر رفح لـ«بحث إزالة العراقيل التي تحول دون إيصال المساعدات»، مؤكداً مواصلة تقديم مزيد من الدعم للشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال وكالة «أونروا».

وأشار إلى أن وكالة «أونروا» منظمة لا غنى عنها في عمليات إعادة الإعمار بقطاع غزة، عبر تقديم كثير من الخدمات، مثمناً الجهود المصرية بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً ضرورة الإفراج عن المحتجزين.

ولفت إلى أن «الاعتراف بدولة فلسطين خطوة في غاية الأهمية لدعم الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير، والوصول إلى حل الدولتين» معبراً عن «التطلع لمشاركة الجهود المصرية من أجل تعزيز خطة السلام، وتنفيذ حل مستدام قائم على حل الدولتين».


تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
TT

تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)

بينما كشفت منظمة دولية عن مقتل وإصابة عشرات الأطفال اليمنيين بالألغام والذخائر المتفجرة خلال العام الحالي، تحدث تقرير محلي عن وقوع مئات الأطفال ضحايا انتهاكات شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال خلال العامين الماضيين، وأسفرت عن وقوع قتلى وجرحى ومشوهين وتجنيد واستغلال جنسي واختطاف.

وقالت منظمة «حماية الطفولة» إن 28 طفلاً يمنياً قتلوا وأصيبوا في حوادث ألغام وذخائر متفجرة منذ بداية العام الحالي، كان آخرها الأسبوع الماضي الذي قتل فيه طفل في محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، وإصابة أربعة آخرين في الحديدة (غرب البلاد) والضالع (وسط)، داعية إلى حماية أطفال اليمن، وتوفير مستقبل أكثر أماناً لهم.

وذكرت المنظمة في تحليل بيانات لها حول مراقبة الأثر المدني والدراسات الاستقصائية للألغام والذخائر المتفجرة أن ارتفاعاً مقلقاً في الضحايا من الأطفال بسبب الذخائر المتفجرة في اليمن حدث ما بين يناير (كانون الأول) 2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2022، محذرة من الأثر المؤلم الذي تركته 8 سنوات من الحرب، إلى جانب عقود من الصراع التاريخي في اليمن.

خطر الألغام يحاصر الأطفال اليمنيين وشهد العام الحالي مقتل وإصابة 28 منهم وفق تقارير دولية (مسام)

من جهته كشف التحالف اليمني لرصد الانتهاكات عن حدوث 127 واقعة انتهاك، شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال، تعرض لها 157 ضحية بينهم 26 فتاة، بجانب قتلى ومشوهين، ومجندين، وضحايا عنف جنسي، ومختطفين، في تقرير لا يعكس عنف وبشاعة تلك الانتهاكات بصورة شاملة، بل يكتفي باستعراض الحالات التي استطاع توثيقها في فترة زمنية قصيرة.

ويستند التقرير على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول) 2023، ويرصد نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبتها أطراف النزاع كافة.

ومنذ أيام دشّنت الجماعة الحوثية معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، ونفذت حملات ترويجية واسعة، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط تحذيرات حكومية ومجتمعية من مخاطر هذه المعسكرات، واستغلالها لتجنيد الأطفال للقتال.

طفل يمني يحمل سلاحاً ويردد شعارات الجماعة الحوثية خلال مسيرة في العاصمة صنعاء تحت اسم مناصرة غزة (أ.ف.ب).

ويرصد تقرير التحالف اليمني لرصد الانتهاكات نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبت خلال فترة إعلان الهدنة بداية أبريل (نيسان) 2022، وحتى إعلان التوقيع على اتفاق مبادئ لإنهاء النزاع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويقدر التقرير أن ما يقارب 26 ألفاً و761 طفلاً تأثروا بفعل الهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية من طرف الجماعة الحوثية، بينهم 14 ألفاً و457 فتاة.

وبحسب التقرير؛ مثَّل القتل والتشويه الانتهاك الأكثر تسجيلاً بسبب الاستخدام المفرط للأسلحة، خصوصاً من الجماعة الحوثية؛ إذ شكلت الأرقام المحققة من ضحايا تجنيد الجماعة للأطفال أمراً صادماً، مرجعاً ذلك لاستغلالها الوضع الاقتصادي للأسر اليمنية بشكل لافت، إلى جانب دور الدعاية والإعلام في التأثير على الأطفال واستدراجهم.

وأكد أن الأرقام المتدنية لضحايا العنف الجنسي والاختطاف لا تعكس واقع الحال، بسبب خشية ضحايا هذا النوع من الانتهاك وعائلاتهم من العار الذي سيوصمون به في مجتمعهم حال الإفصاح عنه، إلى جانب العيش في حالة من الخوف والترهيب التي يكرَّسها الجناة على نفسياتهم، ما يمنعهم عن الاستجابة لعمليات التحقيق والتوثيق التي أجراها الباحثون.

ولم يحصل الضحايا كافة من الأطفال على العدالة، طبقاً للتقرير، بفعل عجز وانقسام آليات العدالة والمساءلة الوطنية الذي شجعت على مزيد من الهجمات ضد الأطفال، منوهاً إلى أن الحد من هذه الانتهاكات لن يتحقق إلا بوجود آليات للمساءلة الجنائية.

وأضاف التحالف أن أطفال اليمن كابدوا خلال تسع سنوات صنوفاً من الصراع والآلام، ووقعوا تحت جحيم حرب شُنت عليهم بلا هوادة، مشيراً إلى أنه استند في تقريره على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير وأكتوبر من العام الماضي.

