«تيك توك الاستشاري»... محاولات لـ«ضبط المحتوى» أم لتجاوز الانتقادات؟

شعار «تيك توك»
شعار «تيك توك»
TT

«تيك توك الاستشاري»... محاولات لـ«ضبط المحتوى» أم لتجاوز الانتقادات؟

شعار «تيك توك»
شعار «تيك توك»

أثار إعلان منصة «تيك توك» عن إنشاء ما وصفته بأنه «أول مجلس استشاري في المنطقة بسياسات السلامة»، التساؤلات حول دور هذا المجلس، ومدى تأثيره على نوعية المحتوى المقدم على المنصة الجاذبة للشباب والمراهقين، خاصة في ظل اتهامات للمنصة «بترويجها محتوى غير مناسب لقيم وثقافة المجتمعات». وفي المقابل، يترقب خبراء الإعلام والمتخصصون نتائج عمل مجلس «تيك توك» الجديد بحذر، معربين عن أملهم في أن يكون أداة فاعلة حقاً في تحسين أداء المنصة، واستغلال جاذبيتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوجيه الشباب، وضبط المحتوى، وليس أداة لتجميل المنصة وتجاوز الانتقادات.
«تيك توك» في 8 فبراير (شباط) الحالي كان قد أعلن في بيان عن «إطلاق أول مجلس استشاري للسلامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا». ويهدف المجلس بحسب البيان إلى «توجيه المنصة لاعتماد أفضل ممارسات وسياسات السلامة، وتقديم المشورة بشأن سياسات وممارسات تعديل المحتوى، وتطوير الاستراتيجيات لتعزيز سلامة المنصة في المنطقة، فضلاً عن المساهمة في مواجهة التحديات الحقيقية التي تؤثر على الرفاهية الرقمية في عالم اليوم، وتحديد القضايا الناشئة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، والتي تؤثر على المنصة ومجتمعها».
فرح طوقان، مديرة السياسة العامة في «تيك توك» لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا وباكستان، وصفت في بيان صحافي، تأسيس المجلس الاستشاري بأنه «إنجاز هام لتيك توك ولمجتمع الإنترنت في المنطقة، يعكس التزام المنصة بمسؤوليتها، من خلال السعي للحصول على مراجعات من خبراء في الصناعة». ووفق «تيك توك» يتكون المجلس الاستشاري من «الدكتورة نائلة حمدي أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية بالقاهرة والباحثة في مجال الصحافة والمهن الإعلامية، والخبير اللبناني أكرم كرامة المتخصص في مجالات الاتصالات الرقمية والقانون، والدكتور حامد النيادي المدير التنفيذي للعلاقات الحكومية في مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني وعضو مجلس إدارة «جمعية الإمارات للإنترنت الآمن»، وأهيلة شومر الناشطة في مجال حقوق الإنسان ومديرة «جمعية سوا» في فلسطين، والاختصاصية النفسية والمستشارة الاستراتيجية والمدربة المغربية ميريام بحري، والدكتور أكين أونفر الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة أوزيجين التركية في إسطنبول والزميل في «شبكة الديمقراطية الرقمية» بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
الصحافي خالد القضاة، عضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنية، قال لـ«الشرق الأوسط»، معلقاً على هذه الخطوة إن «وجود مثل هذه المنصة، يعتبر خطوة ذكية، من جانب تيك توك التي تحظى بشعبية كبيرة بين المراهقين والشباب، خاصة أن المجلس يضم أعضاء لهم خبرات كبيرة في مختلف مجالات الإعلام والأمن والسلامة الرقمية». وبدورها، قالت الدكتورة نائلة حمدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «منصة تيك توك تواصلت معها منذ فترة بشأن تشكيل مجلس يكون دوره تقديم نصائح مناسبة للمنطقة تتعلق بأمن المستخدمين خاصة المراهقين والشباب وسياسات المنصة، وجاء اختياري من مصر لكون مصر تضم شريحة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام». واستطردت قائلة إن «المجلس لم يجتمع حتى الآن؛ لكن دوره بحسب ما تم الاتفاق عليه مع (توك توك)، هو تقديم النصح وإبداء الرأي بشأن سياسات المنصة، مع تقديم نصائح تتعلق بأمن الشباب على المنصة».
