اختراق قد يسمح بزراعة الرئة رغم عدم تطابق فصيلة الدم بين شخصين

رئتان جاهزتان لعملية زرع في مريض (أ.ف.ب)
رئتان جاهزتان لعملية زرع في مريض (أ.ف.ب)
TT

اختراق قد يسمح بزراعة الرئة رغم عدم تطابق فصيلة الدم بين شخصين

رئتان جاهزتان لعملية زرع في مريض (أ.ف.ب)
رئتان جاهزتان لعملية زرع في مريض (أ.ف.ب)

يحتاج ملايين الأشخاص حول العالم إلى عملية زرع أعضاء كبيرة، ولكن من المرجح أن يجد قليلون جداً متبرعين مناسبين. وينتظر أكثر من 106 آلاف أميركي عضواً جديداً، ويموت 17 شخصاً كل يوم أثناء انتظارهم عملية الزرع. هذا صحيح بشكل خاص خلال وباء «كورونا»، حيث قضى المرض على صحة الجهاز التنفسي للآلاف وترك رئتيهم مدمرة. هناك عدد متزايد من الأشخاص بحاجة إلى زراعة الرئة، ولكن هناك عدد قليل جداً من الرئات التي لا يمكن استخدامها لإنقاذ الجميع.
واحدة من كبرى العقبات التي تحول دون عملية الزرع هي مطابقة فصيلة الدم. قال الدكتور ألكسندر كروبنيك، جراح زراعة الرئة في المركز الطبي بجامعة ميريلاند، إن هذا ينطبق بشكل خاص على القلب والرئتين، وهما أكثر حساسية من الأعضاء الأخرى لفصيلة الدم غير المتطابقة، وفقاً لتقرير لصحيفة «ديلي بيست».
لكن بحثاً جديداً من كندا يعد بحل عقبة عدم التوافق هذه عن طريق القيام بشيء غير عادي تماماً: تحويل فصيلة الدم الأصلية لعضو ما إلى «فصيلة دم عالمية».
في دراسة جديدة نُشرت أمس (الأربعاء)، تمكن باحثو «تورونتو» من أخذ الرئتين المتبرع بهما وتجريدهما من المستضدات التي تحددهما على أنهما من فصيلة الدم «إيه»، مما يجعل الرئتين تظهران كأنهما نشأتا من فرد بفصيلة الدم «أو» المعروفة باسم «فصيلة الدم العالمية».
https://twitter.com/UHN_Research/status/1494039182372745224?s=20&t=SPRVpQxYDbxl7mcNXqOJPw
حقق فريق البحث الذي يقف وراء الورقة الجديدة هذا الاختراق عن طريق إغراق الرئتين بإنزيمين يمكنهما إزالة مستضدات فصيلة الدم «إيه» من الخلايا المبطنة للأوعية الدموية للعضو، حيث يظهر معظم حالات عدم توافق فصيلة الدم المزعجة. في غضون نحو 4 ساعات، قامت الإنزيمات - المسماة «FpGalNac deacetylase» و«FpGalactosaminidase»، والتي تنتجها أجسامنا بشكل طبيعي - بإزالة أكثر من 97 في المائة من مستضدات النوع «إيه» من الأعضاء المتبرع بها.
ثم اختبر الفريق الرئتين لمعرفة ما إذا كان الأمر سيؤدي إلى ظاهرة تسمى «الرفض المفرط» التي تحدث عندما يُعطى المريض فصيلة دم غير صحيحة.
وقال الدكتور مارسيلو سيبل، المدير الجراحي لـ«مركز أجميرا» للزراعة والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، لـ«ديلي بيست»: «لقد أخذنا أساساً رئتين من المتبرع نفسه... الرئة اليمنى عالجناها بالإنزيمات، والرئة اليسرى لم نعالجها بالإنزيمات. ثم نضع دماً في كلتيهما من فصيلة (أو). يمكننا أن نرى أداء الرئة اليسرى مستقراً مع عدم وجود علامات الرفض الحاد، بينما أظهرت الأخرى علامات الرفض الحاد بشكل واضح للغاية».
https://twitter.com/MarceloCypel/status/1494031812590452739?s=20&t=SPRVpQxYDbxl7mcNXqOJPw
ستعمل الخلايا المعالجة بهذه الإنزيمات على تجديد مستضدات من النوع «إيه» بمرور الوقت، لذا فإن هذا النهج الجديد ليس طريقة دائمة وشاملة لتحويل العضو إلى فصيلة دم جديدة، لكنه يخفف بعض العقبات المناعية التي تنتظر المريض خلال الأسبوع الأول بعد جراحة الزرع.
وقال كروبنيك: «إذا وضعت عضواً في شخص ما ولم تمنحه ما يكفي من كبت المناعة، فسيتم رفض العضو في غضون أسبوع بسبب الأجسام المضادة. هذا البحث هو الخطوة في الاتجاه الصحيح لتعديل الطبيعة المناعية للأعضاء. هذه خطوة واحدة فيما يمكن أن تكون خطوات متعددة لأخذ أي عضو ووضعه في أي شخص وسط الحاجة إلى كميات أقل من كبت المناعة».
وأوضح سيبل أن مرحلة البحث التالية هي اختبار النتائج التي توصلت إليها مجموعته في دراسات الفئران وفحص الكلى بصفتها عضواً مستهدفاً تالياً، وهو أحد الأعضاء الأكثر طلباً مع أكثر من 90 ألف مريض ينتظرون عملية زرع كلية.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».