منذ التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، أرسلت مصر أطقم العمل لإزالة الأنقاض، ووعدت ببناء مجمعات سكنية جديدة واسعة. وانتشرت في الأراضي الفلسطينية الأعلام المصرية واللوحات الإعلانية التي تشيد بالرئيس عبد الفتاح السيسي.
إنها نظرة جديدة للمصريين، الذين قضوا سنوات من العمل بهدوء لتشجيع محادثات الهدنة بين إسرائيل وحماس، والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. وبحسب تقرير أسوشيتد برس، قد يساعد هذا التحول في منع، أو على الأقل تأخير، جولة أخرى من العنف. ويمكن لمصر من خلال تقديم نفسها كصانعة للسلام في الشرق الأوسط. في هذا الصدد، قالت حفصة حلاوة، خبيرة الشؤون المصرية في معهد الشرق الأوسط، مركز الأبحاث في واشنطن، إن حرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو (أيار) الماضي: «سمحت لمصر مجدداً بتسويق نفسها كشريك أمني لا غنى عنه لإسرائيل في المنطقة، ما يجعلها بدورها شريكاً أمنياً لا غنى عنه للولايات المتحدة».
تعطي المساعدات الموسعة، إلى جانب سيطرتها على رفح (معبر غزة الوحيد الذي يتجاوز إسرائيل)، لمصر، نفوذاً على حماس، الجماعة الإسلامية المسلحة التي حكمت غزة منذ طرد القوات الموالية للسلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً في 2007.
وبعد التفاوض على وقف إطلاق النار غير الرسمي الذي أنهى الحرب في غزة، تعهدت مصر بتقديم 500 مليون دولار لإعادة بناء القطاع وأرسلت أطقم عمل لإزالة الأنقاض. وفي حين أنه لم يتضح بعد حجم الأموال التي سُلمت، فإن مصر تدعم الآن بناء ثلاث بلدات من المقرر أن تضم نحو 300 ألف نسمة، وفقاً لناجي سرحان، نائب مدير وزارة الإسكان التي تديرها حماس. والعمل جارٍ أيضاً على تطوير الطريق الساحلي الرئيسي في غزة. وأوضح سرحان، أن مدة إنجاز هذه المشاريع عام ونصف العام. وقال: «نأمل أن تكون هناك حزم كبيرة من المشاريع في المستقبل القريب، خصوصاً الأبراج التي دمرتها الحرب».
وقال علاء العراج، من اتحاد المقاولين الفلسطينيين، إن تسع شركات فلسطينية سوف تشارك في المشاريع المصرية، التي تؤمّن نحو 16 ألف فرصة عمل مطلوبة بشدة في المناطق الفقيرة من القطاع. ويشير التقرير إلى أن الوجود المصري واضح، وتقوم وفود مصرية كل أسبوع تقريباً بزيارة غزة لتفقد الأعمال، كما افتتحت مكتباً في فندق بمدينة غزة للممثلين الفنيين الدائمين.
ترفرف الأعلام المصرية، وتظهر لافتات الشركات المصرية أعلى الجرافات والشاحنات وأعمدة الكهرباء. ووصل عشرات العمال المصريين الذين ينامون في نُزل مؤقت في مدرسة بمدينة غزة. تتدفق الشاحنات المصرية المليئة بمواد البناء إلى غزة عبر معبر رفح لمدة خمسة أيام في الأسبوع، وهو ما يتناقض بوضوح مع الشحنات المتقطعة التي تصل عبر معبر تسيطر عليه إسرائيل. وقال سهيل السقا، من مقاولي غزة الذين يشاركون في عملية إعادة الإعمار، إن التدفق المنتظم للمواد المصرية أمر بالغ الأهمية. وأضاف: «البضائع غير مقيدة بالمعابر الإسرائيلية، ما يجعلها بالغة الأهمية».
هذا الدور المصري المتنامي يمنح القاهرة أداة قوية لفرض التزام حماس بالهدنة؛ فهي تستطيع أن تغلق رفح متى شاءت، ما يجعل من المستحيل تقريباً على أي شخص أن يسافر إلى غزة أو يخرج منها، وهي موطن أكثر من مليوني فلسطيني. وقد يكون ذلك كافياً لمنع اندلاع أعمال عدائية أخرى في الأجل القريب، ولكنه لا يعالج الصراع الأساسي الذي غذى أربع حروب بين إسرائيل وحماس، ومناوشات لا حصر لها على مدى 15 سنة الماضية.
يُذكر أن إسرائيل تطبق سياسة الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يُطبق اقتراح يحظى بموافقة دولية ويشكل يوماً ما جزءاً من دولة فلسطينية. وقد استبعدت الحكومة الإسرائيلية الحالية، أي مبادرات سلام كبرى، حتى مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدعوم من الغرب في الضفة الغربية، ولكنها اتخذت خطوات لتحسين الظروف المعيشية، بما في ذلك إصدار نحو 10 آلاف تصريح للعمل لسكان غزة داخل إسرائيل.
وكانت العلاقات بين حماس وحركة فتح بزعامة عباس، قد تدنت إلى أدنى مستوى لها العام الماضي، بعد إلغائه أول انتخابات منذ أكثر من 15 عاماً. وفشلت محاولات المصالحة المتكررة، التي توسطت مصر في كثير منها. لكن بالنسبة إلى مصر وإسرائيل، وبالنسبة إلى الإدارة الأميركية التي تركز على الأزمات الأكبر في أماكن أخرى، قد يكون الحفاظ على الوضع الراهن في غزة كافياً.
قال طلال عوكل، المحلل السياسي المقيم في غزة: «تريد مصر تفاهمات أو حتى الضغط على حماس حتى لا تنفجر الأوضاع».
مصر تكثف دورها في غزة كصانعة للسلام في الشرق الأوسط
عملت بهدوء على تشجيع محادثات الهدنة بين إسرائيل و{حماس} والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية
مصر تكثف دورها في غزة كصانعة للسلام في الشرق الأوسط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة