الراعي يدعو اللبنانيين لتشكيل واقع جديد في الانتخابات المقبلة

الراعي أثناء إلقاء عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي أثناء إلقاء عظته أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي يدعو اللبنانيين لتشكيل واقع جديد في الانتخابات المقبلة

الراعي أثناء إلقاء عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي أثناء إلقاء عظته أمس (الوكالة الوطنية)

دعا البطريرك المارونيّ بشارة الراعي الناخبين اللبنانيين إلى تشكيل «واقع جديد في البلاد» بالانتخابات النيابية المقبلة، مشدداً على أن «الانتخابات ممرّ حتميّ لاستعادة مكانة لبنان واحترامه بين الدول، ومن غير المسموح تأجيلها»، وذلك في ظل مخاوف من محاولة تأجيلها.
وجدد الراعي مطالبته بإجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها الدستوريّ المحدّد في 15 مايو (أيار) المقبل، داعياً إلى «المشاركة فيها بكثافة من الناخبين اللبنانيّين بلبنان وبلدان الانتشار»، بهدف تشكيل «واقع جديد في البلاد يُحدث تغييراً في الاتّجاه الصحيح البنّاء والوطنيِّ الحضاريّ».
وقال الراعي إن موقفه يتزامن مع «فذلكات تُمهد لإرجاء الانتخابات عوض أن تَتكثَّف التحضيرات لحصولها». وأضاف: «لقد أثارَ ذلك أصدقاءَ لبنان، فسَارعوا إلى إصدارِ بياناتٍ صارمةٍ تُحذّرُ المسؤولين اللبنانيّين وغيرهم من التلاعبِ بمواعيدِ الانتخابات»، لافتاً إلى «إعلان جدّة والمبادرة الكويتيّة ومؤتمر وزراء الخارجية العرب، مروراً بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدُوليّ والفاتيكان، وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي والمجموعة الدُولية لدعم لبنان»، وهؤلاء جميعهم نادوا بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، جميع هذه الدول والمرجعيات تعرفُ أن الانتخابات، أكانت نيابية أو رئاسية، هي ممرّ حتمي لعودة لبنان دولة محترمة».
وأمل الراعي في أن يدور محور المشاريع الانتخابية حول معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وحياد لبنان، وعقد مؤتمر دولي، واللامركزيةِ الموسّعة، وحصر السلاحِ بالجيش، وتنفيذ القرارات الدولية». وقال إن «هذه العناصر، تُشكّلُ، من دون شكّ، خريطة الطريق لإنقاذ لبنان، واستنهاض دولته، وإعادة الكرامة للشعب، وحماية الوحدة اللبنانية، وصون علاقات لبنان مع ذاته ومع الدول العربية والدولية». وقال إنّ التغاضي عن هذه الأمور الأساسيّة طيلة سنوات «هو الذي أدّى إلى ما نحن عليه اليوم»، مضيفاً أن «هذا الوضع الخطير يفرض اتخاذ مواقف جريئة ومتقدّمة». وأضاف: «ليس بالمساومات والتسويات اليوميّة تحفظ الشعوب مستقبلها في أوطانها وبين الأمم». وقال إنه «من علامات الأمل أنه قد بدأت تَتكوّن مواقف علنيّة تدلّ على اهتمام الدول الشقيقة والصديقة بإيجاد حل للأزمة اللبنانية في إطارِ الشرعيتين اللبنانيّة والدوليّة»، معرباً عن أن أمله في أن تتجاوب الدولة اللبنانية جدّياً مع الطروحات البنّاءة، «فلا تَلتفُّ عليها لتمرير الوقت وإضاعة الفرص».
يأتي ذلك في ظل مخاوف من تأجيل الانتخابات. وجدد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور اتهام «التيار الوطني الحر» بمحاولة تأجيلها. وقال أبو فاعور إن «العهد ومن يلوذ به ومن يدعمه لن يتورعوا عن إلغاء الانتخابات النيابية أو تