هاريس توثق العلاقات مع بولندا... وتتهم روسيا بارتكاب «فظائع» في أوكرانيا

أكدت عزم واشنطن الدفاع عن دول الناتو... وحاولت تجاوز الخلاف على الـ«ميغ 29»

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في أثناء اجتماعها مع الرئيس البولندي أندريه دودا (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في أثناء اجتماعها مع الرئيس البولندي أندريه دودا (أ.ب)
TT

هاريس توثق العلاقات مع بولندا... وتتهم روسيا بارتكاب «فظائع» في أوكرانيا

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في أثناء اجتماعها مع الرئيس البولندي أندريه دودا (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في أثناء اجتماعها مع الرئيس البولندي أندريه دودا (أ.ب)

سعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، أمس (الخميس)، إلى توطيد العلاقات بين واشنطن ووارسو في أثناء اجتماعها مع الرئيس البولندي أندريه دودا، غداة التباينات الواضحة بين البلدين في شأن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، داعيةً إلى إجراء تحقيق في الهجوم الذي استهدف مستشفى مدنياً في مدينة ماريوبول الأوكرانية، متهمةً روسيا بأنها ترتكب «فظائع ذات أبعاد لا يمكن تصورها».
وجرى تكليف هاريس بتسوية العلاقة مع بولندا، وهي حليف رئيسي بعدما رفضت واشنطن اقتراح وارسو المفاجئ لتسهيل نقل طائراتها الـ28 من طراز «ميغ 29» إلى أوكرانيا، بعدما أوجد الاقتراح معضلة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، التي تحاول أيضاً تجنب النزاع المباشر مع روسيا.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس دودا، قالت هاريس: «أريد أن أكون واضحة للغاية، الولايات المتحدة وبولندا متحّدتان فيما فعلناه ومستعدتان لمساعدة أوكرانيا وشعب أوكرانيا، نقطة على السطر». وتلافت هاريس معالجة القضية بشكل مباشر خلال المؤتمر الصحافي وبدلاً من ذلك شددت على الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة بالفعل لأوكرانيا بسبب نقص القوة الجوية، وكذلك الصواريخ المضادة للدبابات. وقالت: «نحن نقوم بالتسليم كل يوم من حيث ما يمكننا القيام به».
ورداً على سؤال عمّا يمكن أن تتوقعه أوكرانيا، قالت هاريس إن «هذه عملية مستمرة ولن تتوقف بقدر ما توجد حاجة». وإذ أعلنت تسليم نظامي صواريخ «باتريوت» جديدين إلى بولندا، أضافت أن «الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن كل شبر من أراضي حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد أن أي هجوم ضد أحدها هو هجوم ضد الجميع»، طبقاً للمادة الخامسة من معاهدة واشنطن الخاصة بالحلف الغربي. وقالت: «أنا هنا في بولندا تعبيراً عن العلاقة الدائمة والمهمة، التي هي، مرة أخرى، طويلة الأمد، ولكن على وجه الخصوص في شأن قضية أوكرانيا موحدة».
وزادت: «سنفعل كل شيء معاً بشراكة، تضامناً لدعم ما هو ضروري في هذه اللحظة بالذات فيما يتعلق بالحاجات الإنسانية والأمنية لأوكرانيا والشعب الأوكراني».
وأعلن الناطق باسم القيادة الأميركية في أوروبا في بيان أن الولايات المتحدة ترسل بطاريتي صواريخ «باتريوت» جديدتين إلى بولندا كأسلحة دفاعية لمواجهة أي تهديد محتمل للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو وسط غزو روسيا المستمر لأوكرانيا. ونظام «باتريوت» للدفاع الجوي مصمَّم لمواجهة وتدمير الصواريخ الباليستية القصيرة المدى والطائرات الهجومية وصواريخ «كروز».
ولفتت هاريس إلى «الغضب الأخلاقي الذي تشعر به جميع الدول المتحضرة عندما ننظر إلى ما يحدث: الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال والجدات والأجداد الذين يفرون من كل شيء»، مضيفةً أن «فظائع ذات أبعاد لا يمكن تصورها» تحصل في أوكرانيا.
ومع ذلك، لم تصل إلى حد وصف تصرفات روسيا في أوكرانيا بأنها جرائم حرب. واستدركت أن «أي هجوم متعمد على المدنيين الأبرياء يعد انتهاكاً»، مضيفة أن «الأمم المتحدة أعدت عملية (...) لإجراء مراجعة وتحقيقات، وسنشارك بالطبع، حسب المقتضى والضروري». لكنها كررت أن الصور من أوكرانيا تُظهر بوضوح الفظائع التي تحدث، حتى قبل أن يحدد التحقيق ما يمكن تسميتها به. وقالت: «ليس لديّ أدنى شك في أن عيون العالم تتجه إلى هذه الحرب وما فعلته روسيا فيما يتعلق بهذا العدوان وهذه الفظائع». أما الرئيس دودا فكان أكثر صراحة، إذ وصف «جرائم الحرب» بأنها «واضحة» في أوكرانيا، مضيفاً أن اللاجئين القادمين إلى بلاده لديهم أدلة على ذلك على هواتفهم.
وقبل أن يجلسا لإجراء محادثات، استقبلت هاريس دودا عند مدخل قصر بالفادير، تحت سماء زرقاء مشمسة، وتصافحا قبل المشي إلى الداخل.
والتقت هاريس أولاً رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافيكي، معيدةً تأكيد التزام الولايات المتحدة حيال حلفاء الناتو الشرقيين. وشكرت لبولندا الترحيب باللاجئين الأوكرانيين بـ«شجاعة وكرم».
وكانت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، قد أفادت بأن قضية الطائرات المقاتلة لن تكون محور اجتماع هاريس مع دودا، لكنها توقعت أن تساعد نائبة الرئيس في تصحيح الأمور. ولفتت إلى أن هناك «تحديات لوجيستية واضحة» مع الاقتراح المقدم من بولندا، بما في ذلك كيفية نقل الطائرات إلى أوكرانيا بطريقة غير تصعيدية، وربما الاضطرار إلى تفكيك الطائرات وإعادة تجميعها، وضمان الحركة الآمنة للطائرات في خضم الحرب.
وكذلك رفضت وزارة الدفاع (البنتاغون) الفكرة بشكل قاطع. وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي، في إيجاز، إن الولايات المتحدة لا تدعم نقل الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا، موضحاً أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتقد أن نقل الطائرات إلى أوكرانيا الآن يمكن أن يُنظر إليه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه «خطوة تصعيدية» و«يمكن أن يؤدي إلى رد فعل روسي كبير قد يزيد احتمالات حدوث تصعيد عسكري مع الناتو».
وقال مسؤولون أميركيون إن هاريس تعتزم استغلال الرحلة للتركيز بشكل أساسي على «الخطوات التالية» في تعامل أوروبا الشرقية مع النزاع الجاري، بما في ذلك الخطط المستقبلية المتعلقة بالعقوبات واللاجئين والمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وكان مقرراً أن تعقد هاريس مائدة مستديرة مع اللاجئين أمس، بعد لقائها دودا. كما ستلتقي لاجئين أوكرانيين ودبلوماسيين أميركيين انتقلوا إلى بولندا من السفارة الأميركية في كييف. وستلتقي أيضاً رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي يزور بولندا في الوقت ذاته. وتغادر اليوم إلى رومانيا، وهي أيضاً عضو في الناتو حيث نشرت الولايات المتحدة قواتها وسط توترات متصاعدة مع روسيا.


مقالات ذات صلة

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرقي أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».