آليات الحماية

طالب معدو التقرير الحكومة اليمنية الشرعية بالإسراع في إنشاء محكمة ونيابة حقوق الإنسان، ومنحها الاختصاص للنظر في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، وتمكين ودعم قدرات المنظمات المحلية بشكل واسع من قبل الوكالات والمنظمات الدولية المعنية بحماية الأطفال، لتقوم بدور مركزي في توثيق الانتهاكات، وتوفير الدعمين المادي والنفسي للضحايا من الأطفال.

وشدّد مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد الانتهاكات في حديث لـ«الشرق الأوسط» على عدم سقوط الانتهاكات بالتقادم، داعياً إلى عدم السماح لمرتكبيها بالإفلات من العقاب الذي يسمح لهم باستمرار جرائمهم، والتي لوحظ أنها لم تتوقف رغم توقف الأعمال العسكرية، إذ لا تزال الجماعة الحوثية تواصل تجنيد الأطفال وممارسة الأعمال العدائية بحقهم دون رادع.

وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، وصف أحد معدي التقرير، الانتهاكات التي وقعت بحق الأطفال خلال السنوات الماضية بجرائم الحرب التي امتدت لتشمل الحقوق كافة، وجميع مناحي الحياة.

طفلة يمنية بعمر العامين تعاني من سوء التغذية أثناء وزنها في أحد مستشفيات مدينة الحديدة (رويترز)

واتهم نجيب الشغدري الباحث في «تحالف رصد» الجماعة الحوثية بالمسؤولية عن غالبية الانتهاكات التي لحقت بأطفال اليمن، من خلال تعمدها تعريضهم لمختلف مخاطر الصراع، وتجنيدهم وإجبارهم على المشاركة في المعارك، وحرمانهم من التعليم والصحة والتغذية، والوصول إلى المساعدات الإنسانية، مطالباً المجتمع الدولي بالجدية والفاعلية لوقف تلك المعاناة.

وتأتي المعسكرات الصيفية التي تنظمها الجماعة الموالية لإيران هذا العام، بعد أشهر من استغلالها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين، أغلبهم من الأطفال، تحت اسم مناصرة الفلسطينيين، إلى جانب هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.


قطر: الهجوم على رفح سيؤثر سلباً في جهود خفض التصعيد

رجل فلسطيني ينتظر أخباراً عن ابنته إذ يبحث عمال الإنقاذ عن ناجين تحت الأنقاض في رفح إثر غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني ينتظر أخباراً عن ابنته إذ يبحث عمال الإنقاذ عن ناجين تحت الأنقاض في رفح إثر غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

قطر: الهجوم على رفح سيؤثر سلباً في جهود خفض التصعيد

رجل فلسطيني ينتظر أخباراً عن ابنته إذ يبحث عمال الإنقاذ عن ناجين تحت الأنقاض في رفح إثر غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني ينتظر أخباراً عن ابنته إذ يبحث عمال الإنقاذ عن ناجين تحت الأنقاض في رفح إثر غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

قال ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية اليوم (الثلاثاء)، إن بلاده بحاجة إلى إعادة تقييم في جهود الوساطة غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل في هذه المرحلة.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية القطرية، أن وزراء في حكومة إسرائيل أدلوا بتصريحات تتحدث بشكل سلبي عن الوساطة القطرية، موضحاً أن بلاده «تعمل على تقييم الوساطة بشكل مستمر، وتبحث عن جدية من مختلف الأطراف».

وتابع أنه لا يمكن أن يقبل أي طرف في المجتمع الدولي أن يحدث هجوم إسرائيلي في ظل الوضع الحالي في رفح، قائلاً: «يجب علينا جميعاً أن نعمل على وقف الهجوم على رفح».

وحذّر الأنصاري من أن «الهجوم على رفح سيؤثر سلباً في أي جهد في إطار خفض التصعيد»، حسبما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي».

وتابع أن قطر محبطة «من الهجمات المستمرة والمفتعلة على الوسطاء، خاصة قطر»، مشيراً إلى أن هناك حالة إحباط بشكل عام حيال عدم التوصّل لاتفاق حول غزة في رمضان أو في عيد الفطر.

من ناحية ثانية، أكد الأنصاري أنه «ليس هناك أي قرار تم اتخاذه بشأن وجود قادة (حماس) في الدوحة».

وأوضح أن جهود الوساطة ما زالت مستمرة، فلا مبرر لإنهاء وجود مكتب «حماس» في الدوحة، وقطر ملتزمة بجهود الوساطة، لكنها في مرحلة تقييم.

وتابع أن قادة «حماس» موجودون في الدوحة وليست هناك أي قيود على دخولهم أو خروجهم من الدوحة.


العليمي يطلب تشديداً دولياً لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
TT

العليمي يطلب تشديداً دولياً لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، على ضرورة التصدي الدولي للأسلحة الإيرانية المهربة إلى الجماعة الحوثية، في وقت عاد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مجدداً إلى مسقط، في سياق مساعيه لدعم خطة السلام التي يأمل أن تطوي صفحة الصراع في اليمن.

التحذيرات اليمنية من الأسلحة الإيرانية المهربة والمساعي الأممية من أجل السلام، جاءت بالتزامن مع إصرار الجماعة الحوثية على الاستمرار في التصعيد البحري ومهاجمة سفن الشحن، على الرغم من التنديد الدولي والضربات الغربية التي تلقتها.

وأفاد مكتب غروندبرغ في تغريدة على منصة «إكس» بأنه التقى في مسقط المتحدث باسم الجماعة الحوثية، وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام، كما التقى بمجموعة من كبار المسؤولين العُمانيين؛ حيث ناقشوا سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية لليمن، وضرورة خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع.

ويخشى المبعوث الأممي من عودة القتال على نطاق واسع بين القوات الحكومية اليمنية والجماعة الحوثية، في ظل الجمود الذي أصاب مساعيه الرامية لإبرام خريطة طريق للسلام، على أثر الهجمات الحوثية على سفن الشحن الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي أحدث إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، طلب غروندبرغ الفصل بين الأزمة اليمنية وبين قضايا الصراع الإقليمي في المنطقة، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن الجماعة المدعومة من إيران أكدت مضيها في الهجمات البحرية، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين.

تنسيق يمني- أميركي

وعلى وقع هذه التطورات شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الاثنين، على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية، وجميع الأنشطة التي تسهل للجماعة الحوثية مواصلة إجراءاتها الأحادية، والتربح من مصادر رزق اليمنيين.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله -في الرياض- سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن؛ حيث أفاد الإعلام الرسمي بأنه ناقش مع الأخير التعاون الثنائي ومستجدات الوضع اليمني، والتطورات الإقليمية والدولية، وسبل تنسيق المواقف المشتركة إزاءها.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن اللقاء تطرق «إلى هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية على سفن الشحن البحري وخطوط الملاحة الدولية، وتداعياتها الكارثية على الأوضاع المعيشية للشعب اليمني، وشعوب المنطقة، واقتصاداتها الوطنية».

وتحدث العليمي -حسب الوكالة- عن «تداعيات انتهاكات الميليشيات الإرهابية لحقوق الإنسان، وتقويضها المستمر لفرص السلام التي تقودها السعودية والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، بما في ذلك مماطلتها في تسهيل دفع مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لها بالقوة الغاشمة، واستمرار تصعيدها الحربي في مختلف الجبهات، وحصار تعز، وتحشيد الأطفال إلى معسكرات طائفية».

وجدد رئيس مجلس الحكم اليمني على أولوية دعم الحكومة، وتعزيز إصلاحاتها الاقتصادية والمالية والإدارية للوفاء بالتزاماتها الحتمية، واختصاصاتها الحصرية في احتكار السلاح وسلطة إنفاذ القانون، وفرض نفوذها على كامل التراب الوطني.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وكان رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، قد ناقش، الأحد، مع السفير الأميركي، خلال اتصال مرئي، مستجدات الأوضاع على المستوى المحلي والتطورات في المنطقة، ودعم المجتمع الدولي لجهود حكومته في مواجهة التحديات الاقتصادية، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في بلاده.

وتطرق الحديث إلى جهود الحكومة في توفير الخدمات، ورؤيتها لمواجهة التحديات الاقتصادية، والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسببت فيها الحوثيون، وتصعيد حربهم الاقتصادية ضد الشعب.

وأشار بن مبارك –وفق ما أورده الإعلام الرسمي- إلى مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والإجراءات الحكومية لاحتواء التداعيات الإنسانية الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وحربها الاقتصادية ضد اليمنيين. وقال إن حكومته «تعمل بجهد استثنائي وبشكل وثيق مع مجلس القيادة الرئاسي، لتلبية الاحتياجات الأساسية والخدمات».

أسلحة إلى الحديدة

ومع اتخاذ الجماعة الحوثية محافظة الحديدة وسواحلها منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن، أكد وزير الدفاع اليمني، محسن الداعري، أن النشاط العسكري في مواني المحافظة زاد بشكل أكبر مما كان عليه قبل اتفاقية استوكهولم مع الجماعة الحوثية.

وأشار إلى استمرار تهريب الأسلحة، ووصول سفن إيرانية من ميناء بندر عباس إلى مواني الحديدة، دون أي تفتيش أو رقابة أممية، وقال إن ذلك «يتطلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود للضغط على الميليشيا الإرهابية» في إشارة إلى الحوثيين.

وزير الدفاع اليمني مجتمعاً في عدن مع البعثة الأممية في الحديدة (أونمها) الخاصة بدعم اتفاق استوكهولم (سبأ)

وجاء حديث وزير الدفاع اليمني خلال لقائه في مدينة عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة لليمن، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) الجنرال مايكل بيري، والوفد المرافق له.

ونقل الإعلام الحكومي أن الوزير الداعري أشاد بالجهود التي تبذلها البعثات والمنظمات الأممية والإنسانية في مختلف المجالات، ومنها بعثة «أونمها» في الحديدة، مؤكداً تذليل الحكومة كافة الصعوبات أمام البعثات والمنظمات، لتمكينها من أداء مهامها بكل سلاسة.

وقال الداعري: «إن ميليشيا الحوثي الإرهابية لم تفِ بأي جزء من اتفاق استوكهولم، كعادتها في نقض العهود والمواثيق، في ظل تراخي المجتمع الدولي في إلزامها بتطبيق الاتفاق»، واتهم الجماعة بأنها «استغلت الاتفاق لتجعل الحديدة منطلقاً لتهديد الملاحة البحرية، واستهداف السفن التجارية والنفطية».

كما أشار وزير الدفاع اليمني إلى «ضحايا الألغام من المدنيين الذين يسقطون بشكل شبه يومي، نتيجة للألغام الكثيفة التي زرعتها الميليشيا الحوثية الإرهابية في مختلف المناطق؛ بخاصة في الحديدة».


