دبابات محطمة في الوحل ومبانٍ مهدمة وعائلات في حداد على أحبائهم، كل ذلك كان من مظاهر الحياة في قرية استردتها القوات الأوكرانية في شرق البلاد يحاول سكانها استيعاب الثمن الذي تعين عليهم وعلى محتلهم الروسي السابق دفعه.
في الشهر الماضي، استردّ الجنود الأوكرانيون قرية هوساريفكا، وهي قرية زراعية يتراوح عدد سكانها في أوقات السلم بين 500 و600 وتبعد نحو 150 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة خاركيف، بعد قتال مكثف في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط).
ومع انسحاب القوات الروسية، بعد فشلها في السيطرة على مدن كبيرة منها كييف وخاركيف، من أجل التركيز على هجومها على منطقة دونباس في جنوب شرقي البلاد، بدأ سكان المناطق المحيطة عمليات إزالة آثار المعارك بعد احتلال استمر أسابيع.
وبما يتماشى مع روايات عن قوات روسية تفتقر للانضباط وحتى للإمدادات ترددت في مجتمعات محلية أخرى في الشمال والشرق انسحبت منها، قالت امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً إن الجنود الشبان كانوا يطرقون الأبواب من منزل لمنزل طلباً للطعام، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1514582995142852623
وأضافت وهي تقف قرب منزلها أن بعض الغزاة الروس قالوا إنهم كانوا في تدريب أو إنهم دخلوا البلاد لتطهير أوكرانيا من العصابات و«النازيين». وتابعت قائلة: «أين ترى عصابات أو نازيين هنا؟ نحن أناس عاديون وسلميون... أوكرانيون».
وفي الحقول المجاورة للقرية تناثرت حاملات جنود محترقة وحاملتا أسلحة روسيتان محطمتان في الوحل وحولها مخلفات منها أقنعة واقية من الغاز وطابعات كومبيوتر وأحذية رطبة.
وقال جندي أوكراني إن القتال دار لنحو ثلاثة أسابيع، مضيفاً أن جانبه استخدم أسلحة مضادة للدبابات منها مدفعية وصواريخ «جافلين» المستوردة من الخارج ونجح في نهاية الأمر في طرد فرقتين قتاليتين روسيتين.
وأضاف الجندي الذي تحدث للصحافيين مستخدماً اسم «باركر» فحسب: «نجحنا في الالتفاف حول العدو من اليمين واليسار ووصلنا إلى مواقع جيدة ودمّرنا عتادهم».
وقال إن وحدته أَسَرت ضابطاً روسياً واثنين من الكشافة في وحدة هندسية كانت تحاول زرع ألغام حول القرية لصد الهجوم الأوكراني، وأضاف أنها اضطرت للتصدي لهجمات نفّذتها ما وصفها بأنها جماعات استطلاع وتخريب روسية. وتابع: «قمنا بصد هجمات ثلاث مرات عندما حاولوا الدخول».
دبابة أوكرانية وعربة روسية مدمّرة في قرية هوساريفكا (رويترز)
* جثث متفحمة
لم يكن من الممكن التأكد من صدق روايته من مصدر مستقل، لكن ما زال في القرية والحقول المحيطة بها ما لا يقل عن 12 عربة مدرعة لحق بها الدمار، بما في ذلك دبابات تحمل العلامة «زد» المميزة للقوات الروسية.
وتقول السلطات الأوكرانية إن قواتها قتلت نحو 20 ألف جندي روسي ودمّرت مئات من الدبابات وناقلات الجند المدرعة منذ بدء الغزو. هناك تقديرات أخرى أقل بكثير، لكنّ المسؤولين الغربيين يقدّرون عدد القتلى الروس بالآلاف.
وتقول أوكرانيا أيضاً إن مئات المدنيين الأوكرانيين قُتلوا في أثناء الاحتلال الروسي. وتنفي روسيا استهداف المدنيين، لكنّ السكان المحليين في هوساريفكا قالوا إن بعض السكان قُتلوا أو اختفوا. وأضافوا أنه تم انتشال ثلاث جثث متفحمة بحيث يستحيل التعرف عليها من قبو أحد المنازل ونُقلت للتحقيق بحثاً عن علامات على تعذيب محتمل.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1514937833382948864
وتتطابق الأوضاع في هوساريفكا مع الروايات في سلسلة من القرى الواقعة شرقي خاركيف، وهي مدينة يتحدث معظم سكانها اللغة الروسية قرب حدود أوكرانيا الشمالية الشرقية، والتي يستهدفها جيش الرئيس فلاديمير بوتين منذ الأيام الأولى للحرب.
ورغم أن روسيا لم تعد تهدد باقتحام المدينة، فإنها ما زالت تفرض عليها حصاراً جزئياً وتستهدفها بحملة قصف مكثف على مدى أيام.
وتعرضت المباني السكنية والبنية التحتية في خاركيف للهجوم، مما تسبب في سقوط عشرات الضحايا، بما في ذلك أكثر من 60 هجوماً بقذائف المدفعية والصواريخ في ليلة واحدة هذا الأسبوع.
وسمع صحافيو وكالة «رويترز»، اليوم (الجمعة)، دويّ قذائف «مورتر» التي سقطت على مناطق في شمال المدينة.