تحذير أممي ـ أفريقي: أوضاع السودان خطيرة وتتطلب حلاً خلال أسابيع

قتيلان وعشرات الإصابات في احتجاجات ضد السلطة العسكرية في الخرطوم

مبعوث الاتحاد الأفريقي ورئيس بعثة يونيتامس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الاتحاد الأفريقي ورئيس بعثة يونيتامس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

تحذير أممي ـ أفريقي: أوضاع السودان خطيرة وتتطلب حلاً خلال أسابيع

مبعوث الاتحاد الأفريقي ورئيس بعثة يونيتامس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الاتحاد الأفريقي ورئيس بعثة يونيتامس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

حذّر مبعوثا الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أمس، من خطورة الأوضاع في السودان، وحضّا الأطراف كافة على الإسراع في الحوار للخروج من الأزمة الحالية، في غضون أسابيع قليلة، وأكدا أن ما حصل في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هو «انقلاب عسكري» يجب وقفه بالتوافق على ترتيبات دستورية جديدة تعيد البلاد إلى مسار الانتقال المدني. فيما تواصلت الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني، وسقط قتيلان وعشرات الجرحى بين المتظاهرين.
وقال رئيس بعثة الأممية فولكر بيرتس، في مؤتمر صحافي مشترك مع مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ودلباد، في الخرطوم: «ليس أمامنا وقت طويل، والسودان يشهد تدهوراً اقتصادياً وأمنياً، والناس تموت في الشوارع». ونبّه على أن الوضع الاقتصادي متأزم، والمواعيد تقترب فيما يتعلق بإعفاء ديون السودان والمساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية، «ويجب أن نصل إلى حل قبل يونيو (حزيران)» المقبل.
ودعا إلى التركيز في هذه المرحلة على أهم القضايا التي تساعد في الخروج من الأزمة، تليها مرحلة حوار سوداني - سوداني حول قضايا الدستور وأجهزة الحكم خلال الفترة الانتقالية... «نخطط لأن يجري هذا الحوار في أسابيع وليس شهوراً». ورأى أن المطلوب، قبل بلوغ مرحلة الحوار والتفاوض بين الأطراف، إعادة بناء الثقة بين السلطة العسكرية الحاكمة والشعب السوداني، وذلك من خلال وقف العنف وضمان حق التظاهر السلمي وإطلاق سراح كل المعتقلين. وأكد المبعوث الأممي أن الأمم المتحدة ملتزمة بالشراكة مع الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيقاد» من أجل أن يعود السودان إلى مسار انتقال حقيقي، ينتهي بانتخابات حرة نزيهة وحكم مدني ديمقراطي.
وقال: «بدأنا والاتحاد الأفريقي لقاءات مشتركة مع بعض القوى السياسية لدعم السودانيين لإيجاد مخرج للأزمة الحالية التي نتجت عن الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الماضي». وأضاف فولكر أن الهدف من التعاون المشترك هو العودة للوضع الدستوري ومسار انتقالي نحو الحكم المدني والديمقراطي.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لن يفرضا أي حلّ، بل يجب أن يكون الحوار «سودانياً - سودانياً».
المبعوث الأفريقي محمد الحسن ودلباد حذّر في المؤتمر الصحافي من أن المؤشرات تنذر بأن السودان في خطر كبير، ما يفرض التحرك العاجل لحلّ الأزمة.
وقال ودلباد: «في هذا الوقت، نحتاج إلى تصرف مسؤول ومناسب بأسرع ما يكون للتراضي الوطني، بما يعيد الشرعية الدستورية للبلاد، ويوقف الانقلاب العسكري... نشجع العسكريين والمدنيين على خلق مناخ سياسي مناسب، يبدأ بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والتصرف السلمي تجاه المظاهرات وإلغاء حالة الطوارئ».
وأضاف: «إذا اتفق المدنيون، فإنهم يستطيعون تضييق الهامش على المؤسسة العسكرية للبقاء في السلطة، وإذا تشرذموا فستظل هذه المؤسسة تسيطر على الأمور»، بيد أنه اعتبر أن الأخطار المحدقة تستدعي دوراً هاماً للمؤسسة العسكرية لحفظ الأمن وحماية البلاد.
وطالب المبعوث الأفريقي الشباب (لجان المقاومة) والشعب السوداني في هذه الظروف بألا يشجعوا أي تصرفات تسيء لقوى الأمن ومؤسسات الدولة، وطالبوا بوقف العنف بأشكاله كافة.
وعبّر ودلباد عن بالغ القلق من انزلاق السودان نحو مآلات لا تحمد عقباها، داعياً إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق سياسي.
ولمح المبعوثان الأممي والأفريقي إلى أنهما وجدا تقبلاً من الأطراف السودانية للتراضي الوطني، مع وجود بعض الصعوبات المهمة.
ورحّب تحالف قوى «الحرية والتغيير» المعارض للسلطة العسكرية بالجهود المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أجل حل الأزمة.
وأكد المكتب التنفيذي للتحالف، في بيان، أن موقفه من أن أي عملية سياسية أنه يجب أن تحقق أهداف الثورة ومطالب الشارع، وتبدأ بإلغاء حالة الطوارئ وإنهاء العنف وإطلاق سراح المعتقلين كافة ووقف كل الانتهاكات لتهيئة المناخ للعملية السياسية.
وكان المبعوث الأممي أصدر الأسبوع الماضي تقريراً عن المشاورات التي أجراها مع مختلف القوى المدنية السياسية والكيانات المهنية ورجال الإدارة الأهلية، أشار فيه إلى ضرورة ابتعاد الجيش عن السلطة، وتأسيس وضع انتقالي جديد.
وفي 2019 قاد ودلباد الوساطة بين المجلس العسكري الانتقالي (المنحل) وقوى الحرية والتغيير، التي انتهت بالتوصل للوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، قبل استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر الماضي، وتجميد بعض بنود هذه الوثيقة وفرض حالة الطوارئ.
وقُتل أمس متظاهران بالرصاص الحي في احتجاجات خرجت في العاصمة، الخرطوم، ضد الحكم العسكري.
وقالت «لجنة أطباء السودان المركزية»، في بيان، إن محمد مجدي مكي أصيب بالرصاص الحي في الصدر من قبل قوات السلطة الانقلابية في المواكب التي شهدتها مدينة أم درمان، فيما لم يتعرف على هوية القتيل الثاني في ضاحية «بري» بالخرطوم. وأضاف اللجنة أن ما لا يقل عن 20 شخصاً أصيبوا في أم درمان، كما يوجد عدد من الإصابات بالرصاص الحي وسط المتظاهرين في الخرطوم. وذكرت أن قوات الأمن مستمرة في استخدام العنف والقمع المفرط والرصاص الحي بجميع أنواعه من دون وازع إنساني أو أخلاقي. واتهمت السلطة العسكرية بمواصلة انتهاكاتها بحق الشعب الذي يخرج في مسيرات سلمية مكفولة في كل القوانين الدولية والمحلية. وكانت لجان المقاومة (تنظيمات شعبية) دعت إلى مواصلة المظاهرات خلال خطتها المجدولة في مارس (آذار) الحالي لإجبار الحكم العسكري على التنحي من السلطة وتسليمها للمدنيين.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».