السلطة تطالب بحماية الفلسطينيين ومؤتمر دولي للجم انتهاكات إسرائيل

آمال في خفض التوتر مع انتهاء «الفصح»... ووساطات أميركا ومصر تتواصل

قوات الاحتلال توقف متظاهرة فلسطينة بمنطقة «باب العامود» في القدس أمس (وفا)
قوات الاحتلال توقف متظاهرة فلسطينة بمنطقة «باب العامود» في القدس أمس (وفا)
TT

السلطة تطالب بحماية الفلسطينيين ومؤتمر دولي للجم انتهاكات إسرائيل

قوات الاحتلال توقف متظاهرة فلسطينة بمنطقة «باب العامود» في القدس أمس (وفا)
قوات الاحتلال توقف متظاهرة فلسطينة بمنطقة «باب العامود» في القدس أمس (وفا)

جددت قوات الشرطة الإسرائيلية ويهود متطرفون اقتحام المسجد الأقصى، الخميس، ما أفضى إلى مواجهات عنيفة تسببت في إصابات واعتقالات، فيما طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، المجتمع الدولي بكسر المعايير المزدوجة في التعامل مع القانون الدولي، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
ومثلما فعلت الشرطة منذ يوم الأحد في المسجد، حاولت إخراج وعزل معتكفين في المسجد من أجل تأمين جولات اليهود المتطرفين، قبل أن تنفرج مواجهات استخدم فيها الفلسطينيون الحجارة والمفرقعات، واستخدمت فيها شرطة الاحتلال الهراوات والغاز والرصاص.
وقمعت الشرطة الإسرائيلية المصلين بالقوة وأطلقت الرصاص وقنابل الصوت والغاز لإبعادهم عن مسارات اليهود، وحاصرت «مصليات» المسجد الأقصى؛ «القبلي» و«الصخرة». وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن نحو 762 مستوطناً اقتحموا الأقصى من جهة «باب المغاربة» على شكل مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في ساحات الحرم، وتلقوا شروحات عن «الهيكل» المزعوم، وقاموا بتأدية شعائر تلمودية كذلك.
المواجهات في الأقصى وقعت بعد ساعات فقط من هجوم إسرائيلي بغارتين جويتين على قطاع غزة، فجر الجمعة؛ الأولى رداً على إطلاق صاروخ، والثانية رداً على إطلاق صواريخ مضادة للطائرات من القطاع.
وجاء التصعيد في غزة في نهاية اليوم السابق الذي اتسم بالتوتر في القدس، حيث منعت الشرطة نشطاء يمين متطرفين من الوصول إلى «باب العامود» في البلدة القديمة، وهددت «حماس» بالهجوم إذا مضت المسيرة قدماً. غير أن «حماس» أو أي فصيل في غزة لم يعلن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ، ولم يصب أي إسرائيلي أو فلسطيني بجروح في التصعيد «الذي بدا محسوباً للغاية» ولا يسعى معه أي طرف إلى زيادة مستوى النيران.
ويأمل الفلسطينيون والإسرائيليون في انتهاء التصعيد الحالي، بانتهاء عيد الفصح اليهودي، وفي ظل حوارات تجريها الولايات المتحدة ومصر وقطر وأطراف دولية، مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين و«حماس».
ووصل إلى رام الله، مساء أمس، وفد أميركي ترأسته مساعدة وزير الخارجية الأميركي، ياعيل لامبرت، لبحث التصعيد في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في مدينة القدس، وجاء ذلك في وقت تواصل فيه مصر اتصالاتها مع كل الأطراف لنزع فتيل مواجهة محتملة. وكان وزير الخارجية الأميركي أجرى اتصالات مع رام الله وإسرائيل وعمان قبل وصول الوفد الأميركي.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي لصحيفة «معاريف» إنه «يجب بذل جهود للحفاظ على الوضع القائم».
وأكد للصحيفة أن الجهاز الأمني الإسرائيلي «لا يقوم بأي مخاطرة، وراض عن الهدوء النسبي»، لكنه يقول إن «الوضع هش للغاية». وذكر التقرير أن «الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) يركزان نشاطهما في هذه الفترة ضد الأفعال العدائية، والاعتقالات الضرورية فقط، مع تجنب الاحتكاك مع السكان الفلسطينيين في فترة رمضان».
وأضاف المسؤول: «حتى الآن التوتر في القدس لم ينزلق إلى الساحات الأخرى. إذا ارتفعت حدة الأوضاع في البلدة القديمة، فستكون أعجوبة ألا يكون لهذا تأثير على باقي الساحات». ووفقاً للمسؤول نفسه؛ «الأجهزة الأمنية تقدر أن التصعيد في القدس يمكن أن يقود هذه المرة إلى تصعيد في القطاع». وقال مسؤول آخر: «هذه فترة حساسة جداً، تتطلب منا اتباع تصرف أمني حساس جداً... من جهة؛ يجب الحفاظ على مصالحنا الأمنية، ومن جانب آخر يجب ألا يقودنا ذلك إلى تصعيد». وتابع أنه «بعد أكثر من شهر من التوتر المتواصل، يكفي عود كبريت واحد، إن كان مصدره القدس، أن يشعل ناراً كبيرة جداً».
في الأثناء، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، المجتمع الدولي بـ«كسر المعايير المزدوجة في التعامل مع القانون الدولي، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني مع استمرار العدوان عليه ومصادرة حقوقه المشروعة». واتهم اشتية إسرائيل بـ«استخدام إرهاب الدولة المنظم وفائق القوة» من خلال «التصعيد الممنهج في القدس وقطاع غزة»، وقال إن ذلك «لن يفلح في ثني الفلسطينيين عن مواصلة نضالهم لتحرير أرضهم، ونيل حريتهم، وإقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس».
وحذر اشتية من أن استهداف قطاع غزة بالغارات وانتهاك حرمة المسجد الأقصى ومواصلة عمليات القتل والاجتياح للمدن والقرى والبلدات في جميع الأراضي المحتلة، «يحمل نذر تصعيد مبيت لمحاولة فرض وقائع زائفة على الأرض بالقوة ضد شعب أعزل».
مطالبات اشتية تزامنت مع إرسال السلطة الفلسطينية رسالة عاجلة للأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع، تطالبها بتحمل مسؤولياتها والسعي إلى اتخاذ إجراءات جادة لإنفاذ اتفاقية جنيف الرابعة والإعلانات السابقة لمؤتمرات الدول الأطراف في الأرض الفلسطينية المحتلة. وطالبت الأطراف بأن تخضع إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، للمساءلة الكلية بشأن تجاوزاتها كافة بحق الشعب الفلسطيني؛ بما في ذلك مساءلتها عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها، مؤكدة أنه دون ذلك، فلا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار.
التحرك الفلسطيني جاء في خضم هجوم إسرائيلي متواصل في القدس وبعد غارات على قطاع غزة هي الثانية في غضون أيام قليلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».