جليد أنتركتيكا يتقلص لأدنى مستوى منذ عقود

جليد أنتركتيكا يتقلص لأدنى مستوى منذ عقود
TT

جليد أنتركتيكا يتقلص لأدنى مستوى منذ عقود

جليد أنتركتيكا يتقلص لأدنى مستوى منذ عقود

خلصت دراسة حديثة إلى أن الجليد البحري حول القارة القطبية الجنوبية تقلص أخيراً إلى أدنى مستوى على الإطلاق منذ 44 عاما، بعد خمس سنوات من الانخفاض القياسي السابق، ما يشير إلى أن أنتركتيكا قد تكون أقل منعة أمام التغير المناخي مما كان يُعتقد، حسبما نشرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ففي أواخر فبراير (شباط)، تراجعت رقعة الغطاء الجليدي على المحيط إلى ما دون الحاجز الرمزي البالغ مليوني كيلومتر مربع لأول مرة منذ بدء تسجيلات الأقمار الصناعية عام 1978، بحسب دراسة نُشرت في مجلة «أدفانسز إن ذي أتموسفيريك ساينسز».
ولاحظ الباحثون أن الدافع الرئيسي لفقدان الجليد هو التغير في درجة الحرارة، على الرغم من أن التغيرات في كتلة الجليد لعبت أيضا دورا لكن بدرجة أقل.
وارتفعت حرارة منطقتي القطب الشمالي والجنوبي بنحو ثلاث درجات مئوية مقارنة بمستويات أواخر القرن التاسع عشر؛ أي ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.
وواجهت القارة القطبية الجنوبية أول موجة حر مسجلة لها عام 2020، مع 9.2 درجة مئوية فوق متوسط الحد الأقصى. وفي مارس (آذار)، سجل مركز أبحاث في شرق القارة القطبية الجنوبية ارتفاعا بدرجات الحرارة بمقدار 30 درجة فوق المعدل الطبيعي. لكن الانحرافات الشديدة من هذا النوع في معدلات الحرارة حديثة.
وعلى عكس الجليد البحري في القطب الشمالي الذي تقلص بنسبة ثلاثة في المئة سنوياً منذ أواخر السبعينيات، توسع الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية خلال الفترة نفسها بنسبة واحد في المئة لكل عقد، وإن ترافق ذلك مع تغيرات سنوية كبيرة.
وتقلص الغطاء الجليدي خلال صيف القارة القطبية الجنوبية هذا العام بشكل كبير حول غرب أنتركتيكا التي كانت أكثر عرضة للاحترار من شرق القارة القطبية الجنوبية الذي يتفوق بالمساحة على نحو كبير.
وليس لذوبان الجليد البحري تأثير واضح على مستويات سطح البحر لأن الجليد موجود أصلا في مياه المحيطات. لكن تقلص الغطاء الجليدي يمثل مع ذلك مصدر قلق كبير لأنه يساعد في تسريع ظاهرة الاحترار، وفق ما أوضح الباحث المشارك في إعداد الدراسة تشينغهوا يانغ؛ وهو أستاذ بجامعة سون يات سن في غوانغتشو. الذي قال في بيان إنه عندما يتم استبدال جليد البحر الأبيض الذي يعيد طاقة الشمس إلى الفضاء، ببحر مظلم غير متجمد «يكون هناك انعكاس أقل للحرارة ومزيد من الامتصاص».
وأضاف «هذا بدوره يذيب كميات أكبر من الجليد البحري، ما ينتج عنه امتصاص أكبر للحرارة، في حلقة مفرغة».
ويعكس الثلج والجليد البكر أكثر من 80 في المئة من طاقة الشمس إلى الفضاء، بينما تمتص المحيطات المفتوحة النسبة عينها.
وفي نتيجة لافتة للغاية، كان الانخفاض القياسي البالغ 1.9 مليون كيلومتر مربع في 25 فبراير أقل بنسبة 30 في المئة من المتوسط المسجل في الفترة الممتدة بين عامي 1981 و2010. وكان الرقم القياسي السابق يزيد قليلاً على مليوني كيلومتر مربع في عام 2017.
وبلغ متوسط مساحة الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية حوالى 18 مليون كيلومتر مربع في السنوات الأخيرة.
ولتحليل أسباب فقدان الجليد القياسي هذا العام، حلل الباحثون «ميزانية الجليد البحري» في أنتركتيكا؛ أي الجليد المضاف والجليد المفقود، عاماً بعد عام، وكذلك الانجراف اليومي للجليد البحري، أو الحركة.
وخلصت الدراسة إلى أنه «في الصيف، تهيمن العمليات الديناميكية الحرارية»، أي المرتبطة بدرجة الحرارة «على ذوبان البحر من خلال انتقال الحرارة في القطب الشمالي».
وسُجل الحد الأدنى القياسي لرقعة الجليد البحري في القطب الشمالي، 3.4 مليون كيلومتر مربع، في عام 2012 مع ثاني وثالث أدنى رقعة للغطاء الجليدي عامي 2020 و 2019 على التوالي. وبلغ متوسط مساحة الجليد البحري القصوى حوالى 15 مليون كيلومتر مربع.
وتحمل الصفائح الجليدية فوق غرب القارة القطبية الجنوبية ما يعادل ستة أمتار من ارتفاع مستوى سطح البحر، فيما سترفع الأنهار الجليدية الضخمة في شرق القارة القطبية الجنوبية محيطات العالم بأكثر من 50 مترا.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.