انتهت محنة اثنين من المحتجزين البريطانيين من أصل إيراني، في بلدهما الأم أمس، وتوجّها إلى لندن، في إطار تسوية دبلوماسية، سددت بريطانيا بموجبها ديناً قديماً على صلة بصفقة أسلحة ملغاة.
وسلّمت السلطات الإيرانية عاملة الإغاثة نازنين زاغري راتكليف إلى فريق بريطاني في مطار الخميني حيث احتجزت قبل 6 سنوات أثناء عودتها من زيارة عائلية. وأطلق المحتجز البريطاني الآخر من أصل إيراني، أنوشه عاشوري، بعد نحو 5 سنوات على اعتقاله. في حين أُفرج «مؤقتاً» عن سجين ثالث، هو مراد طاهباز الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والبريطانية.
وأعرب ريتشارد راتكليف، زوج الإيرانية البريطانية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، في منزل العائلة في بريطانيا، عن «ارتياحه لكون المشكلات قد حُلّت»، مشدداً على ضرورة أن تحرص الحكومة البريطانية على «عدم تكرار ما حصل».
من جهتها، أعربت عائلة آشوري عن «سرورها»، مشيرة إلى أن «الاعتقال الجائر» الذي تعرّض له أنوشه آشوري «قبل 1672 يوماً»، ما أدى إلى «اهتزاز أسس العائلة».
وتابعت العائلة، في بيان: «الآن يمكننا أن نتطلّع إلى إعادة بناء تلك الأسس العائلية مع عودة حجر الزاوية».
وعصر الأربعاء، وصلت زاغري - راتكليف وآشوري إلى عُمان، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية في السلطنة، ويفترض أن يتوجّها منها إلى لندن.
وبعد مغادرتها طهران، نشرت النائبة المحلية توليب صديق صورة زاغري - راتكليف على متن الطائرة. وكتبت في تغريدة: «لقد مرت 6 سنوات طويلة - ولا أصدق أنه يمكنني مشاركة هذه الصورة أخيراً». وأضافت: «نازنين تحلق الآن في الجو، مبتعدة عن 6 سنوات من الجحيم في إيران... قلبي يخاطب غابرييلا وريتشارد؛ حيث تقترب رحلتها الطويلة من نهايتها. وهما في طريق عودتهما إلى المنزل».
ومن جهتها، أعلنت الحكومة البريطانية، الأربعاء، أنها سددت لطهران ديناً بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني (476 مليون يورو). وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، إن هذا الدين العائد لعهد الشاه في إيران «سدد مع الاحترام الكامل للعقوبات البريطانية والدولية... وهذه الأموال ستخصص فقط لشراء سلع إنسانية».
أتى الإعلان بعد ساعات قليلة على تصريح تراس، في بيان صحافي، أن بلادها تبحث عن سبل لردّ دين قديم، مشيرة إلى أن الأمر لم يصل بعد لحدّ التسوية. وقالت تراس لـ«سكاي نيوز»: «لقد جعلنا أمر ردّ الدين الذي علينا لإيران أولوية، ونسعى لسبل لدفعه» مضيفة أن فريقاً بريطانياً موجوداً في إيران.
وأعلن عن عملية الإفراج غداة استعادة زاغري راتكليف لجواز سفرها البريطاني بعد 6 سنوات. وكشفت تقارير عن وجود وفد من المفاوضين البريطانيين في ثالث زيارة إلى طهران بعد جولتين من المفاوضات في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، بحسب بيان للخارجية البريطانية.
ونوّهت الخارجية البريطانية بالدبلوماسية «الجادة والحثيثة» من الدبلوماسيين البريطانيين من أجل إطلاق السجناء. وأشارت إلى وساطة عمان بعد لقاء جمع تراس ونظيرها العماني بدر البوسعيدي. وأجرت تراس الشهر الماضي اتصالين بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في محاولة لإحداث اختراق في المفاوضات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
ونشرت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتين لـ«الحرس الثوري» لأول مرة صورة زاغري راتكليف. وأفادت وكالة «فارس» أن «نازنين زاغري المحتجزة بتهمة التجسس لبريطانيا تم نقلها إلى مطار الخميني لمبادلتها مع الفريق البريطاني». وأضافت: «انتهت 5 سنوات من الحكم القضائي الصادر بحقها، ومن المحتمل ستتم مبادلتها مقابل 530 مليون دولار من أموال إيران المحتجزة وإطلاق سراح إيراني في بريطانيا».
