مصر لـ«نقلة تنموية» في شمال سيناء بعد «دحر الإرهاب»

أعمال تشييد مدرسة جديدة في العريش بشمال سيناء (أ.ف.ب)
أعمال تشييد مدرسة جديدة في العريش بشمال سيناء (أ.ف.ب)
TT

مصر لـ«نقلة تنموية» في شمال سيناء بعد «دحر الإرهاب»

أعمال تشييد مدرسة جديدة في العريش بشمال سيناء (أ.ف.ب)
أعمال تشييد مدرسة جديدة في العريش بشمال سيناء (أ.ف.ب)

تعمل الحكومة المصرية على إحداث «نقلة نوعية تنموية شاملة» بكافة القطاعات الخدمية في شمال سيناء، مستغلة «حالة الاستقرار» التي تتمتع بها شبه الجزيرة المصرية حالياً، ونجاحها في «دحر الإرهاب»، حسب المحافظ محمد عبد الفضيل شوشة. وظلت شمال سيناء مرتكزاً للجماعات المتشددة الموالية لتنظيم «داعش» لسنوات. وعقب أحداث «25 يناير» 2011، شهدت أعمال عنف وعمليات إرهابية، ارتفعت وتيرتها في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، في يوليو (تموز) 2013، قبل أن تشن القوات المصرية حرباً شرسة على تلك الجماعات وقتلت المئات منهم. وقال شوشة، في تصريحات إعلامية، أمس، إن «شمال سيناء تشهد حالياً عملية إحلال وتجديد لكافة المرافق التي تعرضت للتدمير جراء العمليات الإرهابية، بما يحقق طموحات المواطن السيناوي بكافة المجالات، خصوصاً فيما يتعلق بالصحة والتعليم والكهرباء وشبكات المياه الآمنة والصحية». ويرى أن المحافظة باتت «تشهد حالة من الاستقرار بعد نحو 8 سنوات من مواجهة الإرهاب، الذي تمكنت من دحره». وأكد شوشة أن «الدولة بجميع أجهزتها ومؤسساتها تعمل على تنمية وتعمير سيناء، من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التنموية الكبيرة في مختلف القطاعات على أرض المحافظة، بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي»، مضيفاً أن «التنمية دائماً تسبق الأمن، خصوصاً مع القرى في مركز الشيخ زويد بعد دحر الإرهاب منها». واضطرت السلطات المصرية إلى إخلاء عدد من القرى والمدن في المحافظة من السكان ضمن العملية الأمنية التي شنتها للقضاء على موالين لتنظيم «داعش». ووفقاً للمحافظ، فإن هناك «عدة قرى عائدة بالشيخ زويد ورفح، ظهرت فيها مشكلة الكهرباء بسبب الإرهاب... وحالياً تعتمد على خطي كهرباء من العريش لحين إقامة محطتين للكهرباء سيتم افتتاحهما خلال شهر أبريل (نيسان) الحالي لإعادة تغذية الشيخ زويد ورفح وقطاع غزة مرة أخرى». وفي مجال الإسكان الاجتماعي، توجد 2016 وحدة إسكان وفرتها المحافظة، نصفها تم تخصصيه للمنقولين من رفح والشيخ زويد بنظام الإيجار الشهري «استضافة»، حيث تتحمل المحافظة مبلغ 325 جنيهاً من صندوق الإغاثة الفرعي لكل وحدة سكنية، بينما يقوم المواطن بدفع مبلغ 100 جنيه شهرياً نظير الصيانة والخدمات، كما أشار شوشة. وأضاف: «تم مؤخراً مشروع الـ105 عمارات التابعة للإسكان التعاوني، التي تهدم بعضها، حيث تم إزالتها وإقامة عمارات جديدة بدلاً منها وتسليمها لأصحابها، وكذلك البيوت البدوية، حيث أقيم منذ عام 2014 حتى الآن 2022 بيتاً بدوياً، أغلبها في وسط سيناء». وفي محور مياه الري، قال إنه تم حل مشكلتها في وسط سيناء عن طريق محطة معالجة بحر البقر التي ستضخ إلى وسط وشمال سيناء 5.6 مليون متر مكعب من المياه يومياً، ويجري التجهيز لري وزراعة مساحة 271 ألف فدان كمرحلة أولى لتصل في المرحلة الثانية إلى 620 ألف فدان في المرحلة الثانية. بينما «تم الاهتمام بمياه الشرب من خلال محطة الضخ بالقنطرة عن طريق خطين بالمحافظة»، وتم إنشاء محطتين لتحلية المياه برفح بطاقة 10 آلاف متر مكعب، ومحطتين أخريين بالشيخ زويد بطاقة 10 آلاف متر مكعب، وفي العريش 4 محطات بطاقة 25 ألف متر مكعب من المياه، وفي بئر العبد يتم إنشاء محطة مياه بمدينة بئر العبد الجديدة ومحطة أخرى بمدينة السلام الجديدة بطاقة 100 ألف متر مكعب». ولفت إلى إنشاء 14 محطة لتحلية الآبار في وسط سيناء من خلال معونة أميركية قيمتها 50 مليون دولار، وفي العريش يجري الانتهاء من إنشاء شبكة جديدة للمياه بتكلفة 886 مليون جنيه. وفي الصرف الصحي، قال محافظ شمال سيناء، إنه تم إنشاء شبكة للصرف الصحي بتكلفة 130 مليون جنيه، ثم استكمالها بتكلفة 30 مليون جنيه. وعدد المحافظ مشروعات أخرى في قطاعات الكهرباء والصحة والرياضة والتعليم، فضلاً عن مجمع الصناعات الحرفية بالعريش بتكلفة 50 مليون جنيه، ونبه إلى تطوير ميناء العريش البحري. وبالنسبة للتعويضات عن خسائر المواطنين المزارعين أو السكان برفح والشيخ زويد جراء الإرهاب، وإجبار «العناصر التكفيرية» للأهالي على ترك منازلهم، سواء «قسراً»، أو بسبب مغادرة الأهالي بسبب العمليات الإرهابية، قال محافظ شمال سيناء، «تم صرف 4 مليارات جنيه حتى الآن، وما زلنا مستمرين في هذا الموضوع». ورغم إعلان السيسي في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلغاء مد حالة الطوارئ المفروضة على عموم البلاد منذ 2017 وعلى سيناء منذ 2014، إلا أن السطات المصرية، وبقرار رئاسي، تفرض تدابير أمنية في بعض مناطق شبه جزيرة سيناء، بداعي «حفظ الأمن وحماية المنشآت»، تجدد كل 6 أشهر بعد موافقة البرلمان. وتشمل التدابير فرض حظر تجوال أو الإقامة أو إخلاء بعض المناطق وغيرها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».