الليبيون يطوون 11 عاماً في انتظار «الخلاص»

الدبيبة ملوحاً بالعلم للمحتفلين بـ«ثورة 17 فبراير» وسط طرابلس الجمعة (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة ملوحاً بالعلم للمحتفلين بـ«ثورة 17 فبراير» وسط طرابلس الجمعة (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
TT

الليبيون يطوون 11 عاماً في انتظار «الخلاص»

الدبيبة ملوحاً بالعلم للمحتفلين بـ«ثورة 17 فبراير» وسط طرابلس الجمعة (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة ملوحاً بالعلم للمحتفلين بـ«ثورة 17 فبراير» وسط طرابلس الجمعة (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

طوى الليبيون 11 عاماً على «ثورتهم»، التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكنهم لا يزالون ينتظرون الخلاص، ويبحثون عن الأمل في الاستقرار وتوحيد البلاد، التي دخلت مرحلة جديدة من التجاذب السياسي.
وأمضى آلاف المواطنين ليلتهم بـ«ميدان الشهداء» وسط العاصمة طرابلس، أول من أمس، حيث كان القذافي يلقي خطبه قبل أن تطيح به «الثورة»، التي اندلعت في 17 فبراير (شباط) 2011 في خضم ما عرف بـ«الربيع العربي».
وحلت الذكرى السنوية للثورة في وقت تقوض فيه الانقسامات المؤسسات المتنافسة في شرق البلاد وغربها، بعد أن بات لديها منذ العاشر من فبراير الحالي رئيسا وزراء يتنافسان في طرابلس، بعدما تخلفت عن الاستحقاق الانتخابي، الذي كان محدداً نهاية العام الماضي.
وتواجه ليبيا أزمة سياسية كبيرة، على خلفية قرار مجلس النواب عزل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، وتكليف فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» السابقة، ما فتح باب مجدداً للصراع على السلطة، وأعاد الحديث حول «شرعية الثورة»، ومن الأحق بالانتماء إليها، أو الحديث باسمها؟
وكان خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة والقيادي بحزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لتنظيم «الإخوان»، قد دعا الجميع لأن يكون «أبناء (فبراير) أبناء دولة الحق والقانون، والمساواة المبنية على احترام الرأي الآخر وقبول الجميع». ورأى أن «الثورة ينتمي إليها كل من آمن بأهدافها ومبادئها، وثبت على ذلك حتى وإن لم يشارك فيها، ويخرج منها كل من انتكس عن أهدافها ومبادئها حتى وإن شارك فيها».
وعقد جمعة القماطي، رئيس «حزب التغيير»، مقارنة بين ما يحدث في غرب ليبيا وما يقع في شرقها، قائلاً: «منذ ثورة فبراير لن تجد في كل المدن والمناطق التي تقع خارج سيطرة خليفة حفتر (القائد العام للجيش الوطني)، والتي يسكنها قرابة 70 في المائة من الليبيين، من يرفع صورة سياسي أو قائد أو رئيس»، مؤكداً أن المحتفلين «يرفعون فقط راية الاستقلال واسم ليبيا، وهذه هي الثقافة التي ستقود إلى بناء دولة المؤسسات، وسيادة القانون فوق الجميع». لكن بعض السياسيين بشرق البلاد اعتبروا أن تصريح القماطي يعزز روح الانقسام، ولا يتفق مع أهداف «الثورة».
وبدأت الاحتفالات مبكراً في العاصمة برفع الرايات والإعلام، كما اتجهت آلاف السيارات إلى وسط المدينة مع غروب شمس الجمعة، مطلقة أبواقها ومحدثة زحمة سير خانقة بالقرب من «ميدان الشهداء». كما سُجل وجود انتشار أمني كثيف، ما تسبب في اصطفاف طوابير طويلة من المواطنين، الذين حضروا حفلاً غنائياً للفنان الليبي أيمن الأعتر، الذي تسبب بدوره في بعض الجدل لكونه يقيم خارج البلاد منذ اندلاع «الثورة»، وحصل على قرابة مليوني دينار ليبي، «بينما بقي فقراء الوطن على حالهم»، وفقاً لمناوئ للحكومة.
واعتلى الدبيبة المنصة لإلقاء خطاب، قال فيه: «نعم للانتخابات، لكن لا لمراحل الانتقال الجديدة»، داعياً خصومه السياسيين إلى «الإنصات لصوت الشعب». وفي بنغازي، خرج المواطنون من جميع الأعمار للاحتفال بـ«الثورة»، التي اندلعت من مدينتهم، رافعين الأعلام، ومعبرين عن أملهم في إنهاء حالة الانقسام، وإجراء الانتخابات في أقرب الآجال. وفي ظل المخاوف من تصاعد انشقاق الصف الليبي، ما بين حكومتي الدبيبة وباشاغا التي لم تر النور بعد، سارعت بعض مدن وقبائل جنوب غربي ليبيا إلى التحذير من هذه الوضع، الذي قد يزيد من حالة الشقاق بين الليبيين. ودخلت قبيلة الحساونة على خط الأزمة السياسية، إذ قال مجلسها في بيان أمس إنه «يتابع ما يجري على الساحة السياسية من صراعات على السلطة، ناتجة عن اختلاف في الرؤى بين الأجسام السياسية، بعيداً كل البعد عن طموح وآمال الليبيين»، مؤكداً أن الحل للخروج من الأزمة السياسية الراهنة «لا يأتي إلا بإجراء الانتخابات الليبية طبقاً لخريطة الطريق»، التي أقرتها لجنة ملتقى الحوار السياسي الليبي بمدينة جنيف، واعتمدها مجلس الأمن الدولي.
وفيما استنكر مجلس قبيلة الحساونة «أي بيان تأييد أو تزكية لأي فرد أو جسم سياسي باسم القبيلة»، عبر مواطنون ليبيون عن أملهم «في الوصول إلى مرحلة الخلاص، بعيداً عن التمديد والدخول في مراحل انتقالية جديدة، لن يستفيد منها إلا السياسيون، الذين كانت الثورة سبباً في اعتلائهم المشهد السياسي، ولا يريدون مغادرته». وعين مجلس النواب السياسي النافذ، فتحي باشاغا (60 عاماً)، رئيساً للحكومة ليحل محل الدبيبة، لكن الأخير يؤكد عدم استعداده للتخلي عن السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما يشكل وضعاً سياسياً معقداً، ويثير مخاوف من تجدد الصراع المسلح.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.