لكن عبد اللهيان قال إنه «من الخطأ الربط بين تلقي إيران هذا الدين... والإفراج عن هؤلاء الأشخاص»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إسنا».
وبدورها، تعمدت السلطات البريطانية تجنب القول إن اعتقال المفرج عنهما وآخرين محتجزين في إيران على علاقة بهذا الدين. وقالت تراس إن القضيتين منفصلتان، عازية التأخر في إعادة الأموال المتعلقة بطلبية مدرعات ألغيت بعد الثورة الإسلامية في 1979 إلى فرض عقوبات على إيران.
في العام 2016، اعتُقلت زاغاري - راتكليف في طهران أثناء زيارة لأسرتها، وهي مديرة مشروع في مؤسسة تومسون رويترز، فرع الأعمال الخيرية لوكالة الأنباء التي تحمل الاسم نفسه.
وكانت قد اتُهمت بالتآمر لقلب المؤسسة الحاكمة، وهو ما تنفيه بشدة، وحُكم عليها بالسجن 5 سنوات. والعام الماضي، حُكم عليها مرة أخرى في أواخر أبريل (نيسان) بالسجن لمدة عام، لمشاركتها في تجمع خارج السفارة الإيرانية في لندن في العام 2009.
وفي أكتوبر 2021، خسرت زاغري - راتكليف استئنافها، ما أثار مخاوف أسرتها من إيداعها السجن مجدداً بعد الإفراج عنها بسوار إلكتروني في مارس (آذار) 2020، ووضعت في الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين بسبب وباء «كوفيد 19».
أوقف آشوري، وهو مهندس متقاعد، في عام 2017، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، بعد إدانته بتهمة التجسس لحساب إسرائيل.
وقد نفى الاثنان نفياً قاطعاً التهم الموجهة إليهما، فيما باشر آشوري إضراباً عن الطعام في سجن إيوين في طهران.
أما مراد طاهباز فهو إيراني - أميركي يحمل الجنسية البريطانية أيضاً، وقد أوقف مع مدافعين آخرين عن البيئة في يناير (كانون الثاني) 2018 وحكم عليه بالسجن 10 سنوات بعد إدانته بتهمة «التآمر مع أميركا».
ورحّب ساشا ديشموخ رئيس منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة بقرار الإفراج «الرائع» مؤكداً أن الاثنين «سجنا على أساس تهم مفبركة حول الأمن القومي». وأضاف أنه بعد الإفراج عن راتكليف وآشوري «يجب على الحكومة أن تجدد فوراً دعواتها للإفراج عن المواطنين البريطانيين الآخرين مهران رؤوف ومراد طاهباز، اللذين لا يزالان يمران بالمعاناة نفسها، مثل نازنين وأنوشه».
مهران رؤوف ناشط حقوقي أوقف في أكتوبر 2020، وهو معتقل انفرادياً، بحسب منظمة العفو.
واعتقل مواطنون يحملون جنسيات بلدان أخرى، من النمسا وكندا وفرنسا وألمانيا والسويد والولايات المتحدة، في ظل ظروف مماثلة. وقد أعلن زوج نازنين، ووالد طفلتهما، ريتشارد راتكليف، إضراباً عن الطعام لمدة 21 يوماً في خريف عام 2021 لتسليط الضوء على قضيتها.
تسوية إيرانية ـ بريطانية تنهي محنة اثنين من مزدوجي الجنسية
لندن سدّدت ديوناً بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني... وأشادت بدور عُمان
تسوية إيرانية ـ بريطانية تنهي محنة اثنين من مزدوجي الجنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة