ردود فعل متباينة على قرار الرئيس الجزائري تخصيص إعانات للعاطلين

TT

ردود فعل متباينة على قرار الرئيس الجزائري تخصيص إعانات للعاطلين

خلف إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ليلة أول من أمس، تخصيص إعانات للشباب العاطلين عن العمل، وتعليق بعض الضرائب المفروضة على المواد الاستهلاكية الأساسية ردود فعل متباينة داخل الشارع الجزائري، وفي الأوساط السياسية.
وقال تبون في لقاء دوري مع ممثلي الصحافة الوطنية ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية مقتطفات منه: «لقد كنا أول دولة بعد أوروبا تؤسس هذه العلاوة لكي يحصل الشبان على شبه مرتب لصون كرامتهم». مبرزا أن منحة البطالة «تقدر بـ13 ألف دينار جزائري (نحو 82 يورو)، سيتم صبها ابتداء من شهر مارس (آذار) المقبل، بالإضافة إلى التغطية الصحية. وستحسب هذه العلاوة في ميزانية 2022».
تجذر الإشارة إلى أن معدّل البطالة في الجزائر يقدر بنحو 15 في المائة، ترتفع بين الشباب لتتجاوز 20 بالمائة، فيما يصل الحد الأدنى للأجور إلى 20 ألف دينار (125 يورو)، وبالتالي فإن هذه المنحة توازي أكثر من نصفه.
وشدد تبون على أن ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية جعل الأموال المخصصة لشراء كميات معينة من الحبوب والبقوليات غير كافية في الوقت الحالي إلا للحصول على ثلث هذه الكميات. مشيرا إلى تعليق ضرائب بنسبة خمسة في المائة مفروضة على مواد استهلاكية أساسية. ومؤكدا أن «الخبازين لن يدفعوا الضريبة على رقم الأعمال بداية من شهر مارس» المقبل.
وفي أول رد فعل على هذا القرار، رأى بعض المواطنين أن هذه المنحة ستساهم بكل تأكيد من من التخفيف من معاناة عدد من الشباب، الذين يعانون من شبح البطالة، وما يترتب عليها من مظاهر اجتماعية سلبية، أبرزها ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وانتشار تجارة قوارب الموت، والسرقة والاعتداء على المواطنين بالأسلحة البيضاء.
في المقابل، رأى آخرون أن المنحة المرتقبة لن تحل مشكلة البطالة المتفاقمة بين الشبان، وقالوا إنه كان من الأجدر بالحكومة الجزائرية أن تفكر في تحويل إيرادات الغاز، الموجه لبعض الدول الأوروبية، إلى صناديق سيادية تمكنها من استثمارها في مشاريع تنموية، وبالتالي تقليص نسبة البطالة.
وكانت مدينة مدينة ورقلة، عاصمة النفط جنوب الجزائر، قد شهدت خلال فبراير الحالي ويناير الماضي احتجاجات عارمة على البطالة والفقر، حيث طالب المحتجون الحكومة بإيفاد لجنة تحقيق للنظر في ملف التشغيل، والتوقف عند كيفية توزيع المناصب، والتوظيف بالمحاباة من قبل مسؤولين بالمحافظة، ووكالات التشغيل المحلية. كما طالبوا السلطات بإلغاء ومراجعة شروط يعتبرونها «تعجيزية»، تعوق التحاق عدد منهم بالعمل في الشركات البترولية.
وتنظم هذه الاحتجاجات المستمرة من طرف «لجنة البطالين»، المنتشرة في كثير من محافظات الجنوب، حيث بدأ في الفترة الأخيرة يتشكل حراك اجتماعي واسع في عدة مدن في الجنوب. وإضافة إلى ورقلة، تشهد مدن كتقرت والأغواط وغرداية واليزي وتمنراست وقفات احتجاجية للشباب والسكان للمطالبة بالتنمية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.