21 ألف نازح يمني تضرّروا من الأمطار والسيول

الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
TT

21 ألف نازح يمني تضرّروا من الأمطار والسيول

الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)

أظهرت إحصائية حكومية في اليمن أن الأمطار الغزيرة والسيول الناتجة منها تسببت خلال يومين في أضرار لحقت بنحو 21 ألف شخص من سكان مخيمات النزوح، أكثر من نصفهم في محافظة الجوف، في حين توفي أربعة أشخاص نتيجة لذلك، كما تضرر عدد من المنازل والطرقات في محافظتي حضرموت والمهرة.

ووفق مصادر محلية، فإن السيول المتدفقة أدت إلى قطع الطرقات، وأن المسافرين في المناطق الصحراوية بين محافظتي مأرب والجوف تقطعت بهم السبل، وكذلك في المناطق الواقعة بين محافظتي مأرب ومحافظة حضرموت، حيث جرفت السيول ثلاثة أفراد من أسرة واحدة كانوا في طريقهم إلى محافظة مأرب لينضموا إلى أحد الأشخاص كانت السيول قد جرفته في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.

السلطات اليمنية أعادت فتح طريق سيئون - تريم في حضرموت (إعلام حكومي)

بدورها، ذكرت الوحدة الحكومية المسؤولة عن إدارة مخيمات النازحين في اليمن، أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها والتي شهدها عدد من محافظات البلاد منذ الجمعة الماضي نتيجة الحالة المدارية ألحقت أضراراً بـ3039 أسرة نازحة، في محافظات الجوف وحضرموت وأبين والضالع وشبوة.

في حين أكدت مصادر محلية أن هؤلاء النازحين باتوا في العراء بعد جرف الخيام التي كانوا يعيشون فيها، بينما لم تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى مواقعهم نتيجة قطع الطرقات، كما أن عدم وجود مخزون للمواد الإغاثية في مناطق قريبة من الموقع لا يزال يحول دون تحرك المنظمات الإغاثية وتقديم المساعدات اللازمة لأكثر من 11 ألف نازح تضرروا من السيول.

الجوف الأكثر تأثراً

وبيّنت وحدة إدارة مخيمات النازحين في تقريرها أن أكثر الأسر النازحة تضرراً كانت في مخيم الغران الشمالي الواقع في منطقة الريان بمديرية خب والشعف في محافظة الجوف، حيث تضرر نحو 1700 أسرة.

وذكرت أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على كل من سيئون والمكلا والعبر بمحافظة حضرموت، ألحقت أضراراً بنحو 800 أسرة نازحة في مخيمات مريمة ومدودة وحوش العيدروس بويش، كما تضررت 458 أسرة في مخيمات النزوح في مديرية زنجبار بمحافظة أبين، و31 أسرة في مديرية بيحان بمحافظة شبوة، بالإضافة إلى 50 أسرة في محافظة الضالع.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وبحسب تقرير الوحدة، فإن الأمطار الغزيرة والفيضانات تسببت بتدمير 431 مأوى للنازحين بشكل كلي، و1.808 مآوٍ دٌمرت بشكل جزئي، كما أتلفت المؤن الغذائية بشكل كلي لـ431 أسرة، وجزئي لـ1.808 أسر، والمستلزمات غير الغذائية لـ481 أسرة كلياً و1.758 جزئياً.

وناشدت الوحدة المعنية بالنازحين، المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية إلى التدخل العاجل لتقديم المساعدات الطارئة للأسر المتضررة في هذه المحافظات، ووضع خطط مستقبلية بالتعاون مع السلطات المحلية لإيجاد مواقع آمنة لمخيمات النازحين بعيداً عن مصبات السيول، والعمل على إنشاء واعتماد آليات دائمة وفعالة لمواجهة التغير المناخي.

من جهته، أكد وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء رئيس لجنة الطوارئ، عامر العامري، أن اللجنة تعاملت مع كل البلاغات المرفوعة لها من اللجان الفرعية بالمديريات طوال أيام المنخفض، ولا تزال اللجنة في حالة انعقاد دائم.

ونُقل عن العامري القول إن الجهات المختصة عملت وبشكل مستمر ووفق الإمكانيات المتاحة على فتح الطرق والرفع بالمسارات البديلة في حالة الانقطاع الكامل، وأكد عدم وجود أي بلاغات عن خسائر في الأرواح، مبيناً أن هناك خسائر وأضراراً مادية في الطرقات والمزارع والبنية التحتية تعمل اللجان على حصرها والرفع بها ليتم العمل عليها وفق الخطط العاجلة، وكذا طويلة الأمد.


انقلابيو اليمن ينزفون في الجبهات رغم التهدئة العسكرية

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون في الجبهات رغم التهدئة العسكرية

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع رصد تقارير يمنية مقتل ما يزيد على 917 عنصراً حوثياً في جبهات قتالية عدة خلال العام الماضي، رغم التهدئة الميدانية، أقرت الجماعة أخيراً بمقتل 12 عنصراً ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة خلال أسبوع واحد، وذلك بالتزامن مع استمرارها في شن الهجمات المتكررة على قوات الحكومة اليمنية.

ووفق ما أوردته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» شيعت الجماعة خلال الأيام القليلة الماضية 12 عنصراً من مقاتليها، منهم 9 قتلى ينتحلون رتباً عسكرية تنوعت بين «لواء ورائد، ونقيب، وملازم ثانٍ، ومساعد».

