أراضي العراق لا تزال مثقلة بمخلفات الحروب

مدير البرنامج الأقدم لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام UNMAS في العراق بير لودهامر (وكالة الأنباء العراقية)
مدير البرنامج الأقدم لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام UNMAS في العراق بير لودهامر (وكالة الأنباء العراقية)
TT

أراضي العراق لا تزال مثقلة بمخلفات الحروب

مدير البرنامج الأقدم لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام UNMAS في العراق بير لودهامر (وكالة الأنباء العراقية)
مدير البرنامج الأقدم لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام UNMAS في العراق بير لودهامر (وكالة الأنباء العراقية)

رغم مرور عشرات السنين على انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية (1980 – 1988)، لا تزال معظم المحافظات المحاذية لإيران، في جنوب العراق وشرقه، تعاني من الألغام والمخلفات الحربية التي ارتبطت بتلك الحرب والحروب التي تلتها، مثل حرب تحرير دولة الكويت عام 1991 وحرب إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، ثم جاءت الحرب ضد تنظيم «داعش» (2014 – 2017) لتزيد الأمور تعقيداً في محافظات شمال وغرب البلاد.
وتتحدث بعض المصادر الرسمية عن وجود ملايين الألغام والقطع الحربية غير المنفلقة من المخلفات الحربية في مختلف محافظات البلاد، ما تشكل تهديدا جديا على حياة المواطنين هناك. كما تشير بعض الإحصاءات إلى وقوع ما لا يقل عن 250 ألف عراقي قتيلاً أو معاقاً نتيجة تلك المخلفات.
وكانت دائرة شؤون الألغام العراقية أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن «حجم التلوث الكلي في العراق يبلغ نحو 5994 كم مربعا، تم تنظيف نحو 50 في المائة منه»، مشيرة إلى أن «غالبية الألغام مزروعة على الحدود الشرقية للعراق».
وفي إطار المساعي الأممية لتخليص البلاد من مخاطر الألغام والمخلفات الحربية، أعلن البرنامج الأقدم لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (يونماس / UNMAS) في العراق، أمس (الخميس)، عن إحراز تقدم كبير في تطهير العراق من المخلفات الحربية.
وقال مدير «يونماس» في العراق بير لودهامر، في المؤتمر الدولي للمانحين للأعمال المتعلقة بالألغام المنعقد في بغداد، إن «آثار الحرب والصراع مع الذكرى الرابعة للانتصار على (داعش)، ما زالت حية لا سيما في المناطق المحررة والتي لا تزال ملوثة بالعبوات الفتاكة التي زرعتها عصابات (داعش) التي كان هدفها قتل أكبر عدد من الأرواح البريئة وبث الخوف». وأضاف لود هامر أنه «خلال الشهر الماضي حصلت عدة حوادث مميتة تتعلق بالذخائر المتفجرة وكان معظم الضحايا من الأطفال، كما شهد الأسبوع الماضي مقتل عراقي بعبوة متفجرة مبتكرة عندما كان يرافق مجموعة من الصيادين الكويتيين في محافظة الأنبار»، مشيراً إلى أن «هذه الحوادث ليست معزولة وإنما مستمرة وحتى إزالتها تكون مميتة».
وكشف عن أن «الألغام الأرضية الموروثة تلوث جنوب العراق والحدود رغم مرور عقود على الحرب الإيرانية والخليج في الثمانينات والتسعينات، ولكنها ما زالت تهدد المدنيين الأبرياء وتقيد التنمية الاجتماعية الاقتصادية حتى يومنا هذا».
وأعرب لودهامر عن اعتقاده بـ«عدم إمكانية المضي قدماً بإعادة الإعمار إذا كانت هناك مناطق متلوثة بالمتفجرات وملوثات الحرب، وبعد خروج العراق من مرحلة الطوارئ انتقلت دائرتنا من إدارة مخاطر المتفجرات إلى دور الدعم التقني والاستشاري للعراق كجزء من جهود إعادة البناء».
ولفت إلى «إحراز تقدم كبير بموضوع المخلفات الحربية، ولكن لا يزال هناك كثير من العمل قبل أن يصبح العراق خالياً من مخاطر الذخائر المتفجرة والألغام».
إلى ذلك، قال وزير البيئة جاسم الفلاحي، أمس (الخميس)، إن العراق مصنف ضمن أكثر الدول في العالم تلوثاً بالألغام، وإن أعداد ضحاياها تزداد يومياً.
وذكر الفلاحي في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، تعليقا على مؤتمر الدولي للمانحين لإزالة الألغام المقام في بغداد، أن «برنامج مكافحة الألغام ممول دولياً بالتعاون مع مؤسسة شؤون الألغام في إقليم كردستان ومنظمة الأمم المتحدة لشؤون الألغام».
وأشار إلى أن «العراق مصنف على أنه واحد من أكثر الدول في العالم تلوثاً بالألغام بسبب المساحات الهائلة من الألغام الناتجة عن الحرب العراقية الإيرانية والعبء الجديد من التلوث الذي خلفته الحرب على عصابات (داعش) الإرهابية التي كانت تعتمد على العبوات الناسفة».
ولفت الوزير الفلاحي إلى أن «الأراضي الملغمة والملوثة بالعبوات الناسفة تصل إلى أكثر من 6000 كيلو متر». وكشف عن أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «مهتم بشكل كبير في هذا البرنامج ووجه بأن تكون هناك موازنة متخصصة لبرنامج شؤون الألغام».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».