«شبح الظلام» يهدد اللبنانيين بعد ارتفاع أسعار المازوت

تقنين في تغذية شبكة المولدات ودعوات إلى حل عاجل قبل يوم الثلاثاء

مبنى «كهرباء لبنان» والظلام المخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
مبنى «كهرباء لبنان» والظلام المخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
TT

«شبح الظلام» يهدد اللبنانيين بعد ارتفاع أسعار المازوت

مبنى «كهرباء لبنان» والظلام المخيّم على بيروت (أ.ف.ب)
مبنى «كهرباء لبنان» والظلام المخيّم على بيروت (أ.ف.ب)

تصاعدت مخاوف اللبنانيين من «شبح الظلمة القادم»، إثر قرار بعض أصحاب مولدات الكهرباء في لبنان، المعروفة بـ«اشتراك الكهرباء»، خفض التغذية الكهربائية على ضوء ارتفاع أسعار المازوت.
وقالت اللبنانية داليا إنها تلقت رسالة من صاحب مولد الكهرباء لإبلاغها بزيادة ساعات التقنين، بعدما تخطى سعر طن المازوت 1250 دولاراً. ويعلم فيها زبائنه أنه «بسبب الارتفاع الجنوني لسعر طن المازوت، ولأننا لم نعد قادرين على الاستمرار بنفس طريقة الدوران وكذلك لم يعد المشتركون باستطاعتهم تسديد فواتير الاشتراك، سوف يتم تخفيض التغذية إلى 6 ساعات في اليوم».
وأعربت داليا التي تسكن في منطقة خلدة (جنوب بيروت) عن مخاوفها من «شبح الظلمة القادم»، على حد وصفها، بعدما أخبرها صاحب المولد بأن كمية المازوت المتوفرة لديه تكفيه لمدة عشرة أيام إضافية، وأبلغها احتمال إطفاء المولد بشكل نهائي في حال عدم حصول أي حل بالمدى المنظور. وارتفعت أسعار المحروقات عالمياً بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ما انعكس ارتفاعاً على فاتورة المولدات التي بدأ عدد من أصحابها بالتقنين كخطوة أولى بانتظار صدور التسعيرة الجديدة للاشتراكات، في حين طلب من عدد آخر من المشتركين دفع فوارق إضافية لاستمرار إمدادهم بالتغذية. وفي المقابل توقّفت بعض المولدات عن التغذية في أكثر من منطقة، لعدم قدرة المشتركين على دفع زيادات على الفاتورة.
وتقول داليا لـ«الشرق الأوسط»: «ندفع لقاء الـ5 أمبير 1.6 مليون ليرة لبنانية (نحو 80 دولاراً) وفي حال ارتفاع الفاتورة سنضطر إلى تخفيض الاشتراك إلى 2.5 أمبير». ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء، ما أجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين؛ واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات، التي تعوض نقص إمدادات الدولة. ويُعد إصلاح قطاع الكهرباء أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان.
في هذا الإطار، يؤكد رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة في لبنان عبدو سعادة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع سيئ جداً، وهناك مناطق أُطفئت المولدات فيها بشكل كامل كدير القمر والشوف» في جبل لبنان، محذراً من أنه «إذا بقي الوضع على ما هو عليه ولم يتم إيجاد أي حلول لموضوع المازوت فسنشهد بعد يوم الثلاثاء المقبل 15 مارس (آذار)، إطفاء كلياً لبعض للمولدات في العديد من المناطق من دون استثناء، ومن ضمنها في العاصمة بيروت».
ويقول سعادة: «لطالما طالبنا بحلول كدعم المازوت كي يستطيع أصحاب المولدات تحقيق وفر في فاتورة المشتركين لدعم الشعب اللبناني، أو تسعيره بالليرة اللبنانية أو وفق سعر منصة صيرفة والأهم تثبيت سعره، لكن لا آذان صاغية». وأضاف: «الوضع اليوم يتطلب قراراً جريئاً من وزير الطاقة وليد فياض، وإذا كان لا يستطيع اتخاذ القرار، فالأمر يتطلب تدخلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو المعني المباشر بهذا الموضوع». ويضيف: «اليوم سعر طن المازوت 1200 دولار أي نحو 27 مليون ليرة لبنانية، يحتاج إليها صاحب المولد لتأمين 10 ساعات تغذية فقط من المولد».
ويشير سعادة إلى أن أصحاب المولدات عمدوا لخفض ساعات التغذية إلى 5 أو 6 ساعات في بعض المناطق، وإلى 8 أو 10 ساعات في مناطق أخرى، في حين اقتصرت التغذية في بعض المناطق على فترة الليل.
وعن تسعيرة المولد للشهر المقبل في ظل ارتفاع أسعار المازوت، يوضح أن «سعر الكيلوواط ارتفع بنحو 30 أو 40 في المائة، وبالتالي الفاتورة سترتفع بهذه الحدود، أما في حال شهدت الأسعار ارتفاعاً إضافياً فستكون الفاتورة أكبر»، مؤكداً في الوقت نفسه أن التسعير يصدر من وزارة الطاقة وليس من أصحاب المولدات.
أما عن نسبة توقيف المواطنين اشتراكاتهم في المولدات الخاصة أو تخفيضها بسبب ارتفاع الأسعار، فيقول سعادة إن «نسبة من ألغوا الاشتراك بسبب عدم القدرة على دفع الفواتير ومن خفضوا حجم الأمبير الذي يحصلون عليه تتراوح بين 20 و30 في المائة الآن، أما بالنسبة للأشهر المقبلة فقد نكون عاجزين عن الاستمرار بتقديم الخدمة».
ويؤكد سعادة أن «تأمين الكهرباء للمواطنين ليس من مسؤولية أصحاب المولدات، بل هي مسؤولية وزارة الطاقة التي يجب أن تجد حلاً سريعاً قبل 15 مارس».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.