موسكو تصعّد هجومها على «البيولوجي الأميركي» وتتحدث عن تقدم ميداني محدود

استعداد لتأميم أصول الشركات الأجنبية رداً على مصادرة ممتلكات روسية في الخارج

موسكو تصعّد هجومها على «البيولوجي الأميركي» وتتحدث عن تقدم ميداني محدود
TT

موسكو تصعّد هجومها على «البيولوجي الأميركي» وتتحدث عن تقدم ميداني محدود

موسكو تصعّد هجومها على «البيولوجي الأميركي» وتتحدث عن تقدم ميداني محدود

اتجهت موسكو نحو تصعيد المواجهة مع الغرب، مع فشل إحراز تقدم في أوكرانيا على الصعيدين الميداني - العسكري والسياسي. إذ فشل وزيرا الخارجية سيرغي لافروف وديمتري كوليبا في تحقيق اختراق أمس، بعد جلسة محادثات مطولة جرت بوساطة تركية. وبدا أن التصعيد يتجه إلى مسارين، الأول اقتصادي تمثل في إطلاق تحضيرات تأميم أصول الشركات الغربية الكبرى التي انسحبت من الأسواق الروسية أخيراً، والثاني ضد الولايات المتحدة في إطار المعطيات التي قدمتها موسكو حول قيام واشنطن بنشر مختبرات لصناعة أسلحة جرثومية وبيولوجية في أوكرانيا.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية معطيات قالت إنها حصلت عليها خلال العمليات العسكرية في أوكرانيا، حول مشروع أميركي ضخم لتطوير أسلحة محرمة تحمل تسمية «يو بي 4»، وقالت إنه تم تنفيذه بمشاركة مختبرات في كييف وخاركوف وأوديسا خلال فترة سنوات امتدت حتى العام 2020.
ووفقاً للوزارة، كان هدف المشروع دراسة إمكانية نشر أمراض تتميز بقدرتها على الانتقال على شكل عدوى فائقة الخطورة من خلال الطيور المهاجرة، بما في ذلك إنفلونزا الطيور، التي تصل نسبة فتكها إلى 50 في المائة، وكذلك مرض «نيوكاسل». وخلال ذلك تم تحديد نوعين على الأقل من الطيور المهاجرة، التي تمر طرقهما بشكل رئيسي عبر روسيا، كما تم تلخيص معلومات عن طرق هجرتها عبر دول أوروبا الشرقية. وأضافت الوزارة أن «من بين جميع الأساليب التي تم تطويرها في الولايات المتحدة لزعزعة استقرار الوضع الوبائي، تعد هذه الطريقة من أكثر الأساليب تهوراً وعدم مسؤولية، لأنها لا تسمح بالتحكم في تطور الوضع». ووفقاً للوزارة، تم هناك أيضاً تطوير مشروع يعتمد على الخفاش كناقلات محتملة لعناصر الأسلحة البيولوجية.
وتؤكد الوزارة أن لديها معطيات تدحض التأكيد الأميركي بأن هذه التجارب أجراها العلماء الأوكرانيين في مختبرات البنتاغون البيولوجية في أوكرانيا من دون تدخل علماء الأحياء الأميركيين. ولفتت إلى أن إحدى الوثائق تثبت أن جميع الأبحاث عالية الخطورة يتم إجراؤها تحت إشراف مباشر من جانب مختصين أميركيين. وتؤكد الوثيقة أن البنتاغون كان يسدد بشكل مباشر نفقات هذه البحوث. وتضمنت الوثائق مقترحات لتوسيع البرنامج البيولوجي العسكري الأميركي على الأراضي الأوكرانية.
وقال إيغور كيريلوف، قائد قوات الحماية من الإشعاعات ومن السلاح الكيماوي والبيولوجي في الجيش الروسي، إن البنتاغون أبدى الاهتمام بالحشرات التي تحمل العدوى خلال التجارب في مختبرات أوكرانيا، وتم نقل أكثر من 140 حاوية، بها براغيت وقراد، إلى الخارج من المختبر البيولوجي في خاركوف، قبيل اقتراب القوات الروسية من المنطقة.

وأضاف: «اهتم البنتاغون كذلك بالحشرات الناقلة للأمراض المعدية الخطيرة». بدوره، قال عضو مجلس الدوما (النواب)، نيكولاي نوفيتشكوف، إن روسيا قد تطلب عقد محكمة دولية بشأن المختبرات البيولوجية في أوكرانيا. وأضاف نوفيتشكوف أن «هذا أمر مخيف للغاية، وخطير جداً، ومن المهم جداً الآن الحصول على إفادات الشهود والعثور على دلائل مقنعة على البحوث التي جرت هناك».
مع هذا التطور، بدا أن موسكو تستعد لتصعيد تحركها في مواجهة التداعيات الاقتصادية القاسية التي سبّبتها العقوبات الغربية، بما في ذلك على صعيد انسحاب كبريات الشركات العالمية من السوق الروسية.
وأعلن أمس، أوليغ بافلوف، رئيس مؤسسة «مبادرة المستهلك» الحكومية، أن الحكومة الروسية ومكتب المدعي العام قد أرسلوا قائمة تضم 59 شركة يمكن تأميمها بسبب توقفها عن العمل في روسيا. ووفقاً للمسؤول، فهناك «59 شركة في القائمة حتى الآن، لكنها تتوسع اعتماداً على البيانات الجديدة من الشركات الأجنبية. ومن بين أولئك الذين ظهروا بالفعل في الوثيقة؛ فولكس فاغن، وأبل، وإيكيا، ومايكروسوفت، وآي بي إم، وشل، وماكدونالدز، وبورش، وتويوتا، وإتش آند إم، وغيرها». وأضاف أن «العمل جارٍ لإشراك وكالات إنفاذ القانون ووزارة الصناعة والتجارة والهيئة الفيدرالية الروسية لحماية المستهلك في العمل على هذه القائمة». ووفقاً له، فإن الحجم الإجمالي لجميع أصول هذه الشركات يتجاوز 6 تريليونات روبل، وهو ما يعادل عائداتها في روسيا على مدى السنوات الثلاث الماضية.
موضحاً أن «وضع هذه الشركات في القائمة السوداء لمكافحة العقوبات يعني بالنسبة للشركة المخالفة وإدارتها تحقيق المخاطر التالية؛ مصادرة الحسابات والأصول، وإدخال الإدارة الخارجية، وتأميم الممتلكات. كما يجوز للإدارة الخارجية التي تفرضها الحكومة الروسية لمتابعة عمل هذه المؤسسات، تحميل أطراف المسؤولية الجنائية عن الإفلاس المتعمد والاحتيال على نطاق واسع».
في وقت سابق، اقترح حزب «روسيا الموحدة» في البرلمان تأميم كل أصول الشركات الأجنبية التي أعلنت انسحابها من روسيا على خلفية الوضع في أوكرانيا. ووصفت موسكو فرض العقوبات الغربية بأنه «حرب اقتصادية شاملة شنّها الغرب على روسيا بمشاركة كل من الحكومات والشركات الخاصة». وقال مجلس الدوما إن المهمة الأساسية المطروحة تتمثل في «إنقاذ وظائف ملايين الروس ومنع الاقتصاد والإنتاج من الانهيار من الداخل». وشمل الاقتراح البرلماني «تأميم أصول الشركات». وقال برلمانيون روس: «نعلم أن هذا إجراء مشدد، لكننا لن نتسامح مع الطعنات في الظهر، وسوف نحمي شعبنا». في الوقت ذاته، حذّر الكرملين من «عواقب» سوف تتبع عمليات مصادرة الأملاك الروسية في الخارج.
وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن «التأميم المحتمل للشركات الغربية في روسيا ومصادرة العقارات الروسية في الخارج يمكن أن يؤديا إلى تبعات سلبية متبادلة». ووفقاً لبيسكوف، فإن الحكومة الروسية تدرس «الخيارات كافة» للرد على العقوبات المفروضة على روسيا، وتتحسب لجميع سيناريوهات تطور الأحداث. وأشار بيسكوف إلى أن روسيا تواجه «حرباً اقتصادية غير مسبوقة». وفي هذه الظروف تتراجع قضايا الحفاظ على الجاذبية الاستثمارية لشركات الدول التي تشن تلك الحرب «إلى المرتبة الثانية أو الثالثة حتى الرابعة» في سلم الأولويات.
في غضون ذلك، عكست تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد لقاء مطول مع نظيره الأوكراني في أنطاليا، أمس، أن الطرفين فشلا في تقريب وجهات النظر في أول لقاء يجمعهما منذ اندلاع الحرب. ورفض لافروف اتهامات لبلاده بأنها «هاجمت أوكرانيا»، وقال إن موسكو «لا تنوي مهاجمة أي طرف، كما أنها لم تهاجم أوكرانيا، لكنها اضطرت للتحرك لصدّ تهديدات مباشرة لأمنها».
ميدانياً، واصلت القوات الروسية ومجموعات الانفصاليين تقدماً بطيئاً أمس، في بعض البلدات قرب دونيتسك، مع مراوحة الوضع العسكري حول المدن الكبرى المحاصرة. ونقلت وسائل إعلام أمس أن ماريوبول في الجنوب شهدت عمليات قصف مركزة خلال ساعات النهار، لكن الجانب الأوكراني أكد أنه أحبط محاولة للتقدم داخل المدينة. وأفاد صرح إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في إيجازه الصحافي اليومي، بأن القوات المسلحة الروسية دمرت ما يقرب من 3000 منشأة عسكرية في أوكرانيا منذ بداية العملية العسكرية. وقال كوناشينكوف: «نتيجة للهجمات على منشآت البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، دمرت 2998 منشأة عسكرية، منها 68 موقعاً أصابه الطيران العملياتي والتكتيكي الروسي خلال الساعات الـ24 الماضية، حدد منها منشأتين تابعتين لأنظمة القيادة والسيطرة، و12 موقعاً لوجستياً، و3 منصات لإطلاق صواريخ المضادة للطائرات». وقال الناطق العسكري إنه «إجمالاً، منذ بداية العملية، بلغت خسائر القوات الأوكرانية 98 طائرة، و110 طائرات بدون طيار، و144 صاروخاً مضاداً للطائرات للدفاع الجوي، و88 مركزاً للرادار، و1007 دبابات ومركبات قتالية مصفحة أخرى، و109 أنظمة إطلاق صواريخ متعددة، و374 مدفعية ميدانية وقذائف هاون، و793 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».