الحكومة المصرية تراهن على «المجلس الصحي» لتنظيم التعليم الطبي

قالت إنه يضع البلاد على الخريطة العلاجية العالمية

TT

الحكومة المصرية تراهن على «المجلس الصحي» لتنظيم التعليم الطبي

تضع الحكومة المصرية ثقتها في قدرة «المجلس الصحي المصري»، على تنظيم عمليات التعليم الطبي المهني بعد الجامعي في كافة التخصصات الصحية الحالية، وما يستحدث منها. وقال الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والقائم بأعمال وزير الصحة والسكان، أمس، إن المجلس دوره «الارتقاء بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين»، في إطار استراتيجية التنمية المستدامة، وتحقيقا لرؤية «مصر 2030».
وخلال مؤتمر صحافي تحت عنوان «المجلس الصحي المصري... حتمية الحاضر وضرورة المستقبل»، لتوضيح اختصاصات المجلس الصحي المصري، بمقر أكاديمية الأميرة فاطمة للتعليم الطبي المهني، أوضح الوزير أن اللائحة التنفيذية لقانون المجلس الصحي المصري ستصدر خلال الأشهر القادمة، وستتضمن الإجراءات الخاصة بتطبيق القانون، مؤكداً أن تفعيل العمل بالمجلس سينقل مصر نقلة نوعية ويضعها على الخريطة الصحية العالمية.
وأضاف أن المجلس الصحي المصري يعنى في المقام الأول بوضع معايير محددة للمناهج التدريبية، فضلاً عن اعتماد الأماكن التدريبية، لافتا إلى أن المجلس سيضع المعايير الخاصة بتنظيم عملية الحصول على الشهادات المهنية الطبية والصحية في مصر، والامتحانات الخاصة بتأهيل الفرق الطبية، للحصول على تراخيص مزاولة المهن الطبية.
وأشار الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إلى أن إنشاء المجلس الصحي المصري، سيضمن تحقيق الاستفادة من الخبرات الطبية، كما أن التدريب العلمي والأكاديمي، سيضمن فرص العمل للخريجين من الفرق الطبية بمختلف التخصصات.
ولفت عبد الغفار إلى أن شهادة «البورد المصري»، التي تصدر عن المجلس الصحي المصري، هي شهادة تدل على تمتع عضو الفريق الصحي بالمهارات اللازمة لممارسة التخصص، موضحاً أن المجلس دوره علمي وتدريبي، وليس جهة تختص بتحديد ما هي التخصصات الطبية... مؤكداً أن المتدرب يمكنه مزاولة المهنة بعد اجتياز الامتحان الموحد الذي يحدده المجلس.
من جانبه، أشار الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق، إلى أن الدولة المصرية تحتفل اليوم بخروج قانون المجلس الصحي المصري، لافتاً إلى أن المجلس هو هيئة علمية مستقلة مكملة لما قبلها، وتتبع رئاسة الجمهورية، وتضم مجلس أمناء، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، ويضم كافة الوزارات والهيئات المعنية بالتعليم والتدريب بالمجال الصحي.
وأكد حاتم، استمرار عمل كافة الهيئات والمجالس المعنية بالتعليم والتدريب الطبي المهني من بينها الزمالة المصرية التي تمنح شهادة (البورد المصري)، ولكن تحت مظلة المجلس الصحي المصري.
بدوره، أكد الدكتور حسين خالد رئيس لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات، أهمية توحيد الشهادات الطبية المصرية، تحت مظلة واحدة، وبمعايير محددة تتوافق مع المعايير العالمية، لافتاً إلى أن التكامل والتعاون بين وزارتي الصحة والسكان، والتعليم العالي البحث العلمي، ساهم في خروج قانون المجلس الصحي المصري، إلى النور.
من جهته، قال الدكتور أحمد عثمان رئيس الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي، إن المجلس الصحي المصري، هو عبارة عن هيئة علمية مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، ولها مجلس أمناء يتبع رئاسة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن المجلس الصحي المصري يقوم بتدريب الفرق الصحية في مرحلة ما بعد الدراسة الجامعية، وفقاً لمعايير تدريبية موحدة، على أن يخضع المتدربون من الفرق الطبية إلى امتحان موحد، قبل الحصول على شهادة (البورد المصري).
وتابع أن شهادة (البورد المصري) تضمن التدريب بمعايير موحدة للتخصص بكافة التخصصات الصحية، مؤكداً أنه سيتم الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون (المجلس الصحي المصري) خلال ستة أشهر من تاريخ اعتماد القانون، لافتا إلى وجود تعاون وتنسيق مشترك بين وزارة الصحة والسكان، ووزارة التعليم العالي، والنقابات، وبعض الجهات المعنية، لسرعة الانتهاء من اللائحة التنفيذية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.