هنا يأمل القضاة بأن «يقدم المجلس الاستشاري سياسيات معلنة، لا مخفية، تتعلق بالأمن والسلامة المهنية والرقمية على المنصة، وأن تحمي النصائح التي يقدمها، حرية المستخدمين في التعبير، من دون توظيف سياسي». ويشير إلى «ضرورة أن تتضمن هذه السياسات مراعاة لخصوصية المجتمع في المنطقة، دون أن يكون ذلك قيداً على حرية التعبير للمستخدمين».
وتابع القضاة: «لا نريد محتوى يُعلم الانتحار أو تعاطي المواد المخدرة على المنصة، ولا نرغب في وجود منصات تواصل اجتماعي لا يمكن ضبطها؛ لكننا أيضاً لا نريد أن نفرض قيوداً على حرية التعبير، لذلك ينبغي على هذه المنصات مراعاة خصوصية المجتمع العربي، ووضع ضوابط لحمايته»، معرباً عن اعتقاده بأن «وجود مجلس استشاري يضم خبراء من المنطقة، سيساهم في نقل وجهة النظر العربية للمنصة».
من جهة ثانية، تواجه منصة «تيك توك» انتقادات من بعض الخبراء والمتخصصين بسبب نشر محتوى يصفه البعض بأنه «غير مناسب للمجتمع». وللعلم، فإن منصة «تيك توك» التي أعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن تجاوز عدد مستخدميها المليار مستخدم، تحاول من جهتها الرد على الانتقادات، عبر تأكيدها في بياناتها الصحافية سعيها الدائم لتعزيز سلامة المنصة، باعتبارها مساحة مصممة لإلهام الناس وإثراء حياتهم، عبر منحهم القدرة على التعبير الإبداعي، وتزويدهم بتجربة آمنة وإيجابية، ليتمكنوا من التعبير عن إبداعاتهم بحرية.
وبالفعل أعلنت «تيك توك» أخيراً عن إطلاق عدد من التحديثات الخاصة بإرشادات المجتمع، بهدف دعم وتحسين أمن وسلامة المنصة والمستخدمين. وأكدت المنصة عزمها على اتخاذ تدابير صارمة ضد المحتوى والحسابات التي تخرق إرشادات المجتمع أو شروط الخدمة. ووفق المنصة، بناء على هذه التحديثات، جرى حذف أكثر من 91 مليون مقطع فيديو مخالف خلال الربع الثالث من عام 2021. وهو ما يمثل 1 في المائة من جميع مقاطع الفيديو التي نشرت، ومن بين هؤلاء، حذف 95.1 في المائة قبل الإبلاغ عنها، و88.8 في المائة قبل أن تلقى مشاهدات، و93.9 في المائة خلال 24 ساعة من نشرها.
في هذا الإطار تؤكد نائلة حمدي على «ضرورة توعية المستخدمين وخاصة من الشباب بكيفية الاستخدام الآمن للمنصة، منعاً لتعرضهم لمشاكل ومضايقات كما حدث لبعض الفتيات في مصر». وتشير إلى أن «منصة (تيك توك) يمكن استخدامها بشكل جيد للتوعية بأهداف التنمية المستدامة وقضايا المناخ، وغيرها من الأمور المهمة، فلكل أداة وجهان أحدهما، جيد والآخر سيء، ولا يجب أن نركز على الاستخدام السيء فحسب».
في سياق متصل، رأى القضاة أن «المجلس الاستشاري لـ(تيك توك) قد يكون فرصة جيدة لتبني القضايا العربية، وإعادة استخدام المنصة بشكل إيجابي». وأضاف: «الزمن سيبرهن ما إذا كان المجلس سينجح في نقل وجهة النظر العربية لتحسين أداء المنصة، ووضع ضوابط معلنة لها، ومدى التزام المنصة بنصائح وإرشادات المجلس، وهل لدى المنصة إرادة حقيقية للتطوير والتغيير، أم أن المجلس سيكون مجرد أداة تجميلية؟». وهنا نشير إلى أن «تيك توك» أعلنت في مارس (آذار) الماضي عن تأسيس مجلس مماثل في أوروبا تحت اسم «المجلس الأوروبي الاستشاري للأمن والسلامة»، كما شكلت في مارس 2020 مجلساً استشارياً خاصاً بالمحتوى، في أعقاب إطلاق «مركز الشفافية لإدارة البيانات والممارسات على المنصة».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.