سلفة بـ15 مليون دولار تحلّ أزمة الخبز في لبنان... جزئياً

الطحين ينفد من الأفران في لبنان (الشرق الأوسط)
الطحين ينفد من الأفران في لبنان (الشرق الأوسط)
TT

سلفة بـ15 مليون دولار تحلّ أزمة الخبز في لبنان... جزئياً

الطحين ينفد من الأفران في لبنان (الشرق الأوسط)
الطحين ينفد من الأفران في لبنان (الشرق الأوسط)

نجحت الجهود التي بذلت في الساعات الأخيرة بقطع الطريق أمام أزمة خبز في لبنان نتيجة عدم تسديد ثمن القمح المستورد من قبل المصرف المركزي، وذلك عبر قرار استثنائي وجزئي قضى بسحب 15 مليون دولار من حسابات السحب الخاصة بلبنان لدى صندوق النقد الدولي لتأمين حاجة السوق الطارئة من القمح، في وقت أكد فيه وزير الاقتصاد أمين سلام أمس، أن «لا قرار من الدولة برفع الدعم عن الطحين»، مبدياً حرصه على ضبط سعر ربطة الخبز.
واضطر اللبنانيون، أول من أمس (الاثنين)، إلى التجول على أفران عدة بحثاً عن ربطة خبز، إثر انقطاع مادة الطحين؛ الذي أدى إلى شح في الخبز، مما دفع بالسكان إلى اللجوء لأنواع أخرى من الخبز لا تزال متوفرة في الأسواق.
وكانت الأزمة بدأت الأسبوع الماضي؛ عندما أقفل بعض المطاحن أبوابه، معلناً نفاد الكميات من الدقيق المدعوم، فيما تحدثت «نقابة أصحاب المطاحن» عن تأخر «مصرف لبنان» في تأمين ثمن القمح المدعوم، والتأخر في إصدار نتائج التحاليل المخبرية للقمح، مما يؤخر إنتاج الخبز. ويوفر «مصرف لبنان المركزي» العملة الصعبة لاستيراد القمح من الخارج، وهو المنتج الغذائي الوحيد الذي لا يزال مدعوماً من الدولة اللبنانية على سعر صرف الدولار الرسمي (1500 ليرة للدولار الواحد). ويقدم المستوردون إلى «مصرف لبنان» كشوفات بقيمة الشحنات المستوردة، ويوفر «المركزي» الاعتمادات لها.
وقال نقيب تجمع أصحاب المطاحن أحمد حطيط لـ«الشرق الأوسط» أمس (الثلاثاء) إن «الأزمة حلّت بعد جهود بذلها رئيس البرلمان نبيه بري، بالتعاون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لتأمين الاعتمادات اللازمة للقمح وبدأت الخطوات العملية أمس عبر تحويل المبلغ المطلوب من المركزي لتفريغ باخرتين من القمح، على أن يتم الأمر نفسه اليوم (الأربعاء) وغداً (الخميس) ليصل مجموع البواخر إلى ست بتكلفة 15 مليون دولار». ولفت إلى أنه بهذا «الحل تكون قد تأمّنت حاجات السوق اللبناني، مع المخزون الموجود، لمدة شهر واحد». وعما سيكون عليه الوضع بعد شهر، أجاب حطيط: «للأسف بتنا نعيش كل يوم بيومه بعدما أصبحت كل الحلول جزئية نتيجة ارتباط المشكلة بالدفع بالدولار الأميركي وارتباط الاعتمادات بمصرف لبنان».
وكان وزير الزراعة عباس الحاج حسن قال في حديث إذاعي إنه من «المفترض، بعد الجهود التي بذلت، أن يفتح مصرف لبنان اعتمادات للقمح اليوم (أمس)، لتدخل البواخر المحملة بالمادة على دفعات إلى مرفأ بيروت، ما سيعيد الأمور إلى طبيعتها تدريجياً». ونفى أن يكون المصرف المركزي قد فتح الاعتمادات بموجب عقد دين ظرفي مع الحكومة. كما نفى «التوجه إلى رفع الدعم عن الطحين»، مشدداً على أن «لا أحد يريد رفع الدعم عنه على الأقل في المدى المنظور».
وكان رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أكد، في بيان، أن «البلاد تعيش اليوم أزمة رغيف حادة ناتجة من توقف مصرف لبنان عن تسديد ثمن بواخر القمح المستورد في ظل غياب المخزون الاستراتيجي لهذه المادة. الأزمة تشتد يوماً بعد يوم في ظل غياب المعالجات الجذرية وتصيب كل فئات الشعب اللبناني، خصوصاً العمال والفقراء وذوي الدخل المحدود. علماً بأن مجلس الوزراء قرر في جلسته الأخيرة رصد 15 مليون دولار لدعم وتأمين حاجات البلاد من القمح إلا أن مصرف لبنان لم يبادر إلى التسديد حتى تاريخه مما فاقم الأمور وساهم في توقف عدد كبير من المطاحن عن إنتاج الطحين المدعوم لصناعة الخبز العربي وتسليمه».
وكان رئيس «تجمع نقابة أصحاب الأفران» في لبنان رياض السيد أعلن، في بيان أول من أمس، أن «الأفران لم تعد لديها كميات من الطحين للاستمرار في إنتاج الخبز بسبب عدم تسديد ثمن القمح المستورد من قبل المصرف المركزي»، مؤكداً أن إقفال الأفران التي تعاني من مصاعب ومشكلات كبيرة، سيطال مخابز كبيرة منتشرة على جميع الأراضي اللبنانية، واصفاً الوضع بأنه «يسير من سيئ إلى أسوأ بعد فقدان مادة الطحين»، ومطالباً جميع المسؤولين كافة بالعمل على إيجاد الحل المناسب لتأمين المادة بأسرع وقت ممكن.
ومنذ انفجار مرفأ بيروت، الذي تسبب في تدمير إهراءات القمح في البلاد، يوفر «المصرف المركزي» دولارات استيراد القمح، ويدخل إلى مخازن المطاحن بكميات دورية تكفي السوق لنحو شهر ونصف الشهر.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».