إسرائيل تسعى لاتفاق مع واشنطن لمعالجة مخاوفها من «النووي» الإيراني

انتقادات لحكومة بنيت: لم تتعلم الدرس وتواصل سياسة نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الخارجية يائير لبيد ووزير المالية أفيغدور ليبرمان خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي أول من أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الخارجية يائير لبيد ووزير المالية أفيغدور ليبرمان خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي أول من أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تسعى لاتفاق مع واشنطن لمعالجة مخاوفها من «النووي» الإيراني

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الخارجية يائير لبيد ووزير المالية أفيغدور ليبرمان خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي أول من أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزير الخارجية يائير لبيد ووزير المالية أفيغدور ليبرمان خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي أول من أمس (رويترز)

بعد الاعتراف الضمني بأن حكومته لم تستطع إحداث تأثير على مضمون الاتفاق الآخذ في التبلور في محادثات فيينا، بين إيران والدول العظمى، كشفت وزيرة المواصلات في الحكومة الإسرائيلية، ميراف ميخائيلي، عن أن رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ووزير الخارجية يائير لبيد، يسعيان لدى إدارة الرئيس جو بايدن، إلى التوصل لاتفاق إسرائيلي - أميركي خاص بهذا الموضوع «يحمي مصالح إسرائيل مقابل الاتفاق النووي مع طهران».
وأكدت الوزيرة ميخائيلي، عضو مجلس الوزراء الأمني المعني بصنع القرار، أن بنيت نفسه ينشغل في الأسابيع الأخيرة في سلسلة لقاءات ومحادثات مع أعضاء كونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، ويطلعهم على تفاصيل الاتفاق المتبلور في فيينا ويفاجئهم بمعلومات جديدة، مشيرة إلى أن «كثيراً منهم لا يعرفون حقيقة أن جزءاً جوهرياً من بنود الاتفاق سينتهي مفعولها بعد سنتين ونصف السنة، وأن كل الاتفاق سينتهي مفعوله بعد 8 سنوات، وسيمكن إيران من الدفع قدماً ببرنامج عملي بكامل الزخم».
وقالت ميخائيلي إنها بصفتها نائبة من يسار الوسط المعارض في عام 2015 أيدت الاتفاق النووي مع إيران في ذلك الوقت، والذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بعد ذلك. لكنها أضافت: «عمر هذا الاتفاق (الناشئ) أقصر كثيراً... ويحمل العديد من الفرص السيئة... ويمثل بالفعل إشكالية كبرى... إننا نبذل كل ما في وسعنا لجعله (الاتفاق) على أفضل وجه ممكن».
وأضافت؛ دون الخوض في التفاصيل: «سيتعين علينا العمل على اتفاق تكميلي بين إسرائيل والولايات المتحدة»، حسب «رويترز».
وقبل الوزيرة بساعات، أكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن بنيت ولبيد كانا يعرفان أنه «لا توجد لدى إسرائيل قدرة على التأثير في بنود الاتفاق النووي الذي تجري مناقشته في فيينا، ولذلك باشرا التخطيط لليوم التالي الذي سيعقب الاتفاق. فأخذا يهاجمان الاتفاق ويبديانه سيئاً ومضراً ويجلب أخطاراً، وبذلك يمهدان الطريق للتقدم بطلب تعويضات أميركية تعزز مكانة إسرائيل وتمنحها غطاء لمواصلة إجراءاتها ضد إيران».
وحسب أحد هذه المصادر؛ فإن بنيت ولبيد ومعهما وزير الدفاع بيني غانتس «سلموا بإمكانية توقيع الاتفاق النووي خلال بضعة أيام. جهود الإعلام والخطابات والمقابلات التي قام بها الثلاثة لم تعد تتركز على محاولة التأثير على المسودات التي يجري تداولها على الطاولة. منظومة الدعاية في إسرائيل يجري تجنيدها الآن في الأساس لصالح اليوم الذي سيلي الاتفاق، لرسم حدود عمل إسرائيل حيال إيران في الواقع الجديد، ومحاولة تجنيد المجتمع الدولي لاتفاق أكثر أهمية إزاء إيران في اليوم الذي سينتهي فيه مفعول الاتفاق الحالي في عام 2030». وقد عبر عن ذلك غانتس بقوله، أمام مؤتمر ميونيخ: «الاتفاق إذا تم التوقيع عليه؛ فلن يكون نهاية المطاف. هناك حاجة إلى العمل من أجل التأكد من أن إيران لن تواصل التخصيب في منشآت أخرى وزيادة الرقابة عليها».
وقال مصدر مقرب من بنيت، أمس، إن «الإدارة الأميركية يمكن أن تتعاطى مع إيران بصفتها (دولة عتبة نووية). لكن إسرائيل ترفض أي تساهل في هذا. ترفض؛ وستعمل كل ما في وسعها، وستتخذ كل الإجراءات من أجل ضمان ألا تصبح إيران (دولة عتبة نووية) في أي يوم من الأيام. محظور أن يسلم العالم بذلك، وإسرائيل لن تسلم بذلك في أي وقت».
وكان القادة الإسرائيليون قد أكدوا سابقاً أن بلادهم لن تكون ملزمة بأي اتفاق نووي، وقد تتخذ إجراءً عسكرياً من جانب واحد ضد عدوهم اللدود إذا اعتقدوا أن ذلك ضروري لحرمانه من امتلاك أسلحة نووية.
يذكر أن هناك تياراً إسرائيلياً قوياً، له نفوذ أيضاً في الحكومة، يعارض رسائل حكومة بنيت هذه، ويحذر من أخطارها. وقد عبرت أسرة التحرير في صحيفة «هآرتس» عن هذا الرأي في مقال افتتاحي لها، أمس الاثنين، انتقدت فيه تصريحات بنيت الأخيرة وطريقة تعامله مع هذا الملف: «سارع بنيت إلى التحذير من أنه إذا وقع العالم مرة أخرى على الاتفاق دون أن يمدد موعد النفاد، فإنه سيشتري بالإجمال سنتين ونصف السنة، وبعدها يكون بوسع إيران ومن حقها أن تطور وتركب أجهزة طرد مركزي متطورة، بلا حدود.
نسي بنيت أن يشير إلى أن إيران بدأت تخرق الاتفاق بعد نحو سنة من انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018 بقرار من طرف واحد؛ كما نسي أن يشير إلى أنه كانت لإسرائيل مساهمة كبيرة في ذلك. فقد بذلت إسرائيل كل جهودها الدبلوماسية وقدراتها العسكرية كي تعرقل الاتفاق قبل التوقيع عليه. وهي الآن تشكو من أن الاتفاق الجديد سيمنح فترة زمنية قصيرة جداً لتجميد البرنامج النووي الإيراني».
وخرج الباحث عوفر شلح، الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، بموقف مماثل في مقال افتتاحي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، قال فيه إن «تصريحات بنيت تدل على أن إسرائيل لا تتعلم من إخفاقاتها». وقال: «ينبغي ألا يكون هناك أي شك: الاتفاق النووي، حتى لو كان نسخة غير محسنة لاتفاق 2015، فهو أفضل من الوضع الذي أدى إليه خروج ترمب من طرف واحد، بتشجيع ودفع من إسرائيل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.