«اليونيسكو»: مائة موقع تراث أوكراني تضررت بالحرب

كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف أحد معالم التراث الأوكراني المهددة (أ.ب)
كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف أحد معالم التراث الأوكراني المهددة (أ.ب)
TT

«اليونيسكو»: مائة موقع تراث أوكراني تضررت بالحرب

كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف أحد معالم التراث الأوكراني المهددة (أ.ب)
كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف أحد معالم التراث الأوكراني المهددة (أ.ب)

حذّر مدير مركز التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) اليوم (الأربعاء)، من أن هناك نحو 100 موقع تراثي أوكراني تضررت أو دُمرت بالكامل منذ بدء الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط).
وأكد الكاميروني، لازار إلوندو أسومو، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن أوكرانيا وروسيا، وهما من البلدان الموقّعان على اتفاق لاهاي لعام 1954، ملزمتان بحماية التراث الثقافي في حال نشوب نزاع مسلح، مشيراً إلى أنه يمكن اعتبار «التدمير المتعمد للمواقع التي وُضع عليها الشعار الأزرق والمحمية» بموجب الاتفاق، جريمة حرب.

وأوضح أنه سيتم اجتياز عتبة 100 موقع متضرر أو مدمَّر كلياً غداً (الخميس) أو بعد غد (الجمعة)، إذ وصل عددها هذا الصباح إلى 98 موقعاً ونصباً تذكارياً في ثماني مناطق من البلاد، مشيراً إلى أن بين هذه المواقع، هناك آثار تاريخية، يعود بعضها إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر والبعض الآخر يتميّز بهندسة معمارية من الحقبة السوفياتية في بداية القرن العشرين.
وأضاف «هناك أيضاً كنائس وكاتدرائيات تحتوي على أغراض ليتورجية فريدة، ومسارح مثل ذاك في ماريوبول، ومكتبات ونصب تذكارية شُيدت لتمجيد تاريخ أوكرانيا». وعدد المباني المتضررة قد يرتفع أكثر، فهناك مدن أصبح من الممكن الوصول إليها وحيث بدأنا نرى أن الضرر قد يكون أكثر خطورة مما كنا نعتقد وهناك أماكن أخرى اشتد فيها القتال أو سيتصاعد في الأيام المقبلة، لذلك ما زلنا نشعر بقلق كبير. إنه أمر حزين، قصة كاملة، هوية كاملة، تأثرت بهذا الدمار. ستستغرق عملية إعادة بناء بعض هذه المواقع والآثار وقتاً وقد لا نتمكن من إعادة بناء البعض الآخر.

وبسؤاله عن كيفية تحديد المواقع المتضررة في ظل الحرب مستمرة وعدم إمكانية الوصول إلى بعض المناطق، قال أسومو «تصل إلينا معلومات من السلطات الأوكرانية، ونحن نجمعها بالمعلومات التي تصل إلينا من متخصصين في التراث ومن الصحافة في هذا المجال. لدينا أيضاً شراكة مع «يونيتار - يونوسات»، مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة والذي يسمح لنا بالحصول على صور. ومن خلال كل هذه المعلومات، يمكننا تأكيد حال تدهور مواقع محددة. وتبقى أفضل طريقة لتفحص الأضرار هي بالطبع ميدانياً، ما نقوم به هو مرحلة أولى».
وفيما يتعلق بالمواقع السبعة التي أدرجتها «اليونيسكو» على لائحتها للتراث العالمي، فإنها لم تتضرر حتى الآن، وفقاً للمعلومات المتوافرة لدينا.

