صالح ينفي سحب ترشحه للرئاسة العراقية و«الصدري» يوصد الباب أمام «التنسيقي»

الرئيس العراقي برهم صالح (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح (إ.ب.أ)
TT

صالح ينفي سحب ترشحه للرئاسة العراقية و«الصدري» يوصد الباب أمام «التنسيقي»

الرئيس العراقي برهم صالح (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح (إ.ب.أ)

نفت الرئاسة العراقية أنباء متداولة عن اتصال زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بالرئيس برهم صالح بهدف سحب ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية لدورة ثانية مقابل سحب ترشيح خصمه من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» ريبر أحمد. وقال مصدر مخول في الرئاسة إن «ما تناقلته بعض المواقع حول إجراء الصدر اتصالاً بصالح حول ملف ترشيحات رئاسة الجمهورية، خبر مفتعل وعارٍ عن الصحة». وكانت وسائل إعلام عراقية تداولت خبراً مفاده بأن الصدر عرض في اتصال هاتفي مع برهم صالح ليل أول من أمس سحب ترشيحه من رئاسة الجمهورية مقابل منحه منصب وزير الخارجية في حكومة الأغلبية الإصلاحية الوطنية المقبلة، وبأن الأخير رفض بشدة. وفيما لم يؤكد مصدر من «التيار الصدري» صحة الاتصال من عدمها؛ فإنه يأتي في وقت بلغت في العلاقة الثنائية بين الحزبين الكرديين («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني») حد القطيعة الكاملة بسبب خلافهما حول منصب رئيس الجمهورية الذي هو حصة المكون الكردي في العراق طبقاً للتوزيع المحاصصاتي للمناصب السيادية العليا في البلاد. وكان التحالف الثلاثي؛ الذي يقوده زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر ويضم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني و«تحالف السيادة» السُنّي، فشل للمرة الثالثة في تمرير مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد بسبب عدم قدرته على تأمين أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب رئيس الجمهورية حسب تفسير المحكمة الاتحادية العليا في العراق.
إلى ذلك؛ تبادل الحزبان الكرديان الرئيسيان في إقليم كردستان («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني») الاتهامات بشأن الموقف من منصب رئيس الجمهورية، وأكد كلاهما أن باب التفاهم أغلق تماماً، مثلما أغلق باب التفاهم بين القوتين الشيعيتين الرئيسيتين («التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»). وفي هذا السياق؛ أعلن عضو المكتب السياسي لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني»، سعدي أحمد بيرة، أنهم «أفشلوا انقلاباً لتهميش (الاتحاد الوطني) في تشكيل التحالفات السياسية في بغداد»؛ في إشارة إلى محاولات شق صفوف «الاتحاد الوطني الكردستاني» بالاستبدال بمرشحه الرئيس الحالي برهم صالح آخر من داخل «الاتحاد» بشرط أن يكون مرضياً عنه من قبل زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني. وقال بيرة إن «(الاتحاد الوطني الكردستاني) واجه خلال الفترة السابقة محاولات حثيثة للإقصاء والتهميش، وأفشل محاولة انقلابية لاحتوائه وإنهاء دوره».
من جهته، أعلن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني عدم إمكانية حدوث اتفاق مع «الاتحاد الوطني الكردستاني». وقال سكرتير المكتب السياسي للحزب، فاضل ميراني، في تصريح للصحافيين: «الأوان فات على إمكانية الاتفاق بشأن رئاسة الجمهورية بيننا وبين (الاتحاد الوطني)». وأضاف: «ندعوهم إلى أن نتفق على قضايا كردستان الداخلية».
شيعياً؛ في الوقت الذي أعلن فيه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي القيادي في «الإطار التنسيقي» أن «الإطار» بصدد طرح مبادرة من أجل فتح الانغلاق السياسي بعد فشل «تحالف الصدر الثلاثي» في تأمين أغلبية الثلثين اللازمة لتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية خلال جلسة أول من أمس الأربعاء، أجهض زعيم «التيار الصدري» المبادرة قبل أن ترى النور. وقال الصدر في تغريدة له موجهة إلى خصومه في البيت الشيعي إنه لا توافق معهم؛ عادّاً الانسداد السياسي بالنسبة إليه أهون من التوافق مع «الإطار التنسيقي».
يأتي ذلك في وقت لم يعد فيه أمام القوى السياسية العراقية سوى بضعة أيام قبل أن تدخل البلاد في فراغ دستوري يصعب الخروج منه؛ فطبقاً لقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر في 6 مارس (آذار) الماضي؛ فإن مهلة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ولمرة واحدة تنتهي في 6 أبريل (نيسان) الحالي؛ الأمر الذي يتطلب اللجوء إلى أحد الخيارين؛ إما العودة إلى التوافق بين تحالفي «الصدر» و«الإطار التنسيقي»، وإما حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة في غضون شهرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».