غروندبيرغ يستعد لأسبوع ثانٍ من مشاورات «الإطار» وسط «استخفاف» حوثي

هانس غروندبيرغ (الأمم المتحدة)
هانس غروندبيرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبيرغ يستعد لأسبوع ثانٍ من مشاورات «الإطار» وسط «استخفاف» حوثي

هانس غروندبيرغ (الأمم المتحدة)
هانس غروندبيرغ (الأمم المتحدة)

يستعد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبيرغ لإطلاق أسبوع ثان من المشاورات التي بدأها مع الأطراف اليمنية في العاصمة الأردنية عمان لجهة التوصل إلى إطار عمل يقود إلى إحراز تسوية شاملة في البلاد التي تدخل سنتها الثامنة منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية، وسط تهوين الميليشيات من جهوده وتمسك الشرعية بالقرارات الدولية المتعلقة بالأزمة.
وفي حين ترجح مصادر عربية مطلعة أن المبعوث الأممي يسعى مبدئيا إلى استثمار تراجع الميليشيات وخسائرها في الميدان لإغرائها بهدنة أممية، يستبعد مراقبون يمنيون أن تتوقف الجماعة عن تصعيدها العسكري وهجماتها الإرهابية، بسبب ارتباط قرارها بإيران التي تخوض على الجانب الآخر معركة ملفها النووي مع الغرب وما يتصل به من عقوبات.
عدم الحماس الحوثي كشفت عنه المشاورات الأممية المنعقدة في عمان والتقليل من أهميتها ظهر في تصريحات للقيادي الحوثي المشرف على خارجية الميليشيات حسين العزي، حيث وصف هذه الجهود بأنها أشبه ما تكون بـ«ورش التنمية البشرية».
وقال القيادي الحوثي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» «شيء مؤسف أن يتراجع المبعوث عما كان أعلنه أمام مجلس الأمن من اعتزامه إطلاق مشاورات». وأضاف «كنت أظنها مشاورات حقيقية وعملية فإذا بها تتحول فجأة لما يشبه ورش التنمية البشرية وتدريبات العصف الذهني وكأن الغرض هو حشد أكبر عدد من الناشاطات لغايات إعلامية بحتة».
في الأثناء يعتقد المراقبون للشأن اليمني أن المشوار الأممي لا يزال طويلا في الوصول إلى تصور شامل يرضي كل الأطراف اليمنية بمن فيهم الحوثيون الذين يرون أن أسهل حل للمعضلة هو تسليم اليمن لانقلابهم والاعتراف بمشروعهم المتصل بالأهداف الإيرانية في المنطقة العربية.
وبحسب ما يقوله المحلل السياسي اليمني وضاح الجليل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» فإن المبعوث الأممي «يتوقع أن الفرصة أصبحت الآن مواتية له في أن يحقق إنجازا وتقدما في الملف اليمني، حيث تنشغل القوى الكبرى بالحرب الروسية الأوكرانية، وإهمالها جزئيا الملف اليمني، وهو هنا يتوقع أن هذه القوى ستخفف ضغوطها على الأطراف اليمنية، وستتيح له مساحة للعمل والتحرك وبناء خطة سلام والبدء بتنفيذ قواعدها العامة وخطوطها العريضة بمعزل عن أي تأثير».
كما يتوقع غروندبيرغ - بحسب الجليل - أن تخفف أطراف النزاع من هذه الضغوط سيتيح لهم التفاهم وتقديم ما لديهم من تصورات ومطالب، وسينجح في خلق بيئة للتفاهم والبدء في تقريب وجهات النظر.
لكنه في الوقت نفسه يرى أن هذا التصور غير ممكن أو واقعي، إذ إن تخفف الحوثيين من الضغوط الدولية سيدفعهم بالتأكيد إلى مزيد من التعنت، ويتيح لهم ترتيب أوراقهم وكسب الوقت ومحاولة وضع الجميع أمام الأمر الواقع، وسيكثفون من نشاطهم في الحشد والبحث عن مصادر تمويل حربهم ومدهم بالسلاح والذخيرة وتجنيد المقاتلين وشن الهجمات داخل وخارج اليمن.
ويلاحظ الجليل أن «الحوثيين نفذوا خلال الأيام الماضية هجمات بالطائرات المسيرة على منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، في ظل أزمة الطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعارها، وكأنهم يوجهون رسالة ابتزاز إلى العالم بأن عليه الرضوخ لهم والاعتراف بوجودهم، وكل هذا رغم القرار الأخير لمجلس الأمن بتوسيع عقوبات حظر السلاح عليهم».
ويرى أن الحوثيين «يتوقعون أن روسيا سيكون لها موقف داعم ومساند لهم سياسيا في مجلس الأمن وميدانيا أيضا نكاية بالغرب وكرد فعل على موقف القوى الدولية من حربها مع أوكرانيا، وأن روسيا قد تستخدم الورقة الدولية في مواجهاتها المتصاعدة مع أوروبا والولايات المتحدة».
ويستتنتج الجليل أن المبعوث الأممي يحرث في الماء، خصوصا وأن الحوثيين أنفسهم أعلنوا عدم جدوى المباحثات التي سيجريها، ومحاولاتهم التصعيدية واندفاعهم لاستهداف أحد أهم منابع الطاقة العالمية.
وكان مكتب المبعوث الأممي أفاد في بيان بأنه تم اختتام الأسبوع الأول من المشاورات الثنائية مع مختلف المعنيين اليمنيين يوم الخميس الماضي حيث اجتمع قادة من حزب «المؤتمر الشعبي العام» ووفود من أحزاب التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري مع المبعوث هانس غروندبرغ «لمناقشة أفكار حول إطار العمل، بما في ذلك عملية متعددة المسارات تهدف إلى رسم مسار نحو تسوية سياسية مستدامة للنزاع».
وبحسب ما جاء في البيان «أوضح المبعوث الخاص أن الهدف من المشاورات هو جمع الأفكار والآراء والاقتراحات، بطريقة صادقة وصريحة، حول الأولويات العاجلة وطويلة الأمد للمسارات السياسية والأمنية والاقتصادية. وشدد أيضاً على أهمية الانخراط بمشاورات مع مجموعات يمنية متعددة حتى يكون الإطار مُسترشِداً بأصوات مختلفة».
ونقل البيان أن المشاركين «أثاروا مجموعة من القضايا فيما يتعلق بجدول أعمال وأولويات المسارات الثلاثة، والمبادئ الموجهة للعملية السياسية، وقضايا متعلقة بتصميم العملية. وسلطوا الضوء على الحاجة إلى وقف إطلاق النار وضرورة العودة إلى المفاوضات بشكل عاجل واستئناف عملية السلام».
وأوضح البيان أن النقاط الرئيسية التي أثيرت خلال الأسبوع الأول من النقاشات تضمنت «الحاجة إلى معالجة المعاناة والتحديات المشتركة التي تواجه جميع اليمنيين، بما في ذلك الوضع الإنساني والظروف المعيشية الصعبة للمدنيين في جميع أنحاء البلاد والحاجة إلى التعامل مع الاقتصاد المتصدع».
وسيواصل المبعوث غروندبرغ - بحسب البيان - «مشاوراته الثنائية المخطط لها مع الأحزاب والمعنيين الآخرين»، حيث يلتقي الأسبوع المقبل في عمّان، بممثلين عن «المجلس الانتقالي الجنوبي» و«مؤتمر حضرموت الجامع» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» وبخبراء أمنيين واقتصاديين وممثلين عن المجتمع المدني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون استهداف مدمرة أميركية وحاملة الطائرات «أيزنهاور»

المشرق العربي حاملة الطائرات أيزنهاور (أ.ف.ب)

الحوثيون يعلنون استهداف مدمرة أميركية وحاملة الطائرات «أيزنهاور»

أعلن المتحدث العسكري للحوثيين باسم جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (السبت)، أنها نفذت ست عمليات عسكرية استهدفت إحداها حاملة الطائرات الأميركية أيزنهاور مجدداً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مدمرة أميركية في البحر الأحمر تعترض هجوماً للحوثيين في أبريل الماضي (أ.ب)

غارات «أميركية - بريطانية» ضد 13 هدفاً للحوثيين باليمن

أعلنت القيادة المركزية الأميركية، اليوم (الجمعة)، أن قواتها نفذت بالاشتراك مع قوات بريطانية غارات مشتركة ضد 13 هدفاً لجماعة الحوثي في اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم رفضوا تداول العملة الشرعية الصادرة من عدن (إ.ب.أ)

المركزي اليمني يوقف 6 بنوك ويسحب العملة القديمة خلال شهرين

قرر البنك المركزي اليمني وقف التعامل مع 6 بنوك لعدم نقل مقارها من صنعاء إلى عدن، كما قرر سحب الطبعة القديمة من العملة خلال شهرين.

علي ربيع (عدن)
الولايات المتحدة​ إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي يعلن تدمير منصتي إطلاق صواريخ للحوثيون باليمن

قالت القيادة المركزية الأميركية، اليوم (الخميس)، إن قواتها نجحت في تدمير منصتي إطلاق صواريخ في منطقة يسيطر عليها الحوثيون باليمن

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الأوقاف اليمني خلال توديع الحجاج في مطار عدن الدولي (سبأ)

وصول أولى رحلات الحجاج اليمنيين جواً لأداء مناسك الحج

تسيير الرحلات الجوية للحجاج اليمنيين يأتي تزامناً مع تعاون وتجاوب الأشقاء في المملكة العربية السعودية مع جهود وزارة الأوقاف.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».