الحوثيون يغلقون الطرق الرئيسية ويضاعفون معاناة اليمنيين

TT
20

الحوثيون يغلقون الطرق الرئيسية ويضاعفون معاناة اليمنيين

تشهد منعطفات جبال مديرية القبيطة، في محافظة لحج اليمنية، حوادث يومية متكررة لانقلاب قاطرات نقل البضائع؛ إذ أصبح هذا الطريق الريفي المنفذ الوحيد الذي يربط ميناء عدن بمناطق سيطرة ميليشيات الحوثيين، بعدما أغلقت الميليشيات الطرق الرئيسية ضمن مسعاها لإجبار التجار على الاستيراد عبر مواني الحديدة التي لا تزال تحت سيطرتها.
ولم تقتصر المعاناة على الرحلات التجارية؛ بل امتدت إلى المسافرين، بمن فيهم الأطفال والمرضى؛ حيث يقضون على هذا الطريق نحو 3 ساعات قبل أن يصلوا إلى أطراف محافظة عدن.
ويقول محمد يحيى، وهو سائق سيارة لنقل الركاب، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبح السفر معاناة حقيقية، بعد أن أغلقت الميليشيات طريق الضالع- إب، وطريق يافع– البيضاء، ومن قبلهما طريق كرش- تعز، وأخيراً طريق الجراحي- إب؛ حيث تجتمع قاطرات نقل البضائع وسيارات نقل الأفراد إلى طريق القبيطة، وهو طريق نصفه غير معبد، وجزء منه عبارة عن وادٍ ليس فيه أي ملامح طريق».
يضيف السائق يحيى: «أسوأ مكان في هذا الطريق ليس نقيل مكيحل وظمران؛ بل إن الطريق كله غير صالح لمرور الناقلات، وقد كان يستخدم من قبل سكان تلك المناطق كطريق ريفي تعبره سيارات الدفع الرباعي فقط. فهو ضيق مع منحدرات صعبة، وعند مرور الشاحنات الكبيرة إما أنها تغلق الطريق، وإما أن بعضها -وخصوصاً ذات الحمولة الكبيرة- تفقد توازنها وتنقلب. وهذا المشهد أصبح مألوفاً لدى سكان القرى هناك».
ويصف محمود شاهر، وهو من سكان المنطقة، الوضع بالمأسوي، ويذكر أن «شاحنة كبيرة انقلبت بما تحمل من بضائع إلى وسط الطريق وأغلقته، ولعدم وجود رافعة قادرة على سحبها وفتح الطريق تراكمت الشاحنات والسيارات بركابها من الأطفال والنساء وكبار السن، وبينهم مرضى يقصدون مطار عدن للسفر إلى الخارج؛ حيث لجأوا إلى الأشجار للاحتماء من هجير الشمس، في حين أن المنطقة لا تتوفر فيها مطاعم ولا محطات خدمات ولا دورات مياه».
مئات السيارات وعشرات القاطرات تمر يومياً عبر هذا الطريق الوعر الذي بات المنفذ الوحيد للمتجهين إلى عدن أو المغادرين منها. وهو كذلك منفذ وحيد لنقل البضائع والمساعدات الإغاثية. إلا أن ما يؤرق سكان المنطقة هي المعاناة اليومية التي يشاهدونها؛ حيث يقضي الأطفال والمرضى والعائلات ساعات طويلة في انتظار فتح الطريق الذي يُغلق بسبب انقلاب القاطرات بشكل شبه يومي.
وإلى جانب ذلك، برزت آثار بيئية مدمرة تهدد الزراعة في المنطقة، بسبب تسرب الزيوت نتيجة للحوادث التي كان آخرها انقلاب ناقلة محملة بكمية كبيرة من الديزل؛ حيث غمر الوقود المدرجات الزراعية.
مع ذلك، ووسط هذه المعاناة للمسافرين وناقلات البضائع، فإن بقاء هذا الطريق منفذاً وحيداً للمرور إلى مناطق سيطرة الميليشيات، شكّل مصدر دخل لبعض سكان هذه القرى؛ إذ تمكنوا من افتتاح دكاكين لتزويد المسافرين بالمياه والعصائر المعلبة والوجبات الخفيفة، إلى جانب بيع منتجاتهم من الحلوى التي تُصنع هناك وتحظى بشهرة واسعة؛ حيث يحرص العائدون إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي على شرائها كهدايا معتادة يرغب فيها كثيرون؛ خصوصاً أن إغلاق ميليشيات الحوثي الطريق الأساسي الذي يربط عدن بمحافظة إب أضر بمحلات بيع الحلوى التي كانت منتشرة على بداية الطريق في محافظة لحج.
وكانت الميليشيات الحوثية قد تنصلت من 3 اتفاقات أُبرمت مع الحكومة الشرعية لإعادة فتح طريق عدن- إب، بوساطة منظمات محلية والغرف التجارية والصناعية، وبعد أن وضعت الاشتراطات التي حددتها وقبلت بها الحكومة، عادت الميليشيات ورفضتها في اللحظات الأخيرة قبل تنفيذ الاتفاق.
كما عمدت الميليشيات بعد ذلك إلى إغلاق طريق يافع- البيضاء. ومؤخراً، تسببت في إغلاق طريق التفافي عبر مديرية المخا ومديرية الجراحي، وصولاً إلى مديرية العدين في محافظة إب، عندما هاجمت مواقع القوات المشتركة في الساحل الغربي، عقب إعادة تموضع الأخيرة عند الخطوط المقترحة في «اتفاق استوكهولم» الخاص بوقف إطلاق النار في الحديدة.
راهنت الميليشيات الحوثية على أن إغلاق كافة الطرق التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتها، سيجبر التجار على الاستيراد عبر مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها؛ لكنها فشلت في ذلك على الرغم من عرضها تقديم خفض في نسبة الجمارك يقارب 40 في المائة؛ حيث أكدت الشركات الملاحية استحالة تسيير سفن إلى تلك المواني، بسبب المخاطر العالية التي تحيط بها.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».