روسيا وأوكرانيا تتبادلان اتهامات حول «منع شحنة قمح موجهة لمصر»

الحكومة المصرية تقول إنها تحترز ضد تأثر احتياجاتها من القمح (رويترز)
الحكومة المصرية تقول إنها تحترز ضد تأثر احتياجاتها من القمح (رويترز)
TT

روسيا وأوكرانيا تتبادلان اتهامات حول «منع شحنة قمح موجهة لمصر»

الحكومة المصرية تقول إنها تحترز ضد تأثر احتياجاتها من القمح (رويترز)
الحكومة المصرية تقول إنها تحترز ضد تأثر احتياجاتها من القمح (رويترز)

تبادلت سفارتا روسيا وأوكرانيا في القاهرة، الاتهامات بشأن المسؤولية عما قالت الثانية إنه «تم منع سفينة محملة بالقمح الأوكراني اشترتها مصر»، لكن موسكو اتهمت كييف بأنها «تمنع حركة السفن التجارية».
وزاد دخول سفارة الولايات المتحدة الأميركية في القاهرة على خط الأزمة من سخونتها، بعدما أعادت نشر الإفادة الأوكرانية عبر الصفحة الرسمية لسفارة واشنطن على موقع فيسبوك، وعبر نفس المنصة ردت سفارة روسيا وقالت إن «إعلان الطرف الأوكراني عن منع حركة سفينة (EMMAKRIS III) الأوكرانية المحملة بالقمح الذي كما يقال يتم تصديره إلى مصر غير صحيح».
ولم تعلق الحكومة المصرية على تلك الاتهامات المتبادلة بين الجانبين، وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مسؤولين مصريين رسميين بشأن الأزمة لكنها لم تتلق رداً.
وفي إشارته لما قالت إنه منع روسي لسفينة القمح الأوكراني الموجهة لمصر، نشرت سفارة كييف رابطاً للتتبع الإلكتروني لحركة السفن». لكن سفارة روسيا في القاهرة قالت إن «الإدارات العسكرية الأوكرانية تمنع حركة السفن في مناطق أوديسا وتشيرنومورسك».
وزادت مبررة سلامة الموقف قائلة: «إن الأسطول البحري الروسي ضَمِن حرية حركة السفن التجارية، ولكن السلطات الأوكرانية تمنع خروجها من الميناء».
وتُعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وأكبر مستورديه من روسيا وأوكرانيا، وفي أعقاب اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، أقر وزير المالية المصري محمد معيط بأن بلاده ستواجه تبعات جراء تلك الأحداث مشيراً إلى أن «بند (توفير) القمح في موازنة الدولة سيرتفع بمقدار 15 مليار جنيه مصري (الدولار يساوي 18.22 جنيه تقريباً في المتوسط)».
كما ألزمت الحكومة المزارعين المصريين بتوريد نسبة من إنتاجهم للقمح إلى شركاتها، وفيما أعلنت عن حوافز ودعم للأسمدة لأصحاب حيازات الأراضي الكبيرة ممن سيوردون لها 90 في المائة من محصولهم، فإنها لوحت بتطبيق عقوبات الحبس والغرامة المالية للمخالفين.
وخلال أواخر الشهر الماضي ومطلع الشهر الحالي، تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالين هاتفيين من نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وتناولا، بحسب بيان رئاسي مصري «مستجدات الأزمة (الروسية - الأوكرانية) وآخر التطورات في هذا الإطار خصوصاً ما يتعلق بمسار المفاوضات»، وأكد السيسي «أهمية تناول جميع السبل المؤدية إلى التهدئة والتوصل إلى حل سلمي للنزاع، فضلاً عن اهتمام مصر ببذل كل الجهود من أجل تحقيق ذلك، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي».
وكانت مصر قد صوتت مع 140 دولة أخرى في «الجمعية العامة للأمم المتحدة» لصالح قرار يشجب «العدوان الروسي على أوكرانيا»، فيما رفضته 5 دول، وامتنعت 35 دولة أخرى. وفندت مصر أسباب تصويتها بأنها تأتي «انطلاقاً من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة». لكنها ورغم تصويتها لصالح قرار إدانة روسيا، فإنها ضمنت قرارها بنداً يدعو إلى «عدم غض الطرف عن بحث جذور ومسببات الأزمة الراهنة والتعامل معها بما يضمن نزع فتيلها وتحقيق الأمن والاستقرار»، مؤكدة رفضها في الوقت نفسه «منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف من منطلق التجارب السابقة، التي كانت لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، وما أفضت إليه من تفاقم معاناة المدنيين طوال العقود الماضية». ومنذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية قالت الحكومة المصرية إن البلاد ستتأثر بشكل كبير جراء الأزمة واتخذت قرارات تتعلق بحظر تصدير بعض الحبوب لتجنب حدوث أزمة محلية، كما شكلت لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي لمجابهة التداعيات.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.