العراق: «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني» لإقناع الصدر بحكومة شراكة

TT

العراق: «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني» لإقناع الصدر بحكومة شراكة

أعلنت مصادر متطابقة في كل من «الإطار التنسيقي الشيعي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» عن اتفاق الطرفين )اللذين لم تبلغ العلاقة بينهما مستوى التحالف( على طرح مبادرة، في غضون الأيام القليلة المقبلة، بهدف حلحلة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. وبينما لم تكشف أي من مصادر الطرفين طبيعة المبادرة، فإنها وبحسب ما تسرب، تقوم على تشكيل حكومة شراكة وطنية بدلاً من حكومة أغلبية وطنية، وهي التي ينادي بها زعيم التيار الصدري. وتتوقع المصادر المطلعة أن هذه المبادرة تم تسليمها إلى بعض القوى السياسية، ومن بينها التيار الصدري، رغم إعلان زعيمه، مقتدى الصدر، الاعتكاف والصمت الإعلامي لمدة 40 يوماً. وطبقاً لتلك المصادر، فإن «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» اللذين عقدا في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة مباحثات مكثفة، ينتظرون رد التيار الصدري وزعيمه بشأن مضمون المبادرة، لكي تُطرح للرأي العام، سواء في حالتي القبول أو الرفض. إلى ذلك أكد سياسي عراقي مستقل لـ«الشرق الأوسط» طالباً عدم الكشف عن اسمه أن «(الإطار التنسيقي) و(الاتحاد الوطني) اللذين يملكان الثلث المعطل بشأن عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحاولان الاستفادة من جو الخلافات التي بدأت تدب داخل أوساط تحالف (إنقاذ وطن)، وهي التي ربما دفعت زعيم التحالف، مقتدى الصدر، إلى الاعتكاف 40 يوماً، وليس خلافه مع (الإطار التنسيقي)». ويضيف السياسي العراقي أن «الخلاف الحالي حول الصلاحيات والتسميات بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو أحد زعماء تحالف السيادة مع نائبه الأول القيادي بالتيار الصدري، حاكم الزاملي، بات يشكل مشكلة داخل «تحالف إنقاذ وطن»، لأن السنّة لا يمكنهم قبول الصيغة التي يريد الزاملي العمل بموجبها، وهي أن البرلمان يتكون من هيئة رئاسة تتخذ قراراتها بالاتفاق، وليس رئيساً ونائبين، مبيناً أن «السنّة حتى الذين يختلفون مع الحلبوسي يرفضون هذه الصيغة رفضاً تاماً، لأنها تنسحب على استحقاق مكون، وليس على شخص رئيس البرلمان فقط». وأوضح السياسي العراقي أن «السنّة أوصلوا، سواء في تحالف السيادة أو القوى السنية الأخرى، رسائل إلى الصدر للتدخل، وربما ينتظرون انتهاء فترة اعتكافه حتى يتبين لهم موقفه من هذا الخلاف، لكي يتخذوا قراراً ربما يصل إلى حد الانسحاب من (تحالف إنقاذ وطن)». ويمضي السياسي العراقي قائلاً إنه «حتى على صعيد علاقة الصدر بزعيم (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، مسعود بارزاني، لم تعد مثلما كانت في بدايات التحالف، حيث لم تعقد اجتماعات أو لقاءات رفيعة المستوى بين الطرفين، فضلاً عن أن الضربات التي وجهت إلى أربيل لم تحظ باستنكارات، إلا بشكل خجول من التيار الصدري وزعيمه، الأمر الذي جعل موقف (الإطار التنسيقي) والاتحاد الوطني الكردستاني يكون أكثر قوة، في ظل عدم وجود أي مؤشرات على قدرة التحالف الثلاثي على المضي في تشكيل الحكومة».
إلى ذلك تضاربت الآراء والمواقف السياسية والقانونية بشأن ما إذا كان تاريخ ما بعد السادس من أبريل (نيسان) الحالي بمثابة فراغ دستوري أم خرق دستوري. فالمحكمة الاتحادية العليا في العراق كانت قد منحت البرلمان العراقي الحق، ولمرة واحدة بفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، على أن تتم عملية الانتخاب خلال «فترة وجيزة». ومع أن المحكمة العليا لم تحدد سقفاً زمنياً لهذه الفترة الوجيزة، فإن غالبية الآراء التي طُرِحت من قبل قانونيين أو سياسيين تشير إلى أنها تنتهي يوم 6/ 4/ 2022؛ كون قرار المحكمة الاتحادية بفتح باب الترشح صدر يوم 6/ 3/ 2022. وكان البرلمان العراقي فشل في ثاني جلسة له، في التاسع من فبراير (شباط) الماضي، في انتخاب رئيس جمهورية، المنصب الذي يتنافس عليه 40 مرشحاً يتقدمهم مرشحا الحزبين الكرديين («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»). وفي ظل ما بدا بمثابة انسداد سياسي كامل، أصبح الجميع أمام إشكاليتين سياسية وقانونية. فالسياسية تتمثل في وقف الصدر المفاوضات، مع إصرار على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وهو ما لا يرغب به «الإطار التنسيقي»، أما القانونية، فتتمثل بما إذا كانت البلاد بعد السادس من أبريل (نيسان) الحالي دخلت فراغاً دستورياً كاملاً أم ما يجري هو خرق دستوري. وفي هذا السياق يقول الخبير القانوني سالم حواس إن «هناك مَن يخلط بين قرار المحكمة الاتحادية العليا بخصوص عدم جواز فتح باب الترشيح مرة أخرى، ويبني عليه سريان المدد القانونية، والمدة الدستورية الواردة بالمادة 72 (ثانياً) فقرة (ب) التي تم خرق توقيتها الزمني (الثلاثين يوماً) ثلاث مرات». وأضاف أن «الخلط وعدم الفهم للأسف الشديد يكمن في عدم جواز فتح باب الترشيح مرة أخرى، في حين أن الترشيح ما زال سارياً وقائماً، ولم يتم الخلاف حوله، إنما الخلاف والتعطيل يتعلق بعدم تحقق النصاب، وهو أغلبية الثلثين». وأضاف أنه «بعد تحديد يوم 26 مارس (آذار) لعقد الجلسة، فإنه في حالة عدم اختيار رئيس الجمهورية الجديد يمكن لرئاسة البرلمان تأجيلها لغاية 6 أبريل (نيسان) فقط، وفي حال تجاوز هذه المدة، نكون أمام مخالفة صريحة لقرار المحكمة الاتحادية العليا التي أجازت فتح باب الترشيح لمرة واحدة، وسنكون أمام فشل غير قابل للحل».
أما الخبير القانوني علي التميمي فيرى أنه «يمكن لرئاسة البرلمان العراقي تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد لغاية 6 أبريل المقبل فقط»، مشيراً إلى أن «تجاوز اختيار الرئيس للتاريخ المحدد يعدّ مخالفة للقرار الصادر عن المحكمة الاتحادية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.