التطعيم أكثر وقاية من العدوى الطبيعية بمتحورات «كورونا»

وفق دراسة لجامعة «ستانفورد» الأميركية

TT

التطعيم أكثر وقاية من العدوى الطبيعية بمتحورات «كورونا»

توصلت دراسة لباحثين في كلية طب بجامعة «ستانفورد» الأميركية، إلى أن الأجسام المضادة الناتجة عن لقاحات «كوفيد-19»، هي أكثر ملاءمة للتعرف على المتغيرات الفيروسية، مقارنة بالأجسام المضادة التي تنشأ من العدوى الطبيعية.
وتفسر إحدى النتائج الرئيسية لهذه الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «سيل»، السبب في هذا التباين، وهو أن المناطق في الغدد الليمفاوية المعروفة باسم «المراكز الجرثومية»؛ حيث يتم اختيار الأجسام المضادة وتضخيمها بواسطة الجهاز المناعي، نشطة للغاية لعدة أسابيع بعد التطعيم. وفي المقابل، تتعطل بنية وتكوين الخلايا للمراكز الجرثومية بشدة، لدى الأشخاص المصابين بحالات قاتلة من «كوفيد-19».
يقول سكوت بويد، الأستاذ المشارك بعلم الأمراض، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة «ستانفورد» في 17 فبراير (شباط) الجاري: «يولد التطعيم مجموعة من الأجسام المضادة القادرة على الاستجابة لمستضدات فيروسية تتجاوز التعرض الأصلي، وهذا الاتساع الأكبر للأجسام المضادة يشير إلى أن التطعيم من المرجح أن يكون أكثر حماية ضد المتغيرات الفيروسية من المناعة الناتجة عن العدوى السابقة».
وأظهرت الدراسة أيضاً لأول مرة أن استجابة الشخص المناعية للمتغيرات الفيروسية، تتأثر بشدة بنسخة فيروس «كورونا» المستجد الذي واجهه الجهاز المناعي لأول مرة.
وهذه الظاهرة المعروفة باسم البصمة تشبه ما نلاحظه مع فيروسات الإنفلونزا التي تختلف من موسم لآخر، وتخلق سمة مناعية فريدة لكل فرد، ويمكن أن يؤدي التعرض المسبق لفيروسات الإنفلونزا المختلفة إلى تعزيز أو إضعاف الاستجابات لأنواع فيروسات الإنفلونزا الجديدة في بعض الأحيان.
ويقول العلماء إن فهم معنى البصمة فيما يتعلق بالحصانة ضد متغيرات «كورونا» دائمة التطور، سيكون محوراً للتحقيق المستقبلي، ويمكن أن يوجه القرارات المتعلقة بتكوين اللقاح المعزز وتوقيته.
وقارن الباحثون خلال الدراسة مستويات وأنواع الأجسام المضادة للفيروس في المشاركين بالتجربة السريرية بجامعة «ستانفورد» للقاح «فايزر– بيونتيك»، مع تلك الخاصة بمرضى عولجوا خلال الأشهر الأولى من الوباء؛ حيث تم علاج هؤلاء المرضى قبل انتشار الفيروس على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ومن المرجح أنهم أصيبوا بإحدى سلالات الفيروس الأولى.
وتقول كاثرينا رولتغن، الباحثة المشاركة في الدراسة: «عندما قارنا استجابات الأجسام المضادة للعدوى بتلك الناتجة عن التطعيم، وجدنا أن الأشخاص المصابين ينتجون مستويات مختلفة من الأجسام المضادة، والتي انخفضت بشكل مطرد بعد الإصابة. وفي المقابل، كانت الاستجابة للتطعيم موحدة للغاية، وكانت لدى جميع المشاركين في الدراسة استجابة جيدة، مع وجود مستويات عالية من الأجسام المضادة، على الرغم من انخفاضها أيضاً بمرور الوقت».
وأنتج اللقاح المستند إلى «الرنا مرسال» أعلى مستويات من الأجسام المضادة، مقارنة مع نتائج من الأشخاص الذين تم تطعيمهم بواحد من ثلاثة لقاحات أخرى متوفرة عالمياً، وهي لقاحات: «أسترازينيكا»، و«سبوتنيك 5»، و«سينوفارم»، وتعمل كل هذه اللقاحات عن طريق تعريض جهاز المناعة للفيروس الأصلي أو أجزاء منه.
