أميركا تحث ليبيا على الانتخابات... ومراقبة الثروة النفطية

ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ومن خلفه إطلالة على طرابلس (السفارة الأميركية عبر تويتر)
ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ومن خلفه إطلالة على طرابلس (السفارة الأميركية عبر تويتر)
TT

أميركا تحث ليبيا على الانتخابات... ومراقبة الثروة النفطية

ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ومن خلفه إطلالة على طرابلس (السفارة الأميركية عبر تويتر)
ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ومن خلفه إطلالة على طرابلس (السفارة الأميركية عبر تويتر)

في خطوة تهدف إلى محاصرة الانقسام السياسي، حثت أميركا على لسان مبعوثها الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، «قادة البلاد» على استكمال المضي في المسار الانتخابي لإنهاء الفترة الانتقالية، و«عدم استخدام الثروة النفطية الهائلة لأغراض سياسية حزبية».
وأجرى نورلاند، اتصالاً هاتفياً بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، مساء أمس، تناول الوضع السياسي راهناً، وآفاق استعادة الزخم نحو الانتخابات الرئاسية والنيابية في ليبيا.
وقال نورلاند إن «القضية الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة في هذا الوقت هي الحاجة إلى إجماع سياسي كافٍ؛ وقبول ومصداقية لدى كتلة حرجة من الشعب الليبي في جميع أنحاء البلاد من أجل قيادة ليبيا إلى الانتخابات»، ورأى أن «نهاية المأزق الذي آلت إليه السلطة التنفيذية بدأ يتكشف».
ونقلت السفارة الأميركية لدى ليبيا عن نورلاند، قوله إنه «يعمل مع الجهات الفاعلة الرئيسية من جميع الأطراف للحفاظ على الاستقرار، بدءاً من الجهود المبذولة لضمان عدم استخدام ثروة ليبيا النفطية الهائلة لأغراض سياسية حزبية، والاكتفاء بتلبية الاحتياجات الأكثر أهمية للشعب».
وتابع: «نحن ندعم جهود القادة بمن فيهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح للاتفاق على آلية بقيادة ليبية لتسهيل ومراقبة هذه النفقات».
ورأى المبعوث الأميركي أنه «مع اقتراب نهاية المرحلة التمهيدية لـ(ملتقى الحوار السياسي) الليبي لحلّ شامل في يونيو (حزيران)؛ بات من المهم أكثر من أي وقت مضى تنظيم انتخابات؛ يمكن أن تنقل ليبيا إلى ما بعد الحلقة اللامتناهية من الحكومات الانتقالية».
ونوه بأنه «حفّز رئيس مجلس النواب على مواصلة تقديم كل الدعم اللازم لإنشاء أساس دستوري وقانوني لتنظيم الانتخابات في أقرب وقت ممكن بالتزامن مع العملية التي تيسرها الأمم المتحدة».
ونقل حميد الصافي المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، أن صالح أكد للمبعوث الأميركي على «عدم قبوله التدخل في قرارات مجلس النواب، وأن القرار سيكون ليبياً - ليبياً دون إملاءات خارجية»، كما شدد على أن مجلس النواب سيكون داعماً للمسار الدستوري وفقاً للتعديل الدستوري الثاني عشر.
وكان مجلس النواب طرح «خريطة طريق» عقب فشل السلطة التنفيذية القائمة في تنظيم الاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام الماضي، وتهدف إلى إدارة المرحلة المقبلة، تضمنت تكليف حكومة جديدة، برئاسة فتحي باشاغا، خلفاً لحكومة عبد الحميد الدبيبة، وإجراء تعديل على الإعلان الدستوري يتم بمقتضى ذلك تشكيل لجنة من أقاليم ليبيا الثلاثة، قصد مراجعة وتعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور، الذي أعدته الهيئة التأسيسية، أو إحداث توافق بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» على قاعدة دستورية للانتخابات.
لكن بموازاة ذلك، اقترحت ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، في الرابع من مارس (آذار) الماضي تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب و«الأعلى الدولة» لإعداد قاعدة دستورية، ومراجعة قوانين الانتخابات، لكن الاجتماعات التشاورية التي عقدتها في تونس مؤخراً لم تسفر هي الأخرى عن شيء، في ظل عدم مشاركة مجلس النواب.
ورجحت مصادر ليبية احتمالية احتضان إحدى مدينتي القاهرة أو الغردقة في مصر اجتماعاً للجنة المشتركة منتصف الأسبوع الحالي، للتوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات في ليبيا، حسبما أفادت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء، على أن يعقد الاجتماع المرتقب برئاسة مشتركة للمستشارة الأممية، التي قالت إنها «متفائلة» بإمكانية إجراء حوار بين مجلسي النواب و«الدولة» لمناقشة القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات العامة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.