رئيس الوزراء المصري ينفي نية إجراء تعديل وزاري مع تزايد الانتقادات

أسعار السلع والخدمات أبرز التحديات.. ودعوات لمحاسبة السيسي بعد عام من الحكم

وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان يرحب برئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قبل عقد جولة مباحثات بينهما بمقر وزارة الدفاع الفرنسية في العاصمة باريس أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان يرحب برئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قبل عقد جولة مباحثات بينهما بمقر وزارة الدفاع الفرنسية في العاصمة باريس أمس (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء المصري ينفي نية إجراء تعديل وزاري مع تزايد الانتقادات

وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان يرحب برئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قبل عقد جولة مباحثات بينهما بمقر وزارة الدفاع الفرنسية في العاصمة باريس أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان يرحب برئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قبل عقد جولة مباحثات بينهما بمقر وزارة الدفاع الفرنسية في العاصمة باريس أمس (أ.ب)

وضع رئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، حدا لتكهنات بشأن تعديل وزاري مرتقب، قائلا إن الأمر سيقتصر على تكليف وزير جديد بحقيبة العدل، بعد أن تقدم محفوظ صابر الوزير السابق باستقالته على خلفية تصريحات وصفت بـ«التمييزية». وبينما تزايدت حدة الانتقادات لحكومة محلب خاصة في ملفات انقطاع الكهرباء، وتجاوزات الشرطة، بدأ نشطاء وساسة في تقييم أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي داخليا مع اقترابه من إنهاء عامه الأول في الحكم.
وقبيل أزمة وزير العدل السابق ارتفع منسوب التكهنات بشأن اقتراب إجراء تعديل وزاري يشمل حقائب اقتصادية وخدمية، لاحتواء غضب المواطنين مما عده مراقبون «أداء باهتا» للحكومة التي تجاوزت عامها الأول، لكن سقف النقد ارتفع ليطال الرئيس السيسي الذي ظل بمنأى عن الهجوم خلال الشهور الماضية.
ونفى محلب في تصريحات من العاصمة الفرنسية باريس، أن يكون هناك تعديل وزاري خلال المرحلة الحالية، موضحا أن الأمر سيقتصر فقط على تكليف وزير جديد بحقيبة العدل، لكن الشعور بعدم الرضا عن أداء الحكومة موضوع مثار في أروقة الرئاسة بحسب مصادر مطلعة.
وفور عودته من زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو، استقبل الرئيس السيسي وزراء الداخلية والتموين والكهرباء، والتي تبدو «ثلاثة عناوين للأزمات الراهنة» في البلاد بحسب المصادر. وفي تطور لافت أمر رئيس نيابة مصر القديمة أمس باستدعاء مسؤولين بمديرية أمن القاهرة لمناقشتهم فيما جاء بتقرير الطب الوقائي بشأن الأوضاع داخل قسم شرطة مصر القديمة.
وأثبت تقرير الطب الوقائي عدم ملاءمة أماكن الحجز وعدم مطابقتها للمواصفات الصحية المتعارف عليها، بحسب مصادر قضائية. وقالت اللجنة التي أعدت التقرير إن النظافة تكاد تكون منعدمة وتنبعث من الحجرات روائح كريهة ويوجد بها حشرات زاحفة، كما أن نسبة الأكسجين في الهواء أقل من القياسات الصحية، وأن هناك أعدادا كبيرة من المساجين داخل غرف صغيرة جدا.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقعت لجنة طبية مشكلة من أطباء مستشفيات جامعة القاهرة الكشف الطبي على المحتجزين داخل قسم شرطة مصر القديمة بعد وفاة محتجزين اثنين بداخله. وقام ممثلو النيابة العامة بعدة زيارات لأماكن الاحتجاز، وتم إعداد عدة تقارير معظمها تشير إلى وجود بعض المخالفات.
وتترافق الانتقادات الموجهة للسلطات الأمنية مع موجة غلاء شهدتها الأسواق المصرية خلال الأسابيع الماضية، فيما ينتظر المواطنون ارتفاعا جديدا في أسعار الكهرباء منتصف العام الحالي.
وطلب الرئيس السيسي من حكومته ضبط الأسعار وتوفير السلع الاستهلاكية في المجمعات التابعة للدولة، لكن سعاد الديب رئيس جمعية حقوق المستهلك، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «قبل الحديث عن ضبط الأسعار، على الدولة أن تتوقف عن تعقيد الأمر بزيادة أسعار الخدمات.. كيف يمكن ضبط الأسعار وأنت ترفع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء والماء؟!».
ودشن نشطاء خلال الأيام الماضية حملة جديدة لمحاسبة الرئيس السيسي مع اقتراب مرور عام على تقلده السلطة، كما بدأ ساسة وإعلاميون يطالبون الرئيس بـ«كشف حساب عن عام من الحكم». وتواصلت أزمة انقطاع التيار الكهربي عن محافظات الصعيد وسط حالة من غضب وتذمر الأهالي في ظل ارتفاع درجات حرارة الجو مع قدوم فصل الصيف، فيما لا تزال السلطات عاجزة عن وضع حلول عاجلة لأزمات الكهرباء المتكررة. وقال مواطنون في محافظتي أسيوط وسوهاج إن الكهرباء تنقطع أحيانا في اليوم الواحد 5 مرات ويمتد انقطاعها لساعتين أو ثلاث ساعات في كل مرة. وتصب أحزاب سياسية غضبها على الحكومة بسبب تأخر إصدار القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية التي كان يفترض إجراؤها في غضون 6 شهور من إقرار الدستور الجديد مطلع العام الماضي.
واستبعد مسؤولون إجراء الانتخابات قبل سبتمبر (أيلول) المقبل، بعد أن أصدرت محكمة مصرية قرارا بوقف قرار دعوة الناخبين للاقتراع بسبب عدم دستورية مواد في القوانين المنظمة للانتخابات النيابية، كانت الأحزاب قد حذرت منها قبل إصدار القوانين.
وأدخل محلب عدة تغييرات على حكومته منذ توليه السلطة أوائل العام قبل الماضي، لكن مراقبين قالوا إن الأزمة ليست في الأشخاص وإنما في غياب رؤية واضحة لحكومة محلب التي يغلب عليها الطابع التكنوقراطي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».