دوي انفجارات يهز سماء الخرطوم.. والجيش يعلن إسقاط هدف مجهول

مصادر إسرائيلية قالت إن طائرات حربية للدولة العبرية قصفت مصنع صواريخ «سكود» في أم درمان

دوي انفجارات يهز سماء الخرطوم.. والجيش يعلن إسقاط هدف مجهول
TT

دوي انفجارات يهز سماء الخرطوم.. والجيش يعلن إسقاط هدف مجهول

دوي انفجارات يهز سماء الخرطوم.. والجيش يعلن إسقاط هدف مجهول

هزت أصوات انفجارات عنيفة سماء مدينة أم درمان السودانية، سمعت في أنحاء واسعة من العاصمة الخرطوم، وأثارت ذعر وتكهنات السكان، في حين أكدت مصادر إسرائيلية غير رسمية، أمس، النبأ، مشيرة إلى أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت موقعا عسكريا سودانيا في أم درمان. وادعت تلك المصادر تدمير مصنع لصواريخ «سكود» طويلة المدى وقافلة تنقل الأسلحة في بداية انطلاقها باتجاه قطاع غزة. لكن تل أبيب نفت رسميا ما تناقلته وكالات الأنباء عن هجوم لطائراتها الحربية على السودان.
وأعادت هذه الحادثة إلى أذهان السودانيين سيرة دوي تفجير مصنع اليرموك الحربي السوداني وتناثر شظاياه في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، بعد استهدافه بطائرات حربية إسرائيلية. وقال الجيش السوداني إن «قاعدة مختار الجوية التابعة له تلقت إخطارًا من إحدى محطاتها عن (هدف جوي عبارة عن جسم مضيء) يطير على ارتفاع منخفض فوق منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان».
وأكد الجيش في بيان صحافي صادر عن الناطق باسمه العقيد الصوارمي خالد سعد تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن قوات الدفاع الجوي التي كانت في حالة استعداد قصوى، وبالتعاون مع مركز الملاحة الجوية بمطار الخرطوم، وبعد أن تأكدت من خلو المنطقة من الطيران المدني، وفرض حظر الطيران حول المنطقة، تعاملت مع الهدف الجوي وأسقطته.
وأوضح البيان أن قوات الدفاع الجوي أصابت الهدف الذي وصفه بأنه «استطلاعي تصويري»، فتفتت في بعض الأحياء السكنية بأم درمان، دون أن يسبب أي إصابات بين المواطنين، بيد أن الجيش جدد القول إنه لم يحدد هوية الهدف، وأنه ما زال يبحث ويتقصى عنها.
وسمع سكان الخرطوم في وقت متأخر من ليل أول من أمس أصوات انفجارات أضاءت شمال مدينة أم درمان، بالقرب من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، وقال شهود عيان قرب المنطقة «إنهم سمعوا دوي انفجارين قويين وانشطار جسم مضيء في سماء المدينة أعقبه سماع صوت مرتفع»، وأفادوا أن قوات من الدفاع الجوي تعاملوا مع أهداف يرجح أنها طائرة مقاتلة بمنطقة، وأن مسؤولين في الجيش توجهوا لمكان الحادث.
من جهته، طمأن المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد المواطنين بقوله «الأوضاع تحت السيطرة»، ونفى أحاديث تم تداولها بكثافة بين المواطنين، بأن هناك «محاولة انقلابية»، أو حدوث اشتباكات بين القوات العسكرية، أو أي هجوم خارجي، وأضاف «تصدي الدفاع الجوي يؤكد يقظته واستعداده لمواجهة أي هدف معاد».