تجمع مسلح لأنصار الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

وشيعت الجماعة في صنعاء قتلاها، وهم يحيى عبد الله المؤيد، وعبد الله شاجع، وحمود الشامي، وخالد عقلان، وسامي الظاهري، كما شيعت في محافظة ذمار كلاً من محمد أحمد زيد، ومحمد حسين المطري، ومحمد أحمد حاتم. وفي مديرية بني حشيش بريف صنعاء شيعت الجماعة عبد الكريم حسين النجار.

بينما شيعت الجماعة في معقلها الرئيسي حيث محافظة صعدة القيادي أحمد ناصر حسن العياني وينتحل رتبه عميد، وعمار مسعود الحويلي وينتحل رتبة رائد، كما شيعت بمحافظة عمران بسام مجاهد الذيب المنتمي إلى مديرة خمر بنفس المحافظة.

ولم تذكر الجماعة تفاصيل عن كيفية مقتل عناصرها، إلا أن مصادر عسكرية يمنية ترجح مقتلهم على أيدي قوات الجيش اليمني في جبهات تعز ومأرب والساحل الغربي.

ويعد أحمد ناصر العياني المكنى «أبو طه الصنعاني» أحد أبرز القيادات العسكرية الحوثية، والمنتمي لسلالة زعيم الجماعة، وينحدر من منطقة الشعف في مديرية ساقين محافظة صعدة، حيث أوكلت إليه عدة مهام ميدانية وعسكرية من أبرزها تعيينه نائباً لمدير الاستخبارات في صعدة، وعين مؤخراً في وحدة الدفاع الجوي والطيران المسير التابعة للجماعة.

خسائر متواصلة

وبينما تستمر الجماعة الحوثية في عمليات دفن وتشييع قتلاها بمختلف المدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها، لا تزال تزج بشكل يومي بالعشرات من أتباعها المغرر بهم إلى الجبهات تزامناً مع تنفيذها لعمليات تعبئة وتجنيد قسرية في عموم مناطق سطوتها.

معرض سابق أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية واحدة في صنعاء (الشرق الأوسط)

وتعمد الجماعة الحوثية إلى تنظيم مواكب تشييع لقتلاها إلا أنها تتكتم على الأعداد الحقيقية لعناصرها الذين فقدتهم طيلة السنوات التي أعقبت انقلابها وحروبها بمختلف الجبهات، كما تتحفظ على الإفصاح عن الأماكن التي لقي فيها مُقاتلوها ومُشرفوها وكبار قادتها الميدانيين مصرعهم.

وكانت تقارير محلية قد كشفت في أوقات سابقة، عن تكبد الجماعة الحوثية خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 75 قتيلاً بينهم قادة ومشرفون ميدانيون في جبهات عدة.

وتوزع القتلى الذين شيعت الجماعة جثامينهم على صنعاء وريفها بنحو 20 قتيلاً، ومحافظة ذمار بعدد 16 قتيلاً، وإب بنحو 9 قتلى، وصعدة بعدد 8 قتلى، وعمران وحجة بنحو 5 قتلى لكل منهما، كما شيعت الجماعة في الحديدة جثامين 4 من قتلاها، وجثامين 3 آخرين في المحويت.

وكانت وحدة المتابعة والرصد في تلفزيون «اليمن اليوم»، قد كشفت في تقرير سابق عن مقتل أكثر من 917 حوثياً في جبهات عدة، في الفترة من 1 يناير 2023، وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، ومن بين القتلى 608 عناصر منحتهم الجماعة رتباً عسكرية.

وأفاد التقرير بأن 6 عناصر من القتلى مُنحوا رتبة لواء، بينهم قتيلان زعمت الجماعة أنهما لقيا حتفهما على أيدي مجهولين، وآخران ذكرت أنهما توفيا بعد صراع مع المرض إثر إصابات سابقة تعرضا لها في الجبهات، وسط اتهامات بتصفيات بينية.

جانب من تشييع قتلى حوثيين في صعدة معقل الجماعة (إعلام حوثي)

كما أورد أن من بين القتلى نحو 23 ينتحلون رتبة عقيد، و31 رتبة عميد، و47 رتبة مقدم، و62 رتبة رائد، و76 رتبة نقيب، و175 رتبة ملازم أول، و137 برتبة ملازم ثانٍ، و51 برتبة مساعد، وبقية الحصيلة بعدد 309 قتلى من دون رتب عسكرية.

وتوزع أغلبية قتلى الجماعة - وفق التقرير- على صنعاء وريفها ومحافظات صعدة وحجة وذمار وإب وعمران والحديدة وتعز والجوف، بينما الأقلية منهم توزعوا على محافظات البيضاء والمحويت وريمة ومأرب.

وطبقاً للتقرير، فإنه رغم التهدئة الميدانية المستمرة للسنة الثالثة، فإن الجماعة مستمرة في التصعيد بمختلف الجبهات، حيث تواصل تقصف مخيمات النازحين ومنازل المدنيين قرب خطوط التماس.


الحوثيون... ربع قرن من تخريج المتطرفين عبر المخيمات الصيفية

أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون... ربع قرن من تخريج المتطرفين عبر المخيمات الصيفية

أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)

قبل ربع قرن تقريباً بدأت محافظة صعدة اليمنية احتضان المخيمات الصيفية المذهبية للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن، ومثلت هذه المخيمات البذرة التي نبتت منها حركة الحوثيين التي تحولت بعد 11 عاماً من ذلك التاريخ إلى حركة تمرد مسلحة ضد السلطة المركزية، وأدت أسباب داخلية وخارجية إلى تمكينها من الاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء بعد 10 أعوام من بداية التمرد.

