لبنان: خطة التعافي المالي تنذر بنزاع بين السلطة والمصارف والمودعين

«الشرق الأوسط» تنشر أبرز بنودها

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف أمس (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: خطة التعافي المالي تنذر بنزاع بين السلطة والمصارف والمودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف أمس (الوكالة الوطنية)

تخوض الحكومة اللبنانية سباقاً مع الوقت قبيل حلول موعد استحقاق الانتخابات النيابية منتصف الشهر المقبل، بهدف تسريع إبرام اتفاق البرنامج التمويلي مع إدارة صندوق النقد الدولي، وفقاً لمندرجات الاتفاق الأولي الذي تم توقيعه أوائل الشهر الحالي مع البعثة الخاصة للصندوق التي زارت بيروت، والمعزز بتغطية سياسية واسعة ترجمتها تعهدات معلنة من قبل رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء.
ويعكف الفريق الاقتصادي الوزاري والاستشاري برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي على وضع اللمسات الأخيرة على خطة الإنقاذ والتعافي التي ستشكل المرتكز للموافقة النهائية من قبل المجلس التنفيذي على برنامج التمويل المحدد بمبلغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهراً، في حين تستمر المساعي الهادفة إلى تطوير استجابة مجلس النواب الحالي لإقرار حزمة مشاريع القوانين الإصلاحية التي يشترطها الصندوق في المجالين المالي والمصرفي، ولا سيما ما يتعلق بوضع ضوابط استثنائية على الرساميل والتحويلات (الكابيتال كونترول) والتعديلات المقترحة على مواد أساسية في قانون السرية المصرفية، ولاحقاً المشاريع المتعلقة بإعادة هيكلة ميزانية البنك المركزي والجهاز المصرفي وتوحيد سعر صرف الليرة وإعادة هيكلة الدين العام والقطاع العام.
وفي تطور مثير، رصدت «الشرق الأوسط» بوادر نزاع كبير يتوقع أن ترتفع حدته خلال الأيام المقبلة بين الحكومة وجمعية المصارف، بعدما توجس المصرفيون من جدية تنصل الدولة من مسؤولياتها في تراكم الدين العام ومن تحييد البنك المركزي عن التزامات سد الفجوة الكبيرة في ميزانيته والتوجه إلى تحميل الجزء الأكبر من الخسائر المحققة والبالغة نحو 72 مليار دولار وفق التقديرات الأولية، على عاتق توظيفات البنوك لدى مصرف لبنان وعلى أرصدة المودعين التي تتعدى خط الحماية التامة البالغ مائة ألف دولار.
وفيما أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بعد لقائه وفداً من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير، «أن كل ما يقال عن تفريط بحقوق المودعين وضرب القطاع المصرفي هدفه إثارة البلبلة وتوتير الأجواء»، وبأن خطة التعافي تعطي الأولوية للحفاظ على حقوق الناس وإعادة تفعيل مختلف القطاعات الإنتاجية وأيضاً المحافظة على القطاع المصرفي، لفتت مصادر مشاركة إلى أن أجواء الاجتماع لم تكن مريحة بعد تداول معلومات عن حقيقة شطب نحو 60 مليار دولار من توظيفات المصارف لدى البنك المركزي بهدف تغطية الخسائر في ميزانيته، بخلاف ما تنحو إليه القوانين النافذة بمسؤولية الدولة عن تعويض هذه الخسائر.
وعلم أن المصرفيين لم يترددوا عن التحذير من «كارثية» المشروع المتداول لتوزيع أحمال الفجوة المالية والذي سيؤدي إلى نشوب دعاوى قضائية تقيمها المصارف ومساهموها ومودعوها ضد الدولة اللبنانية ومصرف لبنان، بوصفهما استفادا من أموال المصارف والمودعين وهما يمتنعان عن إيجاد حلول مرضية لحلها. ولا سيما أن الصندوق يقر بأن اقتراحه بتحميل الخسائر للمصارف هو توزيع غير عادل ويقترح تحميل قسم كبير من هذه الخسائر للمودعين، أي أنه يتم إعفاء المدين الممثل بالدولة ومصرف لبنان من الدين والخسائر، ليحملها صندوق النقد للدائن أي القطاع المصرفي والمودعين.
وتستند المصارف في مطالعتها إلى الانطلاق الخاطئ الذي يفترض انعدام الملاءة لدى الدولة، بينما الحقيقة تكمن في ضآلة السيولة وتدفقاتها لديها، ذلك أن موجودات الدولة تغطي أضعاف الخسارة بكاملها، إذا أُحسن استثمارها. وهي تتضمن فضلاً عن الأصول، الحقوق التي يمكن أن تمنحها الدولة للقطاع الخاص أو عن طريق مشاركته مع القطاع العام في استثمار المرافق العامة من كهرباء ومياه ومطارات وموانئ واتصالات ومواصلات وسكة حديدية وسواها.
وحصلت «الشرق الأوسط «على نسخة من مسودة خطة التعافي التي أثارت حفيظة المصارف مع ترقب عاصفة اعتراضية من قبل المودعين، حيث تبين في جانبها المالي وهو الأهم على الإطلاق، التزام الحكومة بإعادة الوضع السليم للقطاع المالي ومقومات ديمومته. لتصل إلى النقطة الجوهرية فتقر بأن التقديرات الحالية تشير إلى أن احتياجات إعادة رسملة النظام المصرفي تزيد على 72 مليار دولار، إذا لم توضع هذه الخسائر في الحسبان وإذا لم تنفذ استراتيجية هادفة إلى إعادة تقوية النظام، فلن يكون ممكناً استعادة الثقة بالقطاع.
وإذ تتضمن هذه المقدمة التباساً صريحاً بتسمية النظام المصرفي بينما المقصود موضوعياً هو القطاع المالي، فإن البند اللاحق يشير بوضوح إلى أولوية إعادة تكوين ميزانية مصرف لبنان المركزي لتصل إلى المستوى السليم، بعدما بينت التقديرات ضخامة الرأسمال السلبي المتراكم والذي يصل إلى حدود 60 مليار دولار، فضلاً عن خسائر إضافية مرتقبة جراء إعادة هيكلة الدين الحكومي وتوحيد أسعار الصرف.
وفي التفصيل، فإنه بناءً على نتيجة المراجعة الأولية التي تتولاها الشركة الدولية (KPMG)، والتي جرت مشاركة فحواها مع وفد الصندوق، تقترح الخطة شطب ما يوازي المبلغ عينه أي 60 مليار دولار من التزامات البنك المركزي إزاء البنوك التجارية، ومن ثم المساهمة بإعادة الرسملة جزئياً عبر إصدار سندات سيادية بقيمة مليارين ونصف مليار دولار قابلة للزيادة لاحقاً، على أن يجري تذويب الرصيد الباقي للخسائر خلال فترة 5 سنوات.
ومع تحميل هذا العبء الضخم على الجهاز المصرفي والذي يرجح أن يلقى معارضة شديدة من قبله، تقر الخطة بوجوب إعادة رسملة البنوك التجارية القابلة للاستمرار وحل المتعثرة منها، بهدف إيجاد نظام مصرفي يتوافق مع اقتصاد قوي ويدعم تعافيه. وتتطرق إلى خسائر مضافة إلى التزامات البنك المركزي، وستنتج عن إعادة هيكلة الديون السيادية (اليوروبوندز) وتعثر محافظ القروض ووقع توحيد سعر الصرف على ميزانيات البنوك. وهو ما سيتطلب، وفق الخطة، إسهامات كبيرة من قبل المساهمين ومساهمات ضخمة من قبل كبار المودعين.
ولعل البند الأبرز الذي يترقبه المودعون من مقيمين وغير مقيمين يكمن في تحديد خط الحماية التامة. وهو ما تقترح الخطة أن يصل إلى 100 ألف دولار بالحد الأعلى. مع اشتراط ألا تشمل هذه الحماية أي زيادة طرأت على حساب المودع بعد تاريخ 31 مارس (آذار) من العام الحالي. بينما ستكون الشرائح التي تتعدى خط الحماية خاضعة لسقوف السيولة بحيث يمكن السداد بالدولار والليرة أو كليهما وفق سعر السوق.
وتتضمن المرحلة المكملة من إعادة رسملة البنوك ضمناً شرائح الودائع التي تتخطى سقف الحماية، بحيث يتم تحويلها إلى حصص ملكية أو حذف جزء منها، وتحويل جزء من الودائع المحررة بالعملات الأجنبية إلى الليرة، إنما بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر سوق القطع، ما يعني تلقائياً تطبيق نسبة اقتطاع في عمليات التصريف من الدولار إلى الليرة.
وبهدف تحديد حجم متطلبات الرسملة تكون الحكومة قد شرعت في تقييم الخسائر وبنية الودائع عن طريق لجنة الرقابة على المصارف لكل بنك على حدة من مجموع أكبر 14 مصرفاً تحوز 83 في المائة من إجمالي أصول القطاع، على أن يتم استخلاص النتائج بنهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وسوف يتم الطلب من المساهمين السابقين أو الجدد أو كليهما الالتزام بضخ رأس مال جديد في البنوك التي سيتم تصنيفها «قابلة للاستمرار» بناءً على التحليل الرقابي لخطط العمل، فيما يجري حل البنوك غير القابلة للاستمرار عن طريق الإجراءات الفورية التي سوف تطبق بمقتضى القانون الطارئ لإعادة هيكلة البنوك، مع التنويه بأن المعيار الهيكلي سيكون منجزاً بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي. أما على المدى الأبعد، فثمة التزامات بتعزيز الإطار التنظيمي للقطاع المصرفي، بما يشمل مراجعة التشريعات المصرفية الأساسية وأطر الإشراف والحل وتأمين الودائع من أجل المحافظة على سلامة النظام المصرفي وإعادة الثقة فيه إلى مستوياته السابقة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.