وأكد مدير مركز التراث العالمي لـ«اليونيسكو» أن المركز على اتصال وثيق بالخبراء الأوكرانيين الذين يخاطرون كل يوم للحفاظ على تاريخهم وتراثهم، ويقدم لهم مشورة تقنية ومعدات، من أجل التعامل على سبيل المثال مع حرائق وتفجيرات. في حالة الحرب، يمكن أن تحدث عمليات تهريب، ولذلك دعت «اليونيسكو» البلدان، خصوصاً المجاورة (لأوكرانيا)، إلى توخي اليقظة بشأن الأغراض الثقافية التي قد تصدر من أوكرانيا، لافتا إلى أن المركز يعمل مع الإنتربول ومع شركائه لمنع حصول ذلك.
وتابع أن كل من أوكرانيا وروسيا وقعت اتفاق لاهاي في عام 1954 وبالتالي يقع على عاتقهما التزام حماية التراث الثقافي في حال نشوب نزاع مسلح. وينص هذا الاتفاق خصوصاً على أنه في حال نشوب حرب، يوضع على المباني شعار اتفاق عام 1954، كي لا يكون ممكناً استهداف هذه المباني عمداً أو أن تكون «ضحية» عرضية للقتال أو القصف. وقال إن ذلك يعد انتهاكا للقانون الدولي، ويمكن احتسابه أيضاً جريمة حرب، وهذا هو السبب في أن مركز التراث العالمي قد شجّع السلطات الأوكرانية على وضع علامات (على المباني التراثية) وهو ما بدأته في كييف.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن السيطرة على حي شيفتشينكو بشرق أوكرانيا

أوروبا جندي من لواء العمليات الثالث عشر «خارتيا» التابع للحرس الوطني الأوكراني يطلق مدفع هاوتزر من طراز «دي - 30» باتجاه قوات روسية في موقع على خط المواجهة (رويترز)

روسيا تعلن السيطرة على حي شيفتشينكو بشرق أوكرانيا

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، إن الجيش سيطر على حي شيفتشينكو في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ بايدن يؤكد أن بوتين في «وضع صعب»

بايدن يؤكد أن بوتين في «وضع صعب»

أكد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «وضع صعب»، بعد أن فرضت واشنطن ولندن عقوبات جديدة ومنسقة على قطاع الطاقة الروسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، بالعقوبات الأميركية الجديدة على قطاع النفط وأسطول ناقلاته في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مسيرة صغيرة خلال المعارك في أوكرانيا (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن روسيا ابتكرت طائرة من دون طيار «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة تغير مسار الحرب في أوكرانيا.

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.


مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
TT

مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

بوحيّ من الطراز المعماري الفرنسي القديم الذي يشتهر به حيّ «غادرن سيتي» الراقي في وسط القاهرة، تقترب وزارة الإسكان المصرية من الانتهاء من أعمال إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية الجديدة. وتفقَّد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، المهندس شريف الشربيني، السبت، سير العمل بالحيّ السكني وعدد من الطرق والمحاور بالعاصمة الإدارية الجديدة.

جانب من حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق الشربيني، يُنفَّذ الحيّ السكني الخامس «جاردن سيتي الجديد»، البالغة مساحته نحو 900 فدان، طبقاً لتصميم معماري مستوحى من الطراز الفرنسي القديم، ليُشبه التصميمات المعمارية المُنفَّذة في منطقة «جاردن سيتي» بوسط البلد في القاهرة. ويضمّ المشروع الجديد 385 عمارة سكنية مؤلّفة من نحو 21494 وحدة سكنية، و513 وحدة تجارية، و459 فيلا متصلة وشبه متصلة ومنفصلة، وجميع الخدمات التعليمية والترفيهية والتجارية والرياضية والدينية.

شملت جولة وزير الإسكان متابعة التشطيبات الداخلية في الوحدات والمرور على طريق التسعين الجنوبي بالعاصمة، ومحور محمد بن زايد الجنوبي الذي يمتاز بجمال التصميم، ويتماشى مع الإنجاز الكبير الذي يُنفَّذ في المشروعات المختلفة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

مبانٍ مستوحاة من الطراز الفرنسي القديم (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق بيان لوزارة الإسكان، فإن الشربيني وجّه بمراجعة مختلف أعمال الواجهات والإضاءة الخاصة بعمارات الحيّ، مؤكداً ضرورة استخدام المنتج المحلّي لمكوّنات المشروعات الجاري تنفيذها، فضلاً عن الانتهاء من الأعمال بالمشروع في أسرع وقت، والانتهاء من أعمال المسطّحات والجزر الخاصة بالطرق وأعمال الزراعة، ووضع جدول زمني لأعمال المشروع كافّة.

كما وجَّه بإعداد مخطَّط لمشروعات خدماتية في المشروع، ودفع الأعمال في منطقة الفيلات، ووضع جدول زمني لضغط الأعمال ومتابعتها باستمرار ميدانياً.