هذا التاريخ يفسر استماتة الحوثيين لإقامة المخيمات الصيفية حتى اليوم، وتمويل برامجها والعاملين فيها، وتوجيه كل إمكانات ومؤسسات الدولة في مناطق سيطرتهم لخدمتها، في حين أن المعلمين في مدارس التعليم مرغمون على العمل منذ 8 أعوام دون مرتبات، ويفرض على الطلبة دفع تكاليف الكادر الإداري الذي فرضه الحوثيون في المدارس للإشراف على إحداث تغيير مذهبي في تلك المناطق.

مراهقون من خريجي المخيمات الصيفية الحوثية في جبهات القتال (إعلام حوثي)

ففي عام 1991، وبينما كان الاستقطاب السياسي في قمته بين الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله وحزب «الإصلاح» حليفه الموثوق، ونائبه حينها علي سالم البيض والحزب الاشتراكي وحلفائه من جهة، سمح بإقامة ما سمي حينها «منتدى الشباب المؤمن»، وهي حركة هدفها الواضح هو إحياء المذهب الزيدي بما فيه من نصوص تحصر حق الحكم في السلالة التي ينتمي إليها الحوثي، وكانت تحكم شمال البلاد قبل الانقضاض عليها في ستينات القرن الماضي.

بداية التوسع

إلا أن محمد عزان وهد أحد مؤسسي «منتدى الشباب المؤمن» يحاول نفي العلاقة بين المنتدى وحركة الحوثي، قبل أن يعود ليقر في مضامين تصريحاته أن المخيمات الصيفية كانت الأرض الخصبة التي عمل الحوثيون داخلها ومن ثم تحويلها إلى حركة مسلحة بعد 10 أعوام من بداية هذه المخيمات.

ويبيّن عزّان أنه وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي عقب توحيد اليمن أتيحت للناس مساحة أوسع من حرية الحركة فنشأت مجموعة ما يعرف بـ«منتدى الشباب المؤمن» كحركة ثقافية تربوية تهتم بالشباب، وتسعى لتقديم رؤية معاصرة للموروث الديني بشكل عام والمذهب الزيدي بشكل خاص، ولم يكن لبدر الدين الحوثي والد زعيم الجماعة، ولا لابنه حسين مؤسس الجماعة علاقة بالمشروع، وكان كل ذلك قبل ذهابهما إلى إيران.

المراهقون اليمنيون يتلقون تعبئة متطرفة وتدريباً حوثياً على استخدام الأسلحة (إعلام حوثي)

ويذكر عزان أنهم في عام 1991 أقاموا دورة صيفية لعدد محدود من الملتحقين، تبعتها في الأعوام التالية دورة صيفية ثانية فاقتها من ناحية الإعداد والتجهيز وعدد الملتحقين، ثم توالت الدورات الصيفية، وكان كل عام يشهد تطوراً ملحوظاً عن الذي سبقه، حيث ترتب عن ازدياد حجم الملتحقين عن طاقة الاستيعاب فتح فروع في عدد من مناطق محافظة صعدة كمرحلة أولى، ثم المحافظات المجاورة كمرحلة تالية.

انتماء سلالي

ويؤكد مسؤول سابق في المخابرات اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية المشاركين في الدورات الصيفية كانوا من أبناء الأسر التي تشترك مع الحوثيين في الانتماء السلالي، وتؤمن بحصر الحكم في هذه السلالة، ويقول إن هذا تبين بعد ذلك حينما حاول بعض قادة «منتدى الشباب المؤمن» الاستحواذ على المنتدى، وعدم الالتزام بأحقية الجماعة في الحكم، حيث تمكن حسين الحوثي من السيطرة على المنتدى وإدارته.

ويضيف المسؤول أن عزان ومعه عبد الكريم جدبان (اغتيل عقب اقتحام الحوثيين صنعاء) يقولان للسلطات إنهما يريدان تقديم فهم جديد للمذهب الزيدي بعيداً عن أحقية سلالة معينة بالحكم.

لكن الواضح - وفق المسؤول - أن أغلب المشاركين في المخيمات هم من هذه السلالة، وكانوا يرسلون أبناءهم من المحافظات الأخرى وحتى من خارج البلاد، إلى المخيمات أو من سكان مناطق محافظتي صعدة وحجة الذين كانوا لا يزالون تحت سيطرة الفكر الإمامي، وعليه كان من السهل على حسين الحوثي في 2001 السيطرة على المنتدى.

في حين يقطع الحوثيون رواتب المعلمين منذ 8 سنوات يسخرون كل الإمكانات للمخيمات الصيفية (إعلام حوثي)

ووفق ما ذكره المسؤول فإن رجال أعمال من صعدة ومن سلالة الحوثي كانوا يتحملون نفقات هذه المخيمات، ذلك أن أغلب التجار في صعدة كانوا يعملون في تجارة الأسلحة أو المبيدات، وأن هؤلاء تحولوا فيما بعد إلى مزودين للجماعة بالأسلحة، حيث ظلت محافظة صعدة تحتفظ بسوق شهيرة لبيع الأسلحة علناً بمختلف أنواعها، وأن حكم الرئيس صالح دعم لاحقاً هذه المخيمات، لكن عزان يقول إن المبلغ كان متواضعاً.

وعن أسباب الاهتمام الكبير من الحوثيين بهذه المخيمات حالياً يقول اثنان من المسؤولين في قطاع التعليم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين ورغم تغيير المناهج الدراسية وفرض رؤيتهم المذهبية في تلك المناهج لكنهم يدركون أن طاقم المعلمين في المدارس العامة والأهلية يبينون لطلابهم زيف ما هو موجود في المقررات الدراسية.

