الضغط يتزايد على رئيس وزراء باكستان قبل تصويت على حجب الثقة

عمران خان يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في إسلام أباد أمس (رويترز)
عمران خان يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في إسلام أباد أمس (رويترز)
TT

الضغط يتزايد على رئيس وزراء باكستان قبل تصويت على حجب الثقة

عمران خان يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في إسلام أباد أمس (رويترز)
عمران خان يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في إسلام أباد أمس (رويترز)

بدأ عشرات الآلاف من الأشخاص مسيرة إلى العاصمة الباكستانية، أمس، للإعراب عن معارضتهم لرئيس الوزراء عمران خان، الذي من المتوقع أن يواجه تصويتاً على حجب الثقة الأسبوع المقبل. وأطلق أنصار حزب الزعيم المقال نواز شريف «مسيرتهم الطويلة» في مدينة لاهور شرق البلاد، المعقل السياسي لشريف وحزبه «الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز». وقالت مريم نواز، ابنة شريف ووريثته السياسية للحشد قبل بدء المسيرة، إن «رئيس الوزراء (خان) سيستقيل قبل أن نصل إلى إسلام آباد». ويستعد الآلاف من أنصار «حزب الرابطة الإسلامية - نواز» في بلدات مختلفة من ولاية بنجاب للانضمام إلى المسيرة التي ستغطي 300 كيلومتر. يشار إلى أن «الرابطة الإسلامية» ليس الحزب الوحيد الذي يتوجه إلى العاصمة للضغط على خان. وينظم فضل الرحمن رئيس حزب «جماعة علماء الإسلام» المحافظ مسيرة أيضاً إلى العاصمة، وانضم إليه آلاف من أنصار الحزب. وتم عرقلة محاولة لطرح إجراء يدعو إلى تصويت ضد رئيس الوزراء، عمران خان، عندما قال رئيس الجمعية الوطنية، أسد قيصر، إنه يتعين الانتظار، مشيراً إلى تقليد يقضي بعدم إجراء أي عمل، في الاجتماع الأول بعد وفاة مشرع في تلك الحالة، وهو العضو عن الحزب الحاكم خيال زمان أوركزاي. ويمكن طرح الإجراء الآن يوم الاثنين المقبل، ويمكن أن يجرى التصويت بعد ثلاثة أيام على الأقل من المداولات. ويجب أن يجرى في غضون سبعة أيام. ويستعد عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني، لتفجير مفاجأة سياسية في وجه أحزاب سياسية معارضة مع بدء توافد الآلاف من مؤيديها وناشطيها السياسيين إلى العاصمة الاتحادية من شمال وجنوب البلاد منذ صباح أمس الأحد.
وقال رئيس الوزراء في رسالة بمقطع مصور، موجهة إلى أنصاره، التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال مسؤولي الإعلام لديه، «إن هذه معركة من أجل مستقبل باكستان». واقتبس رئيس الوزراء بالفعل من القرآن عبارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» لإدانة أحزاب المعارضة، باعتبارها الشر المطلق في المجتمع الباكستاني، التي ينبغي على الشعب الباكستاني إدانتها. ومن المقرر أن يخاطب عمران خان الحشود في المؤتمر الجماهيري بساحة الاستعراض في قلب مدينة إسلام آباد في مركز المناطق السكنية بالمدينة.
بدأ العاملون في حركة «الإنصاف» الباكستانية ومؤيدوها رحلتهم باتجاه إسلام آباد من كل حدب وصوب مساء أول من أمس، وقال فؤاد شودري، وزير الإعلام الباكستاني، «نتوقع تجمع نحو مليون شخص في إسلام آباد». كذلك استعدت أحزاب المعارضة هي الأخرى لتقديم عروضها السياسية في إسلام آباد يوم الاثنين (28 مارس/ آذار). وتقود مريم نواز شريف، ابنة رئيس الوزراء السابق، مسيرة باتجاه إسلام آباد من لاهور وسوف تصل إلى المدينة يوم الاثنين. كذلك وصل أتباع مولانا فضل الرحمن بالفعل إلى إسلام آباد، واعترضوا الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى المدينة، وهو طريق سريناغار.
كانت إدارة المدينة قد خصصت طرقاً مختلفة لكل الأحزاب السياسية لتفادي أي احتكاك أو تصادم بين الجماعات السياسية المتنافسة. الوضع في إسلام آباد متوتر للغاية مع قرب مواجهة رئيس الوزراء لقرار بسحب الثقة في المجلس الوطني. وعقد بيلاوال بوتو، رئيس حزب الشعب الباكستاني، صباح أمس الاثنين، مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع شاه زين بوغتي، زعيم الحزب الوطني الجمهوري، وهو أيضاً وزير اتحادي في حكومة عمران خان. قال شاه زين: «أعلن استقالتي من حكومة عمران خان».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