ماكرون لم يحصل على تنازل من بوتين في ملف إجلاء سكان ماريوبول

بايدن يناقش مع كبار القادة الأوروبيين آخر المستجدات على الساحة الأوكرانية

رتل من الدبابات الروسية في طريقها إلى وسط مدينة ماريوبول المحاصرة (رويترز)
رتل من الدبابات الروسية في طريقها إلى وسط مدينة ماريوبول المحاصرة (رويترز)
TT

ماكرون لم يحصل على تنازل من بوتين في ملف إجلاء سكان ماريوبول

رتل من الدبابات الروسية في طريقها إلى وسط مدينة ماريوبول المحاصرة (رويترز)
رتل من الدبابات الروسية في طريقها إلى وسط مدينة ماريوبول المحاصرة (رويترز)

لم ينجح الرئيس الفرنسي الذي تواصل بعد ظهر أمس مع نظيره الروسي من أجل تمكين «من يرغب» من سكان مدينة ماريوبول، المرفأ الساحلي الاستراتيجي المطل على بحر آزوف، في الخروج من المدينة بشكل آمن أو بتمكين المنظمات الإنسانية من إيصال المواد الغذائية والأدوية والمياه للسكان المحاصرين الذين قدرت مصادر الرئاسة الفرنسية أمس عديدهم بـ160 ألف شخص. وأفادت هذه المصادر بأن إيمانويل ماكرون الذي يحرص على استمرار الحوار مع فلاديمير بوتين وأعرب عن تحفظه على العبارات التي استخدمها الرئيس الأميركي جو بايدن بحقه الأسبوع الماضي، قدم له مجموعة مطالب تتناول الوضع «المأساوي» في ماريوبول. ودعا ماكرون إلى توفير هدنة عسكرية في المدينة المحاصرة منذ أسابيع وتعتبرها باريس ضرورية من أجل عملية إجلاء السكان بشكل آمن إضافة إلى تمكينهم من الخروج واختيار الوجهة التي يريدونها على أن يترافق ذلك مع السماح للمنظمات الإنسانية من إيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين وضمان أمن العاملين لمصلحة هذه المنظمات. وكان رهان باريس أن التنسيق والتعاون مع تركيا واليونان في موضوع ماريوبول حيث للبلدين جالية مهمة فيها من شأنه أن يشكل وسيلة ضغط إضافية على الرئيس الروسي. والحال، وفق المصادر الرئاسية، أن الأخير كان «متشدداً» وأنه اتهم القوات الأوكرانية و«كتيبة آزوف» العاملة فيها أنها المسؤولة عن الوضع وعن عرقلة الممرات الآمنة التي يتم التوافق على تعيينها. ويتبادل الطرفان الروسي والأوكراني الاتهامات بخصوص تعطيلها. وجل ما حصل عليه ماكرون من بوتين هو وعد بأن «ينظر في الموضوع واطلاع مارون على رده».
بيد أن بياناً صادراً عن الكرملين عقب الاتصال أفاد بأن بوتين قال لماكرون إن السبيل «لإيجاد حل للوضع الإنساني الصعب في ماريوبول عنوانه أن يعمد المحاربون القوميون الأوكرانيون إلى وضع حد للقتال وتسليم أسلحتهم». وترى باريس أن ماريوبول تعد بالنسبة للقوات الروسية، «هدفاً استراتيجياً رئيسياً وبالتالي فإن الضغوط العسكرية عليها سوف تتواصل». ورغم السلبية الروسية، فإن المصادر الفرنسية أكدت أن باريس «تنتظر الدور الروسي» وأنها ستواصل جهودها بالتفاهم مع كييف وبالتعاون مع تركيا واليونان ولكن أيضاً مع الأطراف الأخرى في مجموعة الخمس والمنظمات الإنسانية والأمم المتحدة وأن الغرض من ذلك كله «توحيد القوى ومواصلة الضغوط» على موسكو من أجل دفعها لاحترام القانون الدولي. وليس مستبعداً أن تعود باريس لنقل ملف ماريوبول إلى الأمم المتحدة حيث سبق لها أن قدمت مشروع قرار بالاشتراك مع المكسيك. وفي اتصاله مع بوتين، أثار ماكرون ملف المفاوضات الجارية مع أوكرانيا.
وأمس، رفضت المصادر الفرنسية التعليق على ما اعتبر تحقيق تقدم في إسطنبول بين الوفدين المعنيين مشددة على الحاجة إلى التشاور مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي يتواصل معه ماكرون دوماً للتعرف على «تقييمه» للمرحلة التي وصلت إليها المفاوضات. ويختصر الموقف الفرنسي بأن باريس «تدعم أوكرانيا في خياراتها» لكن المراحل اللاحقة غير واضحة، مشددة على الحاجة لوقف إطلاق النار أولاً وحماية المدنيين وخروج القوات الروسية من الأراضي التي احتلتها في أوكرانيا وإعادة التأكيد على أن باريس تدعم كييف في عملية التفاوض من أجل حماية بلدهم والدفاع عن سيادته. والحال أن الشروط التي تتوقف عندها فرنسا لا يبدو أنها الشروط نفسها التي تضعها القيادة الأوكرانية، إضافة إلى أن وقف النار وخروج القوات الروسية سيكونان على الأرجح نتيجة للتفاوض وليسا سابقين له. وفي أي حال، فإن باريس تدعو عملياً إلى الحذر عندما تنبه من أنه «لا يتعين الانخداع ببعض الخطوات الروسية التي يمكن أن تكون تكتيكية» وفي الوقت عينه فإنها ترسم علامات استفهام حول إعلان موسكو أنها سوف تركز من الآن وصاعداً عملياتها العسكرية على منطقة الدونباس وإراحة الجبهة في محيط العاصمة كييف وشمال البلاد. وتتساءل المصادر الفرنسية عما إذا كانت هذه الخطوة تعد تنازلاً روسياً أم لا؟. وفي أي حال، فإن الحكم على ما ظهر أمس يحتاج إلى مزيد من الوقت.
وفي سياق آخر، قال ماكرون للرئيس الروسي إن باريس ترفض طلبه دفع قيمة واردات الغاز الروسية بعملة الروبل وبعكس ما يؤكده الأخير، فإن العقود المبرمة بين الطرفين لا تنص على إمكانية الدفع بالعملة الروسية. ويتوافق الموقف الفرنسي مع المواقف التي عبر عنها الأوروبيون ومجموعة السبع. ويرى الجميع أن بوتين يريد عبر طلبه توفير دعم للعملة الوطنية التي خسرت الكثير من قيمتها منذ بدء الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي.
وفي سياق متصل، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث هاتفياً ولمدة ساعة مع زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، على التوالي، أمس الثلاثاء لبحث أحدث تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكان قد عاد بايدن من أوروبا حيث اجتمع مع عدد من كبار القادة الأوروبيين وحضر قمة لحلف شمال الأطلسي بشأن الرد الغربي على الغزو الروسي لأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».