ولهذا تركز الجماعة على المخيمات الصيفية؛ لأن المعلمين من عناصرها العقائديين، وهم من يضعون ما يدرس في تلك المخيمات، كما أن الملتحقين فيها هم من المراهقين من طلاب التعليم الأساسي الذين يمكن التأثير فيهم.

الحوثيون متهمون بتجنيد آلاف الأطفال في اليمن (رويترز)

ويبين المسؤولان أن هناك عزوفاً كبيراً عن الالتحاق بهذه الدورات رغم محاولة الحوثيين ووسائل إعلامهم تضخيم الأعداد، ويشيران إلى أن غالبية المنتظمين في هذه الدورات التي تشمل جانباً نظرياً وآخر عسكرياً هم من الأسر التي تنتمي لسلالة الحوثيين، وهذه الأسر تجبر أطفالها على الالتحاق وتشجعهم.

ونبه المسؤولان إلى أن ذلك يشكل خطراً على المدى البعيد؛ لأنه سيؤدي إلى وجود تشكيلات سلالية متطرفة معبأة فكرياً ومدربة عسكرياً.


هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
TT

هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

صدم هول المقابر الجماعية التي بدأت تتكشف في قطاع غزة أسراً تبحث عن مفقوديها، وتحدث عاملون بالقطاع الطبي عن العثور على الجثامين في «مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، ورصدوا علامات على أنها «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». كما أشاروا إلى احتمالية العثور على مزيد من الضحايا.

وأكد عاملون بالدفاع المدني في غزة، (الأحد)، إخراج عشرات الجثث لأشخاص دُفنوا بعد قتلهم بأيدي القوات الإسرائيلية في مستشفى «مجمع ناصر الطبي» في خان يونس جنوب غزة.

وحتى مساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، باستخراج «جثامين 190 شهيداً، من مقبرة جماعية بمجمع ناصر الطبي بعد انسحاب الاحتلال من خان يونس». وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني فقد عُثر على الجثث «منزوعة الملابس» و«قد تحلل» معظمها في باحة مجمع ناصر الطبي.

فلسطيني يفحص يوم الأحد جثمان إحدى ضحايا المقابر الجماعية في خان يونس (د.ب.أ)

وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 34 ألفاً و97 قتيلاً، فضلاً أكثر من 76 ألف مصاب.

وقال المتحدث باسم «الدفاع المدني» في غزة، محمود بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «فوجئنا بأن هناك مقابر جماعية داخل مجمع ناصر الطبي أقامها الاحتلال الإسرائيلي... فوجئنا أمس بوجود 50 شهيداً في إحدى الحفر».

وأشار بصل إلى وجود علامات على أن الجثث «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». وأضاف أن هناك «جثثاً (...) في مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، مؤكداً تواصل عمليات انتشال الجثامين، واحتمالية زيادة عددها.

عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية يوم الأحد في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)

وشهد محيط «مجمع ناصر» منتصف فبراير (شباط) الماضي قتالاً عنيفاً، وحاصرته الدبابات الإسرائيلية في 26 مارس (آذار).

من جهتها، قالت حركة «حماس»، في بيان، إن العثور على «المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي... يؤكد من جديد حجم الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي».

وأشارت مصادر صحافية، «وكالة الأنباء الفلسطينية»، إلى «وجود نحو 500 مفقود بمجزرة خان يونس، واختفاء نحو 2000 مواطن بعد انسحاب قوات الاحتلال من مناطق عدة في القطاع».

ولفتت إلى أن «الجثامين تعود لمواطنين من مختلف الفئات والأعمار، قتلتهم قوات الاحتلال في أثناء اقتحامها المجمع، ودفنتهم بشكل جماعي داخله». وأكدت أن العدد الأكبر من ضحايا المقابر الجماعية، واقتحام المستشفيات «من النساء والأطفال، حيث تتعمد قوات الاحتلال إلى جرف عشرات الجثث ودفنها قبل انسحابها من أي منطقة في القطاع» بحسب الوكالة.

تصعيد

وعلى صعيد ميداني، كثّف الجيش الإسرائيلي، (الأحد) من غاراته الجوية وقصفه المدفعي على مناطق مختلفة من غزة، وتحديداً المناطق الجنوبية، وفي رفح (أقصى جنوب القطاع) أفاد شهود عيان «وكالة أنباء العالم العربي» بـ«مقتل 8 مواطنين منهم 8 أطفال وامرأتان في غارات إسرائيلية استهدفت منزلين، كما استهدف قصف آخر منزلاً شرق رفح؛ ما أسفر عن سقوط 5 ضحايا، بينهم أطفال».

وأفاد شهود عيان بأن غارة إسرائيلية استهدفت أرضاً زراعية تؤوي نازحين في منطقة خربة العدس شمال رفح؛ ما أدى لوقوع عدد من الإصابات تم نقلها لـ«مستشفى غزة الأوروبي»، كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة على منزل جنوب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.

وكذلك استهدفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية تؤوي نازحين في حي تل السلطان غرب المدينة؛ ما أدى لمقتل 10 مواطنين، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، كما أدى القصف لانهيار في منازل مجاورة للمنزل المستهدف. كما استهدف قصف إسرائيلي شقة سكنية بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح؛ ما أسفر عن مقتل سيدة وطفلتها وزوجها.

الدخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية يوم الأحد على رفح جنوب غزة (رويترز)

وفي مدينة خان يونس، استهدف قصف إسرائيلي خياماً تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس؛ ما أدى لمقتل مواطنَين اثنين وإصابة 10 آخرين.

