رئيس الحكومة المغربية ينسحب من جلسة مساءلة برلمانية بعد اتهامه المعارضة بالسفاهة

إدريس لشكر: ابن كيران لا يقبل الاختلاف والرأي الآخر

عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى حديثه أمام البرلمان امس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى حديثه أمام البرلمان امس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

رئيس الحكومة المغربية ينسحب من جلسة مساءلة برلمانية بعد اتهامه المعارضة بالسفاهة

عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى حديثه أمام البرلمان امس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى حديثه أمام البرلمان امس (تصوير: مصطفى حبيس)

في بادرة غير مسبوقة، انسحب رئيس الحكومة المغربية عبد الاله ابن كيران مساء امس من الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلته أمام مجلس النواب (الغرفة الاولى في البرلمان)، وذلك بعد ساعة من بدايتها، بعد ان احتج نواب المعارضة بشدة عليه بسبب وصفه لخطابهم بـ"السفاهة".
وكانت الجلسة مخصصة لمساءلة ابن كيران بشأن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة ارتفاع الدين العام، تقدمت به فرق الاغلبية، في حين اختارت فرق المعارضة مساءلته حول نتائج الحوار مع النقابات العمالية. وأسئلة اخرى تتناول موضوعات متفرقة.
وخلال رده على مداخلات نواب المعارضة بعد العرض الذي قدمه بشأن الاصلاحات التى اعتمدتها حكومته لتخفيض مستوى الدين العام، لم يستسغ ابن كيران الانتقادات التي وجهت اليه وعدها متناقضة، وقال "إن من يستمع إلى كلام المعارضة يعتقد نفسه في بلد آخر غير المغرب"، وتابع "نحن لا ندعي أنّ أداءنا مثالي، ففيه أخطاء وعيوب، لكن الأمور على العموم جيّدة".
واستغرب رئيس الحكومة رفض المعارضة قرار الحكومة الزيادة في اسعار المحروقات قبل سنتين واعتماد نظام المقايسة، بهدف التحكم في عجز الموازنة، واليوم تحاسبه على ارتفاع الدين العام، وطالبها بأن تفصح للشعب بالضبط عن ما تريده بدل مواجهته بالسفاهة. وهو ما أثار موجة غضب عارمة في القاعة العامة المخصصة للجلسات.
وطالب نواب المعارضة ابن كيران بالاعتذار وسحب كلامه، إلا انه رفض، مؤكدا انه يقصد بكلامه من سبق وان نعته بالعمالة لجهاز المخابرات الاسرائيلية "الموساد"، وبالانتماء الى تنظيم "داعش"؛ في اشارة الى الاتهامات التي وجهها اليه سابقا حميد شباط الامين العام لحزب الاستقلال المعارض.
وامام استمرار المشادات الكلامية بين نواب المعارضة وابن كيران، رفع رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب الجلسة، على ان تستأنف بعد ذلك بعد التوصل الى حل للمشكلة بين الطرفين، ليتبين بعد ذلك ان ابن كيران غادر البرلمان.
وتعليقا على ما حدث ، قال ادريس لشكر رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض والامين العام للحزب، في تصريحات للصحافيين، ان الحكومة وأغلبيتها "منذ ثلاث سنوات وهم يمارسون التعسف وحولوا جلسة المساءلة الشهرية الى منبر للخطابة"، مضيفا ان "ما حدث اليوم يدل على ان ابن كيران لا قدرة له على تقبل الاختلاف والرأي الآخر"
واشار لشكر الى ان المعارضة لجأت الى الملك محمد السادس بسبب "التعسف والتجاوز والترهيب الصادر عن رئيس الحكومة"، حسب قوله. مضيفا انه "سيؤدي الى اختلال في المؤسسات، وهذا ما يتأكد اليوم من خلال تصريح رئيس الحكومة الذي نعت برلمان بلده بالسفاهة وهو ما لم يحدث من قبل"، بحسب قوله.
وكان عبد الله بوانو رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، قد وجه انتقادات شديدة لفرق المعارضة امس بسبب طريقة طرح اسئلتها على ابن كيران خلال جلسة المساءلة الشهرية، حيث يطرح كل فريق سؤالا منفردا في موضوع مختلف بدل سؤال محوري عن موضوع محدد كما تفعل فرق الأغلبية، لاسيما وان الامر يتعلق بجلسة مخصصة للسياسات العامة للحكومة. ووصف طريقتها بأنها "استهزاء بالشعب والمؤسسة البرلمانية"، وعد الامر مقصودا لارباك ابن كيران الذي يصبح مضطرا للاجابة على موضوعات عدة في دقائق معدودة.
واختارت فرق المعارضة طرح سؤال محوري مشترك في جلسة امس يتعلق بـ"تعثر الحوار مع النقابات"، فيما تناولت الأسئلة الأخرى موضوعات متفرقة لا رابط بينها، تتعلق بتوظيف الجامعيين، وإصلاح التقاعد والتعليم والتهرب الضريبي ومحاربة الفقر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.