ليبيا: نزاع بين حكومتي {الوحدة} و{الاستقرار} حول النفط

«أوشن فايكينغ» تنقذ 94 مهاجراً قبالة سواحلها

مهاجرون في مدينة مصراتة يوم الأحد بعدما أعيدوا إلى ليبيا إثر فشلهم في عبور المتوسط إلى أوروبا (أ.ب)
مهاجرون في مدينة مصراتة يوم الأحد بعدما أعيدوا إلى ليبيا إثر فشلهم في عبور المتوسط إلى أوروبا (أ.ب)
TT

ليبيا: نزاع بين حكومتي {الوحدة} و{الاستقرار} حول النفط

مهاجرون في مدينة مصراتة يوم الأحد بعدما أعيدوا إلى ليبيا إثر فشلهم في عبور المتوسط إلى أوروبا (أ.ب)
مهاجرون في مدينة مصراتة يوم الأحد بعدما أعيدوا إلى ليبيا إثر فشلهم في عبور المتوسط إلى أوروبا (أ.ب)

طالب فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، سكان منطقة الهلال النفطي بضرورة «استئناف تصدير النفط»، بينما أعلنت «حكومة الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة أنها على وشك إبرام اتفاق في الاتجاه نفسه «لاستئناف الإنتاج خلال أيام»، فيما وصف رئيس «الوحدة» مؤسسة النفط بـ«البقرة الحلوب» بالنسبة إلى الليبيين.
وقال باشاغا الذي اجتمع في مدينة البريقة بشرق البلاد مع ممثلين عن أهالي منطقة الهلال النفطي، إنه يتفهم وجهة نظرهم في إغلاق النفط، معلناً تأييده حرصهم على «عدم العبث بثروة الليبيين». وبعدما تعهد بعدم السماح بالفساد واستخدام عوائد النفط لأغراض سياسية، وتصعيد الوضع العسكري من خلال «شراء الذمم»، طالب باشاغا باستئناف ضخ النفط لعدم التأثير السلبي على المركز المالي الليبي. وقال إن حكومته «تستهدف رفع القدرة الإنتاجية للنفط إلى مليوني برميل يومياً، خلال عام في حال وفرنا الإمكانيات لمؤسسة النفط»، مشيراً إلى أنه «سيقدم الميزانية لمجلس النواب خلال أيام».
لكن الأهالي أعلنوا مع ذلك استمرار إغلاق الموانئ والحقول النفطية وطالبوا في بيان، بحضور باشاغا، بإيقاف إنتاج النفط على مستوى ليبيا حتى تنتقل السلطة إلى حكومة باشاغا، وتجميد الإيرادات في مصرف ليبيا المركزي.
ورغم أنه أقر لاحقاً عبر «تويتر» بـ«وجاهة المخاوف والحرص على عدم التصرف في إيرادات النفط بشكل مخالف للقانون»، فقد طالب باشاغا بضرورة «استئناف تصدير النفط وفق آليات قانونية منضبطة تضمن نزاهة وشفافية إدارة الإيرادات النفطية بشكل عادل لكل الليبيين»، وأوضح أنه استمع إلى مشاكل الأهالي «وما يعانونه من تهميش وظلم وتردي مستوى المعيشة والخدمات لديهم».
كما تعهد باشاغا الذي شاهد مباراة لكرة القدم في مدينة بنغازي برفقة عدد من وزرائه، خلال جولة محلية بأن تمضي كل الأمور إلى الأفضل بعد أن تباشر الحكومة عملها من طرابلس في الأيام القادمة. في المقابل، وصف عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، مؤسسة النفط بأنها «البقرة التي يشرب الليبيون منها الحليب»، ودعا لمعاملتها معاملة خاصة، لافتاً إلى أن حكومته «بدأت في دعم هذه المؤسسة».
وقال بيان للحكومة ووزارة النفط إنهما «بصدد الوصول إلى اتفاق نهائي يضع حداً لأزمة الإغلاقات المتكررة مؤخراً»، لافتاً إلى أن أعضاء لجنة شكلتها الوزارة للتواصل مع الأعيان والوجهاء في المناطق المجاورة للعمليات النفطية «أكدوا تجاوبهم». وشدد الدبيبة الذي زار وزارة المالية، على ضرورة إعداد الحساب الختامي للدولة الذي لم ينجز منذ عام 2009، واستغرب إهمال هذا الملف، كما أوصى بضرورة الاهتمام بمُراقبات الخدمات المالية بالمناطق، وتنظيمها ومتابعتها بشكل جاد، ومراجعة حساباتها.
كما طلب الدبيبة من محمد الحويج، وزير الاقتصاد، خلال اجتماعهما مساء أول من أمس، عرض مقترحه لإنشاء ديوان الحبوب، في الاجتماع القادم للحكومة.
من جهة أخرى أعلن «المصرف المركزي» عن اجتماع محافظه، الصديق الكبير، مع نائبه علي سالم الحبري، بمدينة إسطنبول التركية، في ثالث اجتماع من نوعه للجنة «مشروع إعادة توحيد المصرف»، مشيراً إلى «ختام ورش العمل بين الفرق المشتركة من الطرفين ومناقشة المراحل القادمة للمشروع».
إلى ذلك أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة إصابة عامل أفريقي في انفجار لغم أرضي بإحدى المزارع في منطقة الأحياء البرية جنوب طرابلس، ودعت المواطنين للإبلاغ عن أي أجسام مشبوهة، مشيرة إلى أن الألغام ومخلفات الحرب ما زالت تحصد الأرواح.
على صعيد آخر، نفذت السفينة «أوشن فايكينغ» التابعة لمنظمة «إس أو إس المتوسط» الاثنين، عملية إنقاذ هي الثانية في يومين بوسط البحر المتوسط، واستقبلت على متنها 94 مهاجراً كانوا يواجهون صعوبات، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من مرسيليا.
والأحد، أسعفت السفينة الإنسانية التي يتم تشغيلها بالتعاون مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر 70 مهاجراً في المنطقة نفسها.
والمهاجرون الـ94 الذين أنقذوا صباح الاثنين، كانوا يستقلون زورقاً مطاطاً في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية، وبينهم امرأتان وطفل في عامه الأول و47 قاصراً غير مرافقين، بحسب بيان لـ«إس أو إس المتوسط». وقالت المنظمة التي مقرها في مرسيليا بجنوب شرقي فرنسا: «خلال العملية، اقترب زورق دورية ليبي من أوشن فايكينغ، على غرار ما حصل في عملية الإنقاذ الأولى، ما أثار قلق المهاجرين».
وتعد المنظمة الدولية للهجرة أن البحر المتوسط هو طريق الهجرة الأخطر في العالم. وتقدر أن أكثر من 23 الفاً و500 مهاجر قضوا أو فقدوا فيه منذ 2014، بينهم 2048 العام الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».