وبحسب شهود عيان يتواصل القصف الإسرائيلي الذي يستهدف مراكز إيواء وخيام نازحين ومنازل المواطنين المأهولة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأفاد شهود عيان بمقتل طبيب وإصابة نجله بجراح خطرة جراء قصف إسرائيلي استهدف عيادته في مخيم البريج وسط قطاع غزة، كما قُتل مواطنان في قصف استهدف محيط «مدرسة أبو حلو» وسط المخيم.

وفي شمال قطاع غزة تتواصل الاستهدافات الإسرائيلية كذلك من خلال الطيران الحربي والقصف المدفعي لمناطق مختلفة في مدينة غزة وشمال القطاع.

ضوء أخضر

إلى ذلك، أدانت «حماس»، يوم الأحد، إقرار مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 13 مليار دولار، عادّة أنّ واشنطن أعطت الدولة العبرية «الضوء الأخضر» لمواصلة «العدوان» على الفلسطينيين.

ورحّبت إسرائيل، (السبت)، بالمساعدة المالية الجديدة التي صوّت عليها الكونغرس الأميركي، على الرغم من التوترات التي تشهدها مع واشنطن أقوى حليف لها، والناجمة عن التحذيرات الأميركية المتزايدة بشأن مصير المدنيين في غزة.

وأدت غارات إسرائيلية إلى مقتل 48 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع حتى صباح الأحد، حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وفي الضفة الغربية المحتلة تصاعدت أعمال العنف بموازاة مقتل فلسطينيَّين اثنين برصاص القوات الإسرائيلية (الأحد)، وفق وزارة الصحة في رام الله.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن قواته قامت بـ«تحييدهما» بعد تعرّض جنود لإطلاق نار قرب بلدة بيت حانون بجنوب الضفّة.

وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد (السبت) بأنّ 14 شخصاً قُتلوا في عملية عسكرية إسرائيلية بدأت مساء الخميس في مخيّم نور شمس قرب طولكرم في الضفة الغربية.

مساعدات

من جهة أخرى، نفّذت القوات المسلحة الأردنية، (الأحد)، 8 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وإغاثية بمشاركة دول عدة استهدفت عدداً من المواقع في شمال قطاع غزة. ووفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، شاركت في عملية الإنزال طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، و4 طائرات تابعة للولايات المتحدة الأميركية، وطائرة تابعة لمصر، وطائرة تابعة لألمانيا، وطائرة تابعة لبريطانيا.

مساعدات غذائية تم إسقاطها يوم الأحد فوق قطاع غزة (رويترز)

وأكدت القوات المسلحة الأردنية أنها مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية والطبية عبر جسر جوي لإيصالها من خلال طائرات المساعدات من مطار ماركا باتجاه مطار العريش الدولي، أو من خلال عمليات الإنزال الجوي على قطاع غزة، أو قوافل المساعدات البرية، لمساعدة الأهل في قطاع غزة على تجاوز الأوضاع الصعبة.

وطبقاً للوكالة، ارتفع عدد الإنزالات الجوية التي نفّذتها القوات المسلحة الأردنية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 86 إنزالاً جوياً أردنياً، و203 إنزالات جوية نُفّذت بالتعاون مع دول عربية وأجنبية.

وعلى صعيد قريب، شددت مصر مجدداً على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. وحذرت من «توسيع دائرة العنف في المنطقة». وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن «استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وزيادة وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية والممارسات الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية يزيدان من مخاطر تفجّر الأوضاع في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وأجرى شكري مباحثات في القاهرة، (الأحد)، مع مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، في إطار جولة إقليمية تشمل مصر والأردن.

من جانبها، أعربت المقررة الأممية عن أسفها واستنكارها لعدم قدرتها على القيام بزيارة ميدانية لقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث «حال الرفض الإسرائيلي دون إتمام مهمتها».


مسؤول أممي يدعو إلى تجنب التصعيد في الضفة الغربية

المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
TT

مسؤول أممي يدعو إلى تجنب التصعيد في الضفة الغربية

المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)

عبر المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، اليوم (الأحد)، عن القلق البالغ إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية، ودعا إلى وقف عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وقال وينسلاند عبر منصة «إكس»: «يجب أن نتجنب المزيد من التصعيد، ويجب أن تتوقف الهجمات على المدنيين، بما في ذلك عنف المستوطنين».

وأضاف المنسق الأممي: «مع استمرار الحرب في غزة وتصاعد الاضطراب الإقليمي، فإن استقرار الضفة الغربية ضروري للحفاظ على احتمالات السلام».

كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعني بالأراضي الفلسطينية قد دعا أمس إسرائيل إلى وضع حدّ لما وصفه بالاستخدام «الممنهج للقوة المفرطة» في الضفة الغربية، وذلك بعد مقتل 14 فلسطينياً في عملية عسكرية إسرائيلية استمرت ثلاثة أيام في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم في الضفة الغربية.

كما نقل موقع «أكسيوس» عن ثلاثة مصادر أميركية أمس قولها إنّه من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال أيام فرض عقوبات على وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي فيما يتصل بانتهاكات لحقوق الإنسان في الضفة الغربية.

وبحسب المصادر، التي وصفها الموقع بالمُطّلعة، فإن العقوبات التي من المتوقع أن تستهدف كتيبة «نيتسح يهودا» ستحظر عليها وعلى أعضائها تلقي أي تدريب أو مساعدة عسكرية أميركية.