هنغاريا: انتخابات على وقع الحرب في أوكرانيا

فيكتور أوربان يلقي خطاباً بمناسبة عيد الاستقلال (أ.ف.ب)
فيكتور أوربان يلقي خطاباً بمناسبة عيد الاستقلال (أ.ف.ب)
TT

هنغاريا: انتخابات على وقع الحرب في أوكرانيا

فيكتور أوربان يلقي خطاباً بمناسبة عيد الاستقلال (أ.ف.ب)
فيكتور أوربان يلقي خطاباً بمناسبة عيد الاستقلال (أ.ف.ب)

قلبت الحرب الروسية على أوكرانيا المشهد الانتخابي في هنغاريا رأساً على عقب. فبعد أن كان الموضوع الرئيس في حملات الأحزاب المتنافسة هو سياسات رئيس الوزراء فيكتور أوربان والاستفتاء الذي سيُجرى يوم الاقتراع حول إدخال حقوق المثليين في المنهج الدراسي، احتلت أوكرانيا وما فرضته حربها من تساؤلات حول المستقبل والعلاقة مع روسيا والغرب الحيز الأكبر من النقاش.
الانتخابات التشريعية الهنغارية في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل التي يأمل أوربان أن توفر له فترة رابعة من رئاسة الوزراء، هي الاستحقاق السياسي الكبير الأول بعد اندلاع القتال في أوكرانيا المجاورة. ووسع الهجوم الروسي نطاق السجالات التي كانت تشهدها البلاد وتتركز على مسائل الهجرة والصلات بالاتحاد الأوروبي وما يراه حزب «فيديس» الذي يقوده أوربان تهديداً مستمراً من رجل الأعمال جورج سوروس و«المجتمع المفتوح» الذي يدعو الأخير إليه، لتصل إلى قضايا الانحياز إلى الشرق أو الغرب واختيار المعسكر الذي يجب أن تنضم بودابست إليه.
وعلى خلاف الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في العاشر من الشهر المقبل، حيث يتنافس أيضاً مرشحون من اليمين المتطرف واليمين التقليدي واليسار، فإن الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان الهنغاري المقبل سيحدد الوجهة العامة للبلاد وبعض هويتها السياسية. في المقابل، ورغم الحضور القوي للشأن الأوكراني – الروسي في الانتخابات الفرنسية، فإنه لم يصل إلى مستوى إعادة صوغ المسار الذي ستتخذه باريس في الموضوع الأوروبي أو عضويتها في حلف شمال الأطلسي على سبيل المثال. في حين أن المرشح اليميني المتطرف إريك زيمور استغل تدفق اللاجئين الأوكرانيين لتأكيد تمييزه بين هؤلاء واللاجئين المسلمين والعرب وضرورة منعهم من الدخول إلى فرنسا.
ولم يكن عسيراً أن يحول «فيديس» النقاشات الانتخابية إلى النقاط التي يراها مفيدة له. وبعد أن رفض أوربان، في كلمته في أثناء إحياء ذكرى ثورة 15 مارس (آذار) 1848 – التي سحقتها القوات الروسية القيصرية، في المناسبة - أن تكون هنغاريا «بين المطرقة الأوكرانية والسندان الروسي»، شدد على أن بلاده لن تخفف اعتمادها على النفط والغاز الروسيين ولن تسمح بمرور الأسلحة إلى الأوكرانيين متهماً المعارضة بمحاولة جر بلاده إلى الحرب. ورغم أن أوربان هو الحليف الأبرز لموسكو في الاتحاد الأوروبي وكان في ضيافة بوتين قبل أيام من اندلاع الحرب، فإنه امتنع في المقابل عن استخدام حق النقض في الاتحاد الأوروبي في أثناء التصويت على فرض العقوبات على روسيا.
في المقابل، تبنى المرشح عن تحالف المعارضة بيتر ماركي – زاي، مواقف تستفيد من المناخ المتعاطف مع الأوكرانيين ومحنتهم الحالية وترجع بالذاكرة إلى ما خلفه الإرث الشيوعي على البلاد، خصوصاً قضاء الاتحاد السوفياتي على الثورة الهنغارية في 1956 التي حاول القائمون بها التخلص من الحكم الموالي لموسكو. فهنغاريا، بحسبه، يجب أن تختار بين «الاتجاه صوب أوروبا أو صوب الشرق والطغيان». ودعا مواطنيه إلى اختيار الجانب الصحيح من التاريخ. رد أوربان كان أن على هنغاريا أن تختار «بين اليمين والسلام أو بين اليسار والحرب»، متهماً مرشح تحالف يمين الوسط «حركة كل المواطنين» بتأييد توريط البلاد في صراع مسلح ضد روسيا.
مهما يكن من أمر، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم «فيديس» تقدماً طفيفاً على التحالف المعارض وإلى أن نزعة محافظة تستند إلى عدم الرغبة في الانخراط في صراع مع روسيا أو في توقف إمدادات الطاقة الرخيصة منها، إضافة إلى الشك في كفاءة المعارضين في إدارة البلاد في ظرف صعب كهذا، تصب في مصلحة أوربان من دون أن تضمن فوزه بأكثرية راجحة على غرار ما فعل في أول انتخابات فاز بها مستفيداً من فضيحة الحزب الاشتراكي الهنغاري سنة 2007.
بكلمات ثانية، لم تستمر طويلاً مشاعر التضامن مع الأوكرانيين في صفوف الناخبين الهنغاريين بعدما نجح أوربان في إظهار أن علاقته ببوتين تمثل فرصة للحفاظ على استقرار البلاد وليست عبئاً عليها. أما دعوات المرشح المعارض إلى مزيد من التحالف مع الغرب فقد افتقرت إلى إظهار الفائدة الملموسة ما دام أن أوربان يستطيع جمع فوائد الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي والعلاقات الدافئة مع موسكو.


مقالات ذات صلة

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.