وأنتج كل لقاح مجموعة واسعة من الأجسام المضادة، ورغم أن معظم الأجسام المضادة استهدفت البروتين الشوكي (بروتين سبايك) في الفيروس الأصلي، فإن البعض الآخر يمكن أن يرتبط أيضاً ببروتينات «سبايك» لتسعة متغيرات فيروسية أخرى، بما في ذلك متغير «دلتا» الذي تسبب في زيادة عدد حالات المرضى والوفيات في أواخر الصيف وخريف عام 2021، في الولايات المتحدة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن المرضى غير المحصنين المصابين بسلالة الفيروس الأصلية صنعوا مجموعة أضيق من الأجسام المضادة، والتي يمكن أن يرتبط عدد أقل منها ببروتينات «سبايك» من المتغيرات.
يقول بويد: «تشير بياناتنا إلى أن العدوى بمتغير فيروسي معين تعطي استجابة من الجسم المضاد تركز على المستضدات من هذا المتغير، ولا تحتوي على اتساع الارتباط نفسه مع المتغيرات المختلفة، مثل استجابة الجسم المضاد التي يسببها اللقاح، وهذه النتائج تدعم وتوسع النتائج التي تم الإبلاغ عنها لطفرات فيروسية معينة من قبل دراسات سابقة».
وعندما فحص الباحثون العقد الليمفاوية للأشخاص الذين تم تطعيمهم والمصابين، وجدوا أن المراكز الجرثومية لدى أولئك الذين تم تطعيمهم بدت وكأنها مصانع قوية لتوليد الأجسام المضادة، لمدة تصل إلى 8 أسابيع بعد التطعيم.
في المقابل، كانت المراكز الجرثومية للعقد الليمفاوية لدى الأشخاص المصابين بفيروس «كورونا» الشديد، قد تكونت بشكل سيئ، وكانت تفتقد لأنواع الخلايا المناعية الرئيسية، مما يشير إلى ضعف قدرتها على صنع أجسام مضادة لمكافحة الأمراض.
ودرس الباحثون أيضاً الأشخاص الملقحين وغير الملقحين الذين أصيبوا بمتغيرات «ألفا» أو «دلتا»، ووجدوا أن الأشخاص غير المحصنين المصابين بـ«ألفا» أو «دلتا» يصنعون أجساماً مضادة متخصصة في الارتباط ببروتين «سبايك» الفيروسي الخاص بـ«ألفا» أو «دلتا»، على التوالي.
وقام الأشخاص الذين تم تطعيمهم سابقاً، والذين أصيبوا لاحقاً بفيروسات «ألفا» أو «دلتا»، بتشكيل مجموعة من الأجسام المضادة التي تعرفت على بروتين «سبايك» من سلالة الفيروس الأصلية، والذي تم تقديمه لهم لأول مرة في اللقاح، بالإضافة إلى تلك المتغيرات الأخرى، بما في ذلك «ألفا» و«دلتا».
ويقول بويد: «في الأشخاص الذين تم تطعيمهم سابقاً، هناك تحيز أقل في استجابة الجسم المضاد تجاه المتغير الذي أصابك، وقد يعني هذا أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يكونون أكثر استعداداً من الأشخاص المصابين بشكل طبيعي لدرء العدوى اللاحقة بمتغيرات أخرى».
ومن غير الواضح ما إذا كانت الطلقات المعززة المصممة للمتغيرات الجديدة الناشئة، ستكون فعالة أيضاً في إثارة الاستجابات المناعية للمتغيرات المستقبلية.
ويقول الباحثون إنه إذا ظهر متغير يختلف اختلافاً كبيراً عن سلالة الفيروس الأصلية المستخدمة في صنع اللقاحات المتاحة حالياً -وعن المتغيرات التي سبقته- فقد يكون من المفيد تزويد أجهزتنا المناعية بالمعلومات الجديدة.
على أي حال، فإن اللقاحات الحالية تولد حماية واسعة من الأمراض الشديدة التي تسببها المتغيرات التي تتجاوز تأثير العدوى.
ويقول بويد: «في حالة (كورونا) المستجد، فإن الحجة القائلة بأن العدوى أفضل من التطعيم ليست مدعومة جيداً بناءً على الأدلة الحالية، ومن الواضح أن اللقاحات الحالية أنقذت عديداً من الأرواح في جميع أنحاء العالم خلال هذا الوباء. وإذا كنت تأمل في تجنب الإصابة في المستقبل بنوع غير معروف حتى الآن، فإن أفضل رهان لك هو تلقي التطعيم وتعزيزه الآن».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).