تضارب حول هوية مهربي سجناء الخالص.. ومطالبات باستجواب وزير الداخلية العراقي

اتهامات لميليشيا مسلحة باقتحام السجن بحثًا عن مطلوب في تفجير حسينية

تضارب حول هوية مهربي سجناء الخالص.. ومطالبات باستجواب وزير الداخلية العراقي
TT

تضارب حول هوية مهربي سجناء الخالص.. ومطالبات باستجواب وزير الداخلية العراقي

تضارب حول هوية مهربي سجناء الخالص.. ومطالبات باستجواب وزير الداخلية العراقي

لجنة أخرى تضاف إلى سجل لجان التحقيق في العراق في وقت لم تعلن حتى الآن أي من اللجان السابقة التي شكلت منذ عام 2006 وحتى اليوم أي نتيجة بشأن ما أنيط بها من مهام وآخرها لجنتا سقوط الموصل ومجزرة سبايكر.
فعلى خلفية ما حصل عند اقتحام مجموعة مسلحة مساء الجمعة سجن الخالص في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد وإخراج مجموعة من السجناء الخطرين من هذا السجن وقتل عشرات آخرين، قرر وزير الداخلية محمد سالم الغبان تشكيل لجنة عليا لمعرفة ملابسات الحادث. الداخلية وفي بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه قالت إن «الغبان أمر بتشكيل لجنة عليا بمستوى وكيل وزير للتحقيق في الحادث». وأضاف البيان أن «الغبان شدد على ضرورة الإسراع بالإجراءات التحقيقية وإعلان النتائج وتقديم المقصرين إلى القضاء»، مشيرًا إلى أن الغبان لاحظ خلال وجوده في مكان الحادث أن هناك تقصيرًا في إجراءات إدارة السجن.
بدوره، قال قائمقام الخالص عدي الخدران في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية إن «ضعف المعلومة الاستخبارية كان السبب الأول وراء عملية الفرار». وأضاف «لو كانت لدينا معلومات لما حدث الأمر (...) يوجد تقصير من قبل الأجهزة الأمنية في السجن»، الواقع ضمن مقر لشرطة قضاء الخالص. وأوضح الخدران أنه بنتيجة العملية، فر 42 سجينا وقتل 35، بينما قضى ستة عناصر من الشرطة وثلاثة مدنيين حاولوا مساعدة الأجهزة الأمنية.
وتبنى تنظيم داعش الهجوم قائلا إنه فر بنتيجته أكثر من 30 من عناصره. وأشار في بيان إلى وجود تنسيق بين موقوفين في السجن وعناصر خارجه قاموا بتفجير 15 عبوة ناسفة على آليات وأرتال للجيش والشرطة بمختلف المناطق المحاذية لسجن الخالص. وقال الخدران أمس إن «العملية أعد لها بشكل مسبق، وتم تفجير عبوات وضعت على طريق التعزيزات إلى القضاء». وأشار إلى أن عدد الموقوفين في السجن كان يبلغ 88 شخصا، بينهم «إرهابيون خطرون»، وإن السجناء نقلوا إلى هذا المكان قبل نحو عام من سجن آخر في مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى. وأضاف «رفضنا جلبهم إلى سجن الخالص لأنه قريب من الشارع العام وتسهل مهاجمته، لكن السلطات الأمنية لم تصغ إلينا واعتبرته آمنا ومحصنا».
وعلى رغم من إعلان السلطات العراقية في يناير (كانون الثاني) «تحرير» محافظة ديالى الحدودية مع إيران، من وجود التنظيم المتطرف رأى الخدران أن عملية الفرار من السجن تؤشر إلى وجود «خلايا» جهادية ناشطة. وقال: «ما حدث مؤشر خطير خصوصا أن الخالص يعد من الأقضية المستقرة (...) لكن هناك خلايا نائمة، تنشط خصوصا في المناطق الآمنة، بعيدا عن المراقبة»، إضافة إلى «دخول النازحين إلى المحافظات الوسطى والجنوبية (ذات الغالبية الشيعية) على حساب أمن المدن (...) كل هذه الأسباب هيأت للهجوم».
اتحاد القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) لم ينتظر نتائج التحقيق إذ اتهم في بيان رسمي ميليشيات مسلحة باقتحام السجن. وقال البيان إن «عناصر إرهابية تنتمي لإحدى الميليشيات المسلحة (لم يسمها) اقتحمت سجن الخالص لإطلاق سراح أحد المطلوبين للعدالة، المتهم بتفجير إحدى الحسينيات، المدعو سيد صادق، وقامت بعد إخراجه من السجن ومن معه من المكون نفسه، وبقتل ثلاثين نزيلاً ينتمون للمكون السني، وغادروا المكان بسياراتهم المظللة». وأضاف البيان أن هناك «جريمة أخرى حدثت في اليوم نفسه، بعد أن داهمت الشرطة منطقة الوجيهيه، واعتقلت تسعة أشخاص من السنة، وجدت جثثهم فيما بعد ملقاة على قارعة أحد الطرق»، مطالبًا رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، ووزير الداخلية بضرورة «تحمل مسؤولياتهما إزاء ما يجري من قتل على الهوية ﻷبناء ديالى، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع تلك الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة وعزل رؤساء الأجهزة الأمنية في المحافظة، ومحاسبة المقصرين منهم واستبدالهم بعناصر كفؤ قادرة على حماية المواطنين سواء من هم في المعتقلات أم خارجها».
السياسي المستقل في محافظة ديالى تراث العزاي شكك، بدوره، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» في حكاية تبني تنظيم داعش لمثل هذه العملية من منطلق أن «داعش» لا يستطيع دخول الخالص لأنها ومثلما يعرف الجميع مؤمنة بالكامل من جميع جهاتها وليس هناك على الإطلاق، مثلما يعرف كل أهالي ديالى، حاضنة للتنظيم في الخالص علما بأن كل مداخلها ومخارجها مطوقة وتحيط بها المفارز الأمنية وسلسلة من نقاط التفتيش، مشيرا إلى أنه «وفي إطار هذه الصورة بأي معيار يمكننا أن نصدق حكاية أن تدخل سيارات رباعية الدفع تابعة لـ(داعش) إلى الخالص وتبدأ بإطلاق النار ومن ثم تختطف معتقلين وتقتل آخرين»، متسائلا «ألا يحتاج هذا الأمر إلى عقل لتصديقه؟».
في سياق ذلك، كشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ماجد الغراوي، عن جمع تواقيع نواب لاستجواب وزير الداخلية. وقال الغراوي في تصريح أمس إن «التغييرات التي حصلت في المحافظة كتغيير قائد الشرطة وجلب شخص آخر دون تخطيط مسبق ومهنية في العمل انعكس على تردي الوضع الأمني»، مبينا أن «التواقيع التي تم جمعها لغرض الاستجواب تجاوزت العدد المطلوب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».