ميدان رئيسي بالحيّ الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

يُذكر أنّ منطقة «جاردن سيتي» في وسط القاهرة كانت بركاً ومستنقعات، حوَّلها السلطان الناصر محمد بن قلاوون خلال فترة حكمه الثالثة لمصر (1309- 1341) ميداناً سُمّي «الميدان الناصري»، غرس فيه الأشجار وشقّ الطرق وسط المياه، وشيَّد الحدائق التي عرفت باسم «بساتين الخشاب»؛ ثم افتُتح الميدان عام 1318، وفيه أُقيمت عروض وسباقات الخيل التي كان الملك الناصر شغوفاً بتربيتها.

وبعد وفاة السلطان قلاوون، أُهملت المنطقة بالكامل. وعندما حكم الخديوي إسماعيل البلاد عام 1863 الميلادي، قرَّر تدشين حركة معمارية واسعة لتشييد قصور فخمة على امتداد كورنيش النيل (ضمن مشروع القاهرة الخديوية)؛ من أشهرها «قصر الدوبارة»، و«قصر فخري باشا»، و«الأميرة شويكار»؛ جميعها تشكّل خليطاً من المعمار الإسلامي والباريسي والإيطالي.

بنايات تُحاكي عمارت حيّ «غادرن سيتي» العتيق (وزارة الإسكان المصرية)

ويُعدّ عام 1906 بداية نشأة حيّ «جاردن سيتي» المعاصر، إذ قرَّر الخديوي عباس حلمي الثاني تأسيسه على هيئة المدن الحدائقية ذات الشوارع الدائرية كما كان شائعاً في مطلع القرن الـ20 بأوروبا. وأصبحت «جاردن سيتي» امتداداً عمرانياً للقاهرة الخديوية؛ شُيّدت فيها المباني بالطُرز المعمارية عينها الموجودة في القاهرة الخديوية بين الطراز المعماري الفرنسي والإيطالي والإسلامي.

مصر تستنسخ حي «جاردن سيتي» بالعاصمة الجديدة (وزارة الإسكان المصرية)

وعلى الرغم من إنشاء تجمّعات سكنية فاخرة في ضواحي العاصمة المصرية، فإنّ الحيّ الراقي العتيق الذي يضمّ سفارات وقنصليات عدد من الدول على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، لم يفقد بريقه، وظلَّ يُعدُّ إحدى الوجهات المفضّلة للإقامة لدى كثيرين؛ ما دفع مسؤولين مصريين إلى إنشاء حيّ يُحاكيه في العاصمة الجديدة.

وعدّ رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في تصريحات صحافية سابقة، مشروع إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد»، «إعادة إحياء لمنطقة وسط البلد».

وبالمفهوم عينه، أنشأت الحكومة الحيّ اللاتيني بمدينة العلمين الجديدة (شمال مصر)، الذي استُلهم طرازه المعماري من الطرازَيْن الإغريقي والروماني الفاخرَيْن، ليضاهي تصميمات مدينة الإسكندرية العتيقة. ويقع الحيّ اللاتيني بالقرب من المدينة التراثية ومجمّع السينما والمسرح، وكذلك على مقربة من مطار العلمين الدولي.

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

لكنَّ أستاذة العمارة والتصميم العمراني لدى قسم الهندسة المعمارية في جامعة القاهرة، الدكتورة سهير حواس، تتساءل عن أسباب استنساخ أحياء قديمة مرَّ على إنشائها نحو 100 عام، قائلةً لـ«الشرق الأوسط»: «أُنشئت (القاهرة الخديوية) و(جاردن سيتي) و(مصر الجديدة)، وفق نظريات معمارية كانت جديدة وسائدة في بدايات القرن الـ20، لذلك كان من الأفضل إنشاء أحياء جديدة وفق نظريات معمارية تواكب القرن الحالي، لا الماضي».

وتضيف: «بعد مرور 100 عام على إنشاء الأحياء المُستنسخة، قد يشعر الأحفاد ببعض الارتباك لجهتَي تاريخ الإنشاء والأصل»، لافتةً إلى أنّ «الأحياء الأصليّة أخذت في الحسبان خامات الإنشاء والتهوية ومساحات وارتفاعات الأسقف؛ وهو ما لا يتوافر راهناً في الأحياء الجديدة لجهتَي المساحات الضيّقة والأسعار الباهظة».