تركيا: السجن المؤبد لعثمان كافالا... ومواجهة متوقعة مع الغرب

بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وإطاحة النظام الدستوري

مؤيدو كافالا خارج مقر المحكمة في أعقاب صدور الحكم أمس (أ.ف.ب)
مؤيدو كافالا خارج مقر المحكمة في أعقاب صدور الحكم أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا: السجن المؤبد لعثمان كافالا... ومواجهة متوقعة مع الغرب

مؤيدو كافالا خارج مقر المحكمة في أعقاب صدور الحكم أمس (أ.ف.ب)
مؤيدو كافالا خارج مقر المحكمة في أعقاب صدور الحكم أمس (أ.ف.ب)

أسدلت محكمة تركية الستار على واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل بين تركيا والغرب وعاقبت رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني عثمان كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري للبلاد وقلب نظام الحكم. وقررت الدائرة 13 في محكمة الجنايات العليا في إسطنبول أمس (الاثنين) حكمها في القضية المتعلقة باتهام كافالا بتمويل احتجاجات جيزي بارك التي انطلقت في إسطنبول في مايو (أيار) 2013 وامتدت إلى أنحاء البلاد، حيث تحولت من احتجاج على اقتطاع جزء من حديقة جيزي التاريخية في ميدان تقسيم لصالح مشروع لتطويره إلى احتجاج واسع ضد حكومة رئيس الوزراء في ذلك الوقت الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، والضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، والتي نسبتها السلطات إلى الداعية التركي السبعيني المقيم في بنسلفانيا الأميركية كمنفى اختياري منذ العام 1999 وحركة «الخدمة» التابعة له، والتي صنفت كتنظيم إرهابي عقب محاولة الانقلاب.
كما أصدرت المحكمة في الإطار ذاته حكما بالسجن 18 سنة بحق كل من موجيلا يابيجي، تشيدام ماتر، هاكان ألتين آي، مينه أوزيردين، جان أطالاي، تيفون كهرمان ويغيت علي إكمكجي واعتقالهم جميعاً.
واستمعت المحكمة أمس إلى باقي مرافعات الدفاع عن كافالا و16 متهما آخرين، جميعهم غير محبوسين، بعد أن أرجأت إصدار حكمها من جلستها يوم الجمعة الماضي إلى جلسة أخيرة أمس، تم خلالها النطق بالأحكام. واستمعت المحكمة، في جلسة أمس وكذلك في جلسة الجمعة، إلى كافالا (65 عاماً)، المتهم الوحيد المحتجز على ذمة القضية، بينما 9 من المتهمين خارج تركيا، وذلك عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من سجن سيلفري شديد الحراسة، غرب إسطنبول. ونفى كافالا ومحاميه التهم المنسوبة إليه أو أن يكون شارك بأي شكل في محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري وقلب نظام الحكم.
وفي جلسة الجمعة، قال كافالا إنه كان قرر سابقاً عدم الدفاع عن نفسه في القضية، التي سبق أن برأته منها محكمة الاستئناف العليا، وذلك لعدم ثقته بالنظام القضائي وتأكده من حقيقة أنه مهما كان الدفاع الذي سيقدمه سيصدر قرار بإدانته في النهاية. إلا أنه قرر أن يتحدث في هذه الجلسة من منطلق احترامه للشعب التركي.
كافالا، الذي ينظر إليه من جانب الغرب والمنظمات الحقوقية الدولية على أنه رمز لقمع حرية التعبير وانتهاك حقوق الإنسان في تركيا، أوضح أنه «بعد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أواخر العام 2019 بشأن الإفراج عنه فوراً، تم تسريع النظر في القضية، وفُصلت الملفات التي جرى ضمها من قبل، ومن دون مبرر، وسقطت لائحة الاتهام الأولى. لكن جُهزت لائحة اتهام ثانية لاعتقالي».
وشرح أن احتجاجات جيزي بارك اندلعت في مايو (أيار) 2013 و«وُصفت بأنها محاولة انقلاب على حكومة رئيس الوزراء في ذلك الوقت، رجب طيب إردوغان. وتم الادعاء بأنها ممولة من مؤسسة الأناضول الثقافية (أسسها كافالا وكان يديرها قبل اعتقاله في 2017 وأدرجتها تركيا العام الماضي على قائمة التنظيمات الإرهابية)، وأن مؤسسة الأناضول هي ذراع لمنظمة المجتمع المفتوح، التي أسسها رجل الأعمال الأميركي من أصل مجري جورج سورس والهادفة إلى دعم الديمقراطية في أنحاء العالم». واعتبر أن هذا الادعاء هو إهانة للجماهير التي شاركت في الاحتجاجات السلمية الرافضة للمساس بحديقة جيزي التاريخية في ميدان تقسيم.
وأوضح كافالا أنه فقد 5 سنوات من عمره في الحبس الاحتياطي وأنه لا يرى أن شيئا يمكن أن يعوضه عنها، وأن المؤامرة ضده لم تنجح، لأن الحكومة برهنت بنفسها عدم قبول نظرية المؤامرة الخارجية بالنسبة لاحتجاجات جيزي، حين استقبل مسؤولون في الحكومة جورج سوروس عندما جاء إلى تركيا عام 2015». واتهم إردوغان كافالا بأنه ذراع جورج سورس في تركيا، ويلقبه بـ«سورس تركيا الأحمر»، وتعهد مراراً بأنه لن يخرج من السجن ما دام بقي هو في حكم تركيا. وأكد كافالا أنه لم يكن هناك دليل على أن احتجاجات جيزي كانت تدار من الخارج، وأن الادعاء بأنه هو من وجه الاحتجاجات، التي انتشرت في جميع أنحاء تركيا لاحقاً، ليس معقولاً، وأن الادعاء بأنه مولها لمجرد أنه وفر بعض الاحتياجات المادية للمشاركين في الاحتجاجات، كالكعك والأقنعة التي اشتراها من الصيدلية، هو مجرد هراء.
وكان عشرات من ممثلي الهيئات الدبلوماسية الغربية يحضرون جلسات محاكمة كافالا، التي تثير توتراً بين تركيا والغرب، في محكمة إسطنبول الجنائية ومنها الجلسة الأخيرة التي عقدت أمس. ومن المتوقع أن يثير الحكم توترا جديدا بين تركيا والغرب.
وبُرئ كافالا، الذي لطالما اعتبر، وكذلك الغرب، أن محاكمته ذات دوافع سياسية، من تهمة تمويل احتجاجات «جيزي» في فبراير (شباط) 2020، لكن السلطات وأوقفته مجدداً، حتى قبل أن يعود إلى منزله، باتهام جديد هو دعم محاولة الانقلاب الفاشلة. وبسبب هذه القضية التي باتت رمزاً لقمع إردوغان لمعارضيه عقب الانقلاب الفاشل عام 2016 تواجه تركيا إدانات دولية وعقوبات أوروبية. وأعلن مجلس أوروبا في فبراير الماضي إطلاق «إجراء تأديبي» في حق تركيا، وهو قرار نادر للغاية قد يؤدي إلى عقوبات محتملة ضد أنقرة إذا لم يتم الإفراج عن كافالا بسرعة. ولم يسبق أن طبق هذا الإجراء، الذي قد يؤدي إلى تعليق عضوية تركيا في المجلس، إلا في حالة واحدة على أذربيجان في عام 2017 في قضية شبيهة بقضية كافالا.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.