مخلفات الحرب تقتل شابين في ريف الرقة خلال يوم واحد

من أنشطة (منظمة روج لمكافحة الألغام) في مناطق شرقي الفرات (الشرق الأوسط)
من أنشطة (منظمة روج لمكافحة الألغام) في مناطق شرقي الفرات (الشرق الأوسط)
TT

مخلفات الحرب تقتل شابين في ريف الرقة خلال يوم واحد

من أنشطة (منظمة روج لمكافحة الألغام) في مناطق شرقي الفرات (الشرق الأوسط)
من أنشطة (منظمة روج لمكافحة الألغام) في مناطق شرقي الفرات (الشرق الأوسط)

لقي شابان سوريان يتحدران من قرية أبو رديني التابعة لناحية الجرنية الواقعة بريف الرقة الغربي، حتفهما جراء انفجار لغم أرضي، لترتفع حصيلة المدنيين الذين فارقوا الحياة بسبب مخلفات الحرب منذ بداية العام الجاري، إلى 24 شخصاً بينهم سيدة و5 أطفال، قضوا بانفجار ألغام أرضية أو أجسام متفجرة وإصابة 31 شخصاً بينهم 20 طفلاً، في وقت أعلنت «منظمة روج لمكافحة الألغام» بأن مخلفات الحرب المنتشرة في ريف الرقة ومركز المدينة، زرعتها عناصر تنظيم «داعش» خلال سنوات سيطرتها على المنطقة قبل طردها والقضاء على سيطرتها المزعومة سنة 2017.
وبحسب إحصاءات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تسببت مخلفات الحرب جراء انفجار ألغام وعبوات ناسفة وانهيار أبنية سكنية متصدعة في عموم سوريا، إلى 702 مدني بينهم 97 امرأة و265 طفلاً، في الفترة الممتدة بين عام 2019 ومطلع العام الحالي 2022. كما لقي 112 مدنياً حتفهم خلال بحثهم وجمعهم عن مادة الكمأة، بينهم 47 سيدة و19 طفل، التي تنمو في المناطق التي تتعرض لأمطار غزيرة في صحراء البادية السورية وأرياف تدمر وحمص وسط سوريا.
ويقول مصطفى الصالح مدير قسم العمليات وإزالة الألغام في «منظمة روج لمكافحة الألغام»، العاملة في مناطق شرقي الفرات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن مدينة الرقة وريفها تم تطهيرها بالفعل من الألغام، لكن الأمطار والفيضانات كشفت الأرض لتظهر المتفجرات من جديد. واتهم عناصر تنظيم «داعش» أثناء سيطرتهم على المنطقة قبل القضاء عليها سنة 2017، «باختراع ألغام فردية تشابه أشكال الأحجار أو الأباريق المنزلية والأواني الفخارية، وهناك أنواع عديدة وواسعة زرعها مسلحو التنظيم في البيوت والطرقات لتنفجر بالناس الأبرياء، كما قاموا بزرع المنطقة بالألغام الكثيرة».
وأتلفت «منظمة روج» منذ تأسيسها منتصف 2016، خلال 4 سنوات من عملها، أكثر من ثلاثة آلاف لغم محلي الصنع ومخلفات حرب، تركها عناصر التنظيم المتشدد شرقي البلاد. ونجحت جهود الفرق في تحرير30 ألف متر مربع بريف الرقة ودير الزور، شملت أراضي زراعية ومباني حكومية ومقار وكتلاً سكنية في مناطق متفرقة. لكن مسلحي التنظيم كانوا قد اتخذوا من الأبنية، مستودعات لتخزين قذائف الهاون والصواعق والقنابل والعبوات الناسفة ومخلفات حربية أخرى، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوصول إلى تلك البؤر وتحرير المواقع الحساسة، بحسب مصطفى الصالح الإدارية في «منظمة روج». وشكلت الألغام ومخلفات الحرب، حاجزاً أمام العودة الآمنة للسكان لقراهم ومدنهم التي تركوها خلال فترة سيطرة مسلحي «داعش»، بين الأعوام 2014 و2019، ويقدر مصطفى الصالح عدد المخلفات الحربية من ألغام وعبوات ناسفة، بعشرات الآلاف، وأشار إلى حاجتهم للدعم الدولي لمواصلة مهامها وتطهير باقي المناطق من هذه المخلفات.
وتابع حديثه قائلاً: «بسبب قلة الجهات والمنظمات العاملة في إزالتها، تباطأت عمليات مكافحتها، وتتزايد إمكانية تشكيلها خطراً مميتاً على حياة الملايين من المدنيين الذي يعودون يومياً لممتلكاتهم ومنازلهم».
وحتى نهاية عام 2021؛ تمت إزالة أكثر من 30 ألف لغم ومادة متفجرة من مخلفات «داعش»، في المناطق التي خضعت لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بدعم من التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».