صراع بين التيار الصدري وخصومه الشيعة على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية

صراع بين التيار الصدري وخصومه الشيعة على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية
TT

صراع بين التيار الصدري وخصومه الشيعة على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية

صراع بين التيار الصدري وخصومه الشيعة على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية

لعبت المحكمة الاتحادية العليا بأعصاب الجميع. فبعد ما بدا أنهما ضربتان موجعتان للحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني، فإن الضربة الثالثة بدت أقل إيلاماً وأكثر إنصافاً. الضربة الأولى (إقصاء مرشح بارزاني لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري) والثانية (رفض بيع إقليم كردستان نفطه بعيداً عن بغداد) أفرحتا ليس خصوم «البارتي» (التسمية المختصرة للحزب الديمقراطي الكردستاني) فقط وهم الاتحاد الوطني الكردستاني وتسميته المختصرة «ييكتي»، بل الإطار التنسيقي الشيعي بالضد من التيار الصدري الشيعي وتحالف السيادة السني.
الضربة الثالثة خلطت الأوراق، وهي عملية لعب جديد بأعصاب الجميع. فالاتحادية التي أبطلت قرار رئاسة البرلمان بفتح باب الترشح للمرة الثانية لرئاسة الجمهورية بهدف منح «البارتي» فرصة ترشيح بديل لزيباري، منحت البرلمان وبالأغلبية البسيطة إمكانية فتح باب الترشح لمرة واحدة. وبينما شعر الديمقراطي الكردستاني بالارتياح لهذا القرار كونه أتاح له التنافس من جديد وعبر مرشح جديد (وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد بارزاني) فإن القنبلة التي فجّرها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بشأن المحكمة الاتحادية العليا وعدّها غير دستورية داعياً إلى إلغائها منحت خصوم الصدر وبارزاني فرصة لشن هجوم على ما عدوه خط الدفاع الأخير قبل انهيار الأوضاع في العراق وهو القضاء.
الهجوم العنيف الذي شنّه الإطار التنسيقي عبر أطرافه المؤثرة (تحالف الفتح وعصائب أهل الحق وائتلاف دولة القانون) كان يهدف إلى لفت انتباه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لجهة أن حليفه الأبرز (الحزب الديمقراطي الكردستاني) لا يعترف بقرار الاتحادية. أما الاتحاد الوطني الكردستاني فإن هجومه على خصمه الديمقراطي اقتصر على أن الديمقراطي يكيل بمكيالين. فالاتحاد الوطني لا يستطيع معارضة الديمقراطي بالكامل فيما يتعلق بقرار الاتحادية الخاص بالنفط، لكنه يهاجمه لأنه يمدح المحكمة الاتحادية حين يكون القرار لصالحه (إعادة فتح باب الترشيح) ويهاجمها، بل يرفض الاعتراف بها حين تصدر قراراً لا يبدو لصالحه.
لم يتبق الكثير من الوقت. فالمحكمة الاتحادية التي اضطرت طبقاً لما يجري تداوله في الأوساط السياسية إلى فتح باب الترشيح في مسعى منها لفتح كوة ولو بسيطة فيما يبدو انسداداً سياسياً كاملاً، طالبت البرلمان بالانتهاء من مسألة انتخاب رئيس الجمهورية خلال «مدة وجيزة». لم تحدد المدى الزمني لهذه المدة لكنها فهمت أنها الفرصة الأخيرة. ومن أجل البدء بالخطوة الأولى وهي إضافة المرشح المطلوب إضافته للمنصب وهو ريبر أحمد لا سواه فلا بد من القيام بالتحشيد من قبل أطراف التحالف الثلاثي لكي تمر العملية بسهولة. ورغم أن هناك تحشيداً من أجل كسر النصاب يتولاه الإطار التنسيقي ومعه الاتحاد الوطني، فإن أوساط التحالف الثلاثي تبدو مطمئنة لاستمرار النصاب كونه هنا لا يحتاج إلى أغلبية الثلثين.
مع ذلك وحتى لو مضت عملية فتح باب الترشح للمرة الأخيرة، فإن القادم هو الأهم والأخطر وهو كيفية تمرير المرشح القادر على الحصول على أغلبية الثلثين من مرشحي الحزبين الكرديين (برهم صالح من الاتحاد الوطني ـوريبر أحمد صالح من الديمقراطي). وفي ظل غياب أي حوار بين الحزبين الكرديين بهدف الوصول إلى تسوية، فإن المفارقة اللافتة للانتباه أن الصراع على المنصب السيادي الكردي (رئاسة الجمهورية) بات صراعاً شيعياً - شيعياً (التيار والإطار).
طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة عبر أكثر من تحالف أو تكتل سياسي، فإن الصراع الشيعي - الشيعي غير القابل للتسوية حتى الآن بات يبحث عن تسوية من خارج البيت الشيعي. المعلومات المتطابقة تقول إنه في حال بدا أن الانسداد السياسي وصل إلى أقصى مراحله بحيث لا يستطيع فريق الانتصار على فريق من أجل تخطي ما قررته «الاتحادية» بشأن أهمية إنجاز الاستحقاقات خلال مدة وجيزة فإن الخطة «ب» تتمثل في محاولة التحرك لعقد صفقات من قبل كلا التحالفين الشيعيين (التيار والإطار) مع أحد الحزبين الكرديين. وحسب المعلومات ذاتها، فإن هناك محاولات من قبل الإطار التنسيقي، برغم تحالفه مع الاتحاد الوطني الكردستاني، للتحرك على الحزب الديمقراطي الكردستاني المتحالف مع خصمهم الصدر لغرض كسر جمود الانغلاق السياسي. وتشير المعلومات إلى أن الحل الذي يراه الإطار التنسيقي هو توافق كردي - كردي على منصب رئيس الجمهورية، وهو ما يعني أن الشيعة المختلفين مع بعضهم يرمون الكرة في ملعب الكرد من أجل حل قضيتهم لكي تحل قضية الشيعة بعدهم وهي الصراع عبر الكتلة الأكثر عدداً على منصب رئيس الوزراء.
ويبدو أن المساومات ستكون سيدة الموقف نظراً لعدم قدرة أي من الطرفين على تأمين أغلبية الثلثين لتمشية أي من المرشحين، كما أن الشيعة الذين يدعم كل طرف منهم أحد الحزبين الكرديين باتوا في الوقت نفسه يضغطون على الحزبين الكرديين لحل مشكلتهما بأي طريقة لكي لا يستمر الجمود والشلل الذي تعيشه البلاد، وهو ما يعني استمرار حكومة مصطفى الكاظمي التي بقدر ما يرغب الصدر في استمرارها فإن قوى الإطار التنسيقي تتمنى زوالها بأقصر وقت ممكن. وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من جلسة اليوم (السبت)، فإن الكرة تبقى تدور متنقلة بين ملاعب الجميع دون قدرة أي طرف على تسجيل هدف الترجيح في مباراة كثيراً ما يتولى الحكم مهمة توجيه الكرة هنا وهناك وليس اللاعبين.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.