وشكك خبير عسكري تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطًا عدم ذكر اسمه، في دقة الرواية الرسمية، وقال إن «مضادات الدفاع الجوي عادة لا تطلق نيرانها على أهداف غير معروفة، وإن التصدي للأهداف الجوية يتم عبر خطوط ثلاثة خطوط، تبدأ بدخول الهدف المجال الجوي للبلاد، وبعد أن تكشف الرادارات حجم الجسم وهويته منذ لحظة دخوله أجواء البلاد توجه المعنية للتعامل معه، بما يجعل من القول إنه مجرد هدف ضوئي غير دقيق تمامًا»، وأضاف: «أنت لا تطلق النار على هدف جوي قبل أن تعرفه، ومن يفعل هذا يجب أن يحاسب»، مرجحًا روايات شعبية تتحدث عن أن الانفجار قد يكون أمرًا داخليًا في الجيش السوداني، أو تمويهًا قصدت به السلطات صرف الأنظار عن حدث لا تريد الكشف عنه، أو حتى شغل مواقع التواصل بأخبار مفبركة يكشف عدم دقتها لاحقًا للتأثير على مصداقيتها.
ونقلت وسائل إعلام ومواقع على الإنترنت، أن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارة جوية في السودان، ونسبت إلى مصادر عسكرية قالت إنها «موثوقة»، إن أم درمان تعرضت لغارة جوية، كما نقلت صحف إسرائيلية، أن الخرطوم زعمت التصدي لطائرة إسرائيلية دون طيار حاولت استهداف مناطق عسكرية سودانية الليلة الماضية، وأن قوات الدفاع الجوي السودانية أسقطتها.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أن الجيش الإسرائيلي نفى علمه بإسقاط طائرة دون طيار تابعة له، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي درج على عدم التعليق على أي اتهامات بشأن اعتداءات طيرانه على أهداف سودانية بما في ذلك تدمير مصنوع اليرموك الحربي جنوب الخرطوم.
ولا تعد الاتهامات السودانية لإسرائيل باستهداف أهداف داخل أراضيه جديدة، فقد اتهمت الخرطوم علنًا الطيران الحربي الإسرائيلي، بقصف مصنع اليرموك الحربي وتدميره كليًا في أكتوبر (تشرين ثاني) 2012، ولم تؤكد أو تنف السلطات الرسمية الإسرائيلية العملية حتى الآن.
ولقي رجل مصرعه في انفجار سيارة في مدينة بورتسودان شرق البلاد في مايو (أيار) 2012، وألقت الحكومة السودانية باللائمة على ضربة صاروخية إسرائيلية ولم تعلق عليها إسرائيل هي الأخرى.
كما لم تنف أو تؤكد إسرائيل مسؤوليتها عن انفجار في شرق البلاد عام 2011م وأودى بحياة شخصين، أو مقتل عدد من المواطنين عام 2009 كانوا على متن عربة «بك أب» تحت الزعم أنهم مهربو سلاح إلى غزة.
وحسب روايات إسرائيلية فإن القصف الجديد، الليلة قبل الماضية، استهدف وفقا للمصادر الإسرائيلية غير الرسمية، مصنعا يتم فيه إنتاج صواريخ «سكود» متطورة، وبعيدة المدى. كما استهدف مخزنا ضخما للسلاح وقافلة لنقل الأسلحة، ضربت وهي تغادر تخوم المصنع، وأن معلومات تفيد بأن وجهة هذه القافلة كانت سيناء المصرية، ومن هناك نحو قطاع غزة. وردا على سؤال بخصوص كيفية وصولها إلى القطاع في وقت تنتشر فيه القوات المصرية بشكل كثيف في سيناء، أجاب مسؤول عسكري سابق: «لا شك في أن القوات المصرية تمكنت من توجيه ضربات قاسية للمهربين على هذا المسار، ولكنهم يبتدعون من جديد وسائل وطرق تهريب جديدة، عبر البحر وعبر الأنفاق القليلة المتبقية». وفي رد على سؤال آخر حول صمت الحكومتين الإسرائيلية والسودانية، قال الضابط الإسرائيلي: «الصمت أصبح نهجا لدى الجميع. أيضا حزب الله يتبعه. فالصمت يسهل على الأطراف بألا ترد على الضربات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.