أوكرانيا تعلّق عمليات الإجلاء في الشرق نتيجة القصف الروسي

الأمم المتحدة: 12 مليون شخص بين لاجئ أو نازح

أسرة أوكرانية عند الحدود مع رومانيا (أ.ف.ب)
أسرة أوكرانية عند الحدود مع رومانيا (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تعلّق عمليات الإجلاء في الشرق نتيجة القصف الروسي

أسرة أوكرانية عند الحدود مع رومانيا (أ.ف.ب)
أسرة أوكرانية عند الحدود مع رومانيا (أ.ف.ب)

أعلنت أوكرانيا أمس الاثنين وقف عمليات إجلاء المدنيين من المدن والبلدات الواقعة على خط المواجهة في شرق البلاد، متهمة القوات الروسية بإغلاق وقصف الممرات الإنسانية. وقالت نائبة رئيس الحكومة الأوكرانية إيرينا فيريشتشوك في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: «للأسف لن تكون هناك ممرات إنسانية يوم 18 أبريل (نيسان). في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، لم يتوقف المحتلون الروس عن إغلاق وقصف الممرات الإنسانية». وسبق لكييف أن أعلنت عدة مرات وقف عمليات الإجلاء، لكن تعليق أمس هو الأطول.
ولفتت فيريشتشوك إلى أن «مفاوضات طويلة وصعبة» جرت مع روسيا بشأن عدد من الممرات، خصوصاً من مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة والمدمّرة. وتحضّ السلطات الأوكرانية سكان منطقة دونباس في جنوب شرقي البلاد على الانتقال سريعاً إلى مناطق الغرب هرباً من العملية الواسعة التي تنفذها روسيا للسيطرة على المنطقة.
في غضون ذلك، فرّ أكثر من 4.9 مليون أوكراني من بلدهم منذ بدأت القوات الروسية قبل 54 يوماً غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وأعلنت المفوضية أمس أنّ 4934415 لاجئاً أوكرانياً بالتحديد غادروا بلدهم، أي بزيادة قدرها 65396 شخصاً، مقارنة بالحصيلة الإجمالية المعلنة أول من أمس (الأحد). وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فرّ نحو 215 ألف شخص غير أوكراني من البلد. وكان مسار العودة إلى بلدانهم الأصلية محفوفاً بالصعوبات أحياناً. وهؤلاء هم بأغلبيتهم طلّاب وعمّال ومهاجرون وهم ليسوا مواطنين لا من أوكرانيا ولا من البلدان التي وفدوا إليها. ولم تشهد أوروبا مثل هذا التدفق للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشكل النساء مع الأطفال نحو 90 في المائة من الذين فرّوا من أوكرانيا، علماً بأنّ السلطات الأوكرانية لا تسمح بمغادرة الرجال ممن هم في سنّ القتال، أي ما بين 18 و60 عاماً. وتقدّر المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين داخل أوكرانيا بنحو 7.1 مليون. وقالت المفوضية الأممية إنّ «اللاجئين الوافدين من أوكرانيا، وهم بأغلبيتهم من النساء والأطفال، يواجهون خطر التعرّض للاستغلال الجنسي والاغتصاب والاتجار بالبشر على نحو متزايد». وأوضحت: «عناصرنا في الميدان عند النقاط الحدودية وفي مواقع أخرى وهم يتّخذون تدابير احتياطية».
وفي المجموع، اضطر أكثر من 12 مليون شخص إلى مغادرة ديارهم، إمّا من خلال عبور الحدود إلى البلدان المجاورة أو من خلال النزوح إلى مناطق أخرى في أوكرانيا. ودُفع نحو ثلثي الأطفال الأوكرانيين إلى ترك منازلهم، بما يشمل هؤلاء الذين ما زالوا في مناطق أخرى من البلد. وقبل الحرب، كانت أوكرانيا تضمّ أكثر من 37 مليون نسمة في الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف. ولا يشمل هذا المجموع سكّان شبه جزيرة القرم (الجنوب) التي ضمّتها روسيا إلى أراضيها في 2014 أو المناطق الشرقية الخاضعة للانفصاليين الموالين لروسيا منذ السنة عينها.
وتحتضن بولندا أكبر عدد على الإطلاق من اللاجئين الأوكرانيين، بعد أن فرّ إليها نحو 2.8 مليون لاجئ أوكراني، أي نحو ستة من كلّ عشرة منذ بداية الحرب، وذاك حتّى تاريخ أمس، وفق مفوضية شؤون اللاجئين. ويكمل عدد كبير منهم طريقه إلى دول أوروبية أخرى. وكانت بولندا تضمّ قبل الحرب قرابة 1.5 مليون عامل أوكراني مهاجر. وأشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إلى أنّ 743880 لاجئاً أوكرانياً دخلوا إلى رومانيا حتّى يوم أمس، ووصل جزء كبير منهم عبر مولدافيا ثم تابعوا رحلتهم إلى بلدان أخرى. وبلغ عدد من لجأوا إلى روسيا 522404 أشخاص.
وذكرت مفوضية شؤون اللاجئين أيضاً أنّه بين 18 و23 فبراير (شباط)، عبَر 105 آلاف شخص من الأراضي الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك ولوغانسك (شرق أوكرانيا) إلى روسيا. واستقبلت المجر 461539 أوكرانياً، وفق مفوضية شؤون اللاجئين. واستقبلت مولدافيا الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة وهي من الأفقر في أوروبا ولكنّها الأقرب إلى ميناء أوديسا الأوكراني 423852 لاجئاً.
وتشجّع المفوضية الأوروبية اللاجئين الأوكرانيين على مواصلة طريقهم نحو بلدان الاتحاد الأوروبي الأكثر قدرة على تحمّل الأعباء المالية. ودخل 337311 لاجئاً إلى سلوفاكيا منذ بداية الحرب، بحسب أرقام مفوضية شؤون اللاجئين، فيما استقبلت بيلاروسيا، حليفة روسيا، 23469 شخصاً.
وتوضح مفوضية شؤون اللاجئين أنّ أرقامها المتعلّقة بالبلدان الحدودية التابعة لمنطقة شنغن (المجر وبولندا وسلوفاكيا) تشمل من عبروا الحدود ودخلوا إلى البلد. وتعتبر المفوضية الأممية أنّ «عدداً كبيراً من الأشخاص واصل طريقه نحو بلدان أخرى». ولا تشمل هذه الحسابات أولئك الذين يتحدّرون من البلدان المحاذية وغادروا أوكرانيا للعودة إلى موطنهم.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».