مفتي الجمهورية اللبنانية يؤكد العمل على «إعادة تكوين البيت الداخلي على أسس صحيحة»

في انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي والمجالس الإدارية

عناصر من الجيش اللبناني في قرية خريبة أمس يحملون جثمان الجندي علي العلي الذي قتل في مواجهات مع جماعات متشددة في أغسطس الماضي بعد تسلم جثته أخيرا (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني في قرية خريبة أمس يحملون جثمان الجندي علي العلي الذي قتل في مواجهات مع جماعات متشددة في أغسطس الماضي بعد تسلم جثته أخيرا (رويترز)
TT

مفتي الجمهورية اللبنانية يؤكد العمل على «إعادة تكوين البيت الداخلي على أسس صحيحة»

عناصر من الجيش اللبناني في قرية خريبة أمس يحملون جثمان الجندي علي العلي الذي قتل في مواجهات مع جماعات متشددة في أغسطس الماضي بعد تسلم جثته أخيرا (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني في قرية خريبة أمس يحملون جثمان الجندي علي العلي الذي قتل في مواجهات مع جماعات متشددة في أغسطس الماضي بعد تسلم جثته أخيرا (رويترز)

أجريت يوم أمس انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى والمجالس الإدارية في كل المناطق اللبنانية، بناء على دعوة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي أكد أنها ستساهم في «إعادة تكوين البيت الداخلي على أسس صحيحة».
وقد حضر الانتخابات في بيروت، إلى جانب أعضاء الهيئة الناخبة، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والمفتي دريان ووزراء ونواب. وقال سلام، بعد الإدلاء بصوته: «هو يوم وفجر جديد، نتابعه بعد أن كنا في الصيف الماضي قد انتخبنا بجو ديمقراطي سماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، وفتحنا صفحة جديدة».
وأكد رئيس الحكومة أنّ «الاعتدال والوسطية هي من العناصر الأساسية التي نعتمد عليها في مسيرتنا، وقد لمسنا في الأشهر الماضية مواقف وإجراءات لسماحة المفتي، تؤكد على أن الاعتدال هو السبيل الوحيد لنا جميعا لتعزيز ديننا ولتعزيز ممارستنا لهذا الدين على أفضل وجه».
من جهته، قال دريان: «تقوم الهيئات الناخبة لأعضاء المجلس الشرعي والمجالس الإدارية في بيروت وفي كل المحافظات اللبنانية بالانتخابات من أجل إعادة تكوين البيت الداخلي على أسس صحيحة، ونطوي بذلك صفحة الماضي ونتطلع إلى المستقبل وإلى مشاريعنا وإلى اهتماماتنا التي تعزز من دور دار الفتوى وتعزز من أداء مؤسساتنا الوقفية».
ووصف دريان يوم الانتخابات بـ«المحطة التاريخية»، قائلا: «هذه هي العملية الانتخابية الشفافة، وقد طلبت من الجميع في دار الفتوى وفي الأوقاف الإسلامية أن يكون عملهم عملا تنظيميا، ويمتنع على أي أحد أن يتدخل فيها، سواء كان ذلك لمصلحة سياسية معينة، أو لمصلحة جهة سياسية أخرى».
وأضاف: «أعلنت مرارا وتكرارا، إنني لن أتدخل في الانتخابات التي تجرى اليوم، وإنني سوف أكون على مسافة واحدة من الجميع، وسأكون مع جميع الفائزين في التطوير والعمل الجاد على صعيد مأسسة دار الفتوى والأوقاف الإسلامية بشكل صحيح، لا عودة إلى الوراء أبدا، لا عودة إلى الانقسام وإلى التفرق وإلى التشرذم، دار الفتوى اليوم هي دار جامعة لكل المسلمين ولكل اللبنانيين، وهذه هي مسيرتها التي بدأناها معا».
وشدّد دريان: «نحن في دار الفتوى منسجمون تماما مع رئاسة مجلس الوزراء، وعلى تفاهم تام مع الرئيس سلام لما فيه مصلحة المسلمين، ولما فيه مصلحة اللبنانيين، وندرك تماما الأعباء الثقيلة التي نتحملها معا في المهام التي نقوم بها».
والانتخابات هي الأولى التي تجرى منذ انتخاب المفتي دريان في شهر أغسطس (آب) الماضي بعد خلافات سياسية بين المفتي السابق محمد رشيد قباني وبعض الجهات السياسية، على رأسها «تيار المستقبل» الذي كان له الثقل الأبرز في لوائح المرشحين في انتخابات أمس. وكان الانقسام قد أدى إلى إنتاج مجلسين شرعيين، أحدهما برئاسة قباني والثاني المدعوم من المستقبل ومعظم رؤساء الحكومة السابقين.
وبينما تتألف الهيئات الناخبة في جميع المحافظات من رؤساء الحكومة السابقين والحاليين، إضافة إلى الوزراء والنواب السنة وقضاة الشرع، يتكون المجلس الشرعي الأعلى من رئيس هو مفتي الجمهورية ونائب للرئيس ينتخب من بين أعضائه، ومن أعضاء طبيعيين وأعضاء منتخبين وأعضاء يعينهم مفتي الجمهورية. أما أعضاء المجالس المنتخبون فهم: ثمانية من محافظة بيروت وثمانية من محافظة الشمال، منهم واحد من عكار، وأربعة من محافظة الجنوب، منهم ثلاثة من مدينة صيدا وواحد من قضائي حاصبيا ومرجعيون، واثنان من كل من محافظتي جبل لبنان والبقاع. وتنتخب كل منطقة أعضاءها بواسطة الهيئة المنوط بها انتخاب المفتي المحلي، أما الأعضاء الذين يعينهم مفتي الجمهورية فإن عددهم يوازي ثلث عدد الأعضاء المنتخبين ويختارهم خلال أسبوع من تاريخ تصديق نتائج الانتخاب ويكونون من الفئات التالية: القضاة الشرعيون السنيون في محاكم البداية، والمحكمة العليا من الدرجات الثماني العليا، والقضاة العدليون والإداريون السنة من الدرجات الخمس العليا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».