ليبيون يعوّلون على الجهود الدولية للتوافق بين «الحكومتين»

TT

ليبيون يعوّلون على الجهود الدولية للتوافق بين «الحكومتين»

يسود المشهد السياسي الليبي حالة من الجمود النسبي لوجود حكومتين متنازعتين في البلاد؛ الأولى برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتمسك بالبقاء في السلطة لحين إجراء الانتخابات، والثانية مكلفة من البرلمان بقيادة فتحي باشاغا، وتريد ممارسة مهامها من العاصمة طرابلس.
وفي ظل هذا الجمود يراهن بعض السياسيين على «الجهود الدولية» لتمكين باشاغا، من السلطة، في حين يرون أن الدبيبة باق في الحكم، لحين إجراء انتخابات في منتصف العام الجاري.
وفي إطار التجاذبات الدائمة بين الحكومة، رأى عضو مجلس النواب الليبي سالم أقنان، أن الوصول لحل الأزمة أيا كان شكله وجوهره، «يتوقف مع الأسف على تكثيف دول كالولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وبعض الدول الإقليمية، والجوار الليبي من مشاوراتها مع القوى المحلية».
وقال أقنان لـ«الشرق الأوسط» «إذا لم يحدث هذا التكثيف الدولي فستبقى الأمور معلقة لمدى أبعد بكثير من شهر رمضان المقبل»، مدللاً على ذلك بالمشاورات التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند مؤخراً في دول عربية بهدف البحث عن حل للأزمة قبل أن يجتمع أو يدعو للاجتماع مع أي أطراف ليبية.
ومع ذلك، حمل أقنان مسؤولية «الإرباك الذي يسود المشهد الليبي وعرقلة إيجاد حلول ليبية لهذه التدخلات المستمرة من بعض الدول، ومن قبل البعثة الأممية، وذلك بهدف استمرار فرض رؤيتهم الخاصة، والتي لم ينتج عنها فعليا، حتى الآن، حلول توصل البلاد إلى مرحلة الاستقرار».
من جهته، رجح عضو مجلس النواب الليبي علي الصول، أن يلجأ الدبيبة إلى سيناريو ما أسماه بـ«المماطلة واستنزاف الوقت» انتظاراً لحلول شهر رمضان، ثم عيد الفطر؛ لكنه «سيضطر في النهاية لتسليم السلطة».
وأضاف الصول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مشاورات ومفاوضات جارية بين أطراف محلية تمتلك القوة والسلاح لإجباره على تسليم السلطة»، وأوضح: «طبقا لبعض التوقعات فقد يتم هذا قبل شهر رمضان ودون معوقات».
ولفت إلى أن رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة فائز السراج، رغم كل ما حصل عليه من دعم دولي، ظل قرابة ثلاثة أشهر في تونس بعد صدور قرار تكليفه دون أن يتمكن من الوصول إلى طرابلس، نظراً لتعنت خليفة الغويل رئيس ما يعرف بحكومة «الإنقاذ الوطني» في عملية التسليم، وفجأة انسحبت تلك الحكومة وتسلم السراج زمام العمل دون أي صدامات أو عنف.
وأشار الصول لبعض الإجراءات الأخيرة التي يراها قد تسرع من عملية تسليم السلطة، مثل الرسالة التي وجهها مجلس النواب لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله بعدم تحويل الإيرادات النفطية للمصرف المركزي باستثناء الرواتب؛ «وهو ما يعني حرمان الدبيبة، من استمرار توظيف العوائد النفطية لخدمة دعايته السياسية، في حين تتلقى حكومة باشاغا دعم أطراف دولية وإقليمية». وكان المبعوث الأميركي الخاص وسفيرها إلى ليبيا، قد تحدث عن تأييد بلاده لمبادرة تركية بفتح حوار مباشر بين الدبيبة وباشاغا.
أما عضو مجلس النواب محمد الرعيض، فرجح بقاء الوضع الراهن كما هو لحين شهر يونيو (حزيران) المقبل، لكونه موعد انتهاء مدة الـ18 شهراً، وهو عمر حكومة «الوحدة الوطنية» طبقا لخارطة الطريق الأممية، متابعا: «الحكومة لها موقف ثابت بعدم تسليم مهامها إلا لسلطة منتخبة».
وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه في شهر يونيو (حزيران)، «إما أن تجرى الانتخابات، أو نبحث عن حل آخر توافقي بين مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) والمجتمع الدولي، نظرا لأن مجلس النواب لا يملك منفردا تعيين رئيس حكومة».
واستدرك الرعيض، «غير ذلك لمن تسلم السلطة»؟، مبدياً «عدم اعترافه بوجود حكومة باشاغا، أو بالجلسة التي عقدها مجلس النواب لمنحها الثقة مطلع الشهر الجاري؛ أو بإقراره للتعديل الدستوري».
ومضى يقول: «كانت جلسة باطلة؛ ولدينا الكثير من التحفظات عليها، فضلا عن أن رئيس الحكومة يكلف من قبل المجلس الرئاسي لا مجلس النواب»، ولفت إلى أن جهود حكومة «الوحدة الوطنية» منصبة بالوقت الراهن على تسريع إجراء الانتخابات. وأكد رئيس الهيئة العليا لـ«تحالف القوى الوطنية» توفيق الشهيبي، على «ثقل الدور الخارجي» في حل الأزمة الليبية، مسلطا الضوء حول وجود تفاهمات تتم بين بعض داعمي وحلفاء الدبيبة، وغريمه باشاغا، وذلك برعاية تركية مما قد يسهم في التوصل لتسوية تضمن خروج الدبيبة من المشهد».
ورأى الشهيبي لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا تخلى شركاء الدبيبة عنه لعدم وجود مصلحة لهم في ذلك، واقترن هذا بتجميد إيرادات النفط فسيكون وضعه هشاً، وقد يسارع لعقد صفقة تسليم السلطة». وأكد على اعتقاده بأنه «ما يم تداوله مؤخراً من تهديد بعض القبائل القريبة من حقول النفط بشرق ووسط البلاد بإيقاف الإنتاج مجددا إذا لم تتسلم الحكومة الجديدة السلطة قد يسرع من عملية تسليمها في ظل تخوف الدول الكبرى إذا ما حدث نقص في الإمدادات».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.