تلويح نقابي بالتصعيد بوجه الحكومة اللبنانية

TT

تلويح نقابي بالتصعيد بوجه الحكومة اللبنانية

زادت نقابات مهنية لبنانية ضغوطها على الحكومة اللبنانية لمحاولة منعها من تنفيذ الاقتراح بشطب أموال المودعين وتوظيفات المصارف في مصرف لبنان؛ لسد الفجوة المالية، حيث لوحت النقابات بالتصعيد، في حين أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن الأولوية للحفاظ على حقوق الناس.
وأثارت التسريبات عن خطة حكومية لسد الفجوة المالية البالغة 72 مليار دولار، عبر تحميل المصارف والمودعين 60 مليار دولار منها، بلبلة على المستويات كافة، ووصلت تداعياتها إلى الحكومة، حيث أعلن رئيسها ميقاتي، أمس، أن خطة التعافي التي أعدتها الحكومة «تعطي الأولوية للحفاظ على حقوق الناس»، مؤكّداً أن أولويات الحكومة هي «الحفاظ على حقوق المودعين وليس التفريط بها».
وقال ميقاتي، خلال لقائه وفداً من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير «إن كل ما يقال عن التفريط بحقوق المودعين وضرب القطاع المصرفي هدفه إثارة البلبلة وتوتير الأجواء». وأضاف، أن «خطة التعافي تعطي الأولوية للحفاظ على حقوق الناس وإعادة تفعيل مختلف القطاعات الإنتاجية، وأيضاً المحافظة على القطاع المصرفي الذي يشكل عنصراً أساسياً في التعافي الاقتصادي».
وطاولت تداعيات هذا الملف النقابات المهنية، حيث اجتمع مئات المحامين في «بيت المحامي» ببيروت، ورئيس وأعضاء لجنة حماية أموال المودعين، بدعوة من نقيب المحامين ناضر كسبار، بالتزامن مع اجتماع اللجان المشتركة في مجلس النواب التي تدرس مشروع قانون «الكابيتال كونترول».
وقال كسبار، إن «ما يحصل اليوم هو سرقة منظمة لأنهم يحاولون تمرير المشروع بصيغته الاستنسابية وغير القانونية أو الدستورية، وبمعزل عن رزمة القوانين والتدابير الضرورية الملازمة والمكملة»، ومن بينها الكشف عن خطة التعافي، وتوحيد سعر الصرف، وإعادة هيكلة المصارف، ورفع السرية المصرفية، وتحديد المسؤوليات قبل توزيع الخسائر، مع البدء الفوري بالتحقيقات بتطبيق القوانين والأنظمة وفي مقدمها قانون الإثراء غير المشروع، والقوانين المصرفية التي تحاسب المخلين.
وحذر كسبار من «نفاد صبر المودعين ومن التصعيد في الأيام المقبلة في حال عدم التجاوب مع دعوتهم، خصوصاً أن جميع نقابات المهن الحرة التي تضم مائة وعشرين ألف مهني حر، على استعداد للنزول سلمياً إلى الشارع، وتحديداً أمام مصرف لبنان وجمعية المصارف».
بدورها، نفذت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، وقفة تحذيرية من «مغبة إمرار مشروع قانون الـ(كابيتال كونترول)، واستمرار التضييق على ودائع النقابات وصناديقها والتضييق المصرفي».
وقال النقيب جوزيف القصيفي «إننا لن نقبل المس بودائع النقابات وبصناديقها ونطالب بها كما كانت قبل 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وهو تاريخ تذرّع به البعض لتهريب الأموال ولطمس الحقائق»، مشدداً على «أننا سنكون دائماً إلى جانب اتحاد نقابات المهن الحرة في الوقوف إلى جانب اللبنانيين أينما كانوا من أجل تحصيل حقوقهم ومن أجل الدفاع عن لقمة الفقير وعن لقمة المواطن وعن حقه في الحياة والطبابة والصحة وضمان شيخوخته».
وكانت الحكومة اللبنانية بدأت في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي المفاوضات الرسمية مع وفد صندوق النقد الدولي في شأن برنامج التعافي الاقتصادي الذي ترغب الحكومة في إبرامه مع الصندوق، والتي تجري بين الجانب اللبناني برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وبعثة صندوق النقد الدولي برئاسة إرنستو راميريز ريغو.
وأعلن صندوق النقد الدولي، في السابع من أبريل (نيسان) الحالي، التوصل مع السلطات اللبنانية إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها بترتيب تمويل ممدد مدته 46 شهراً، مع طلب الحصول على 3 مليارات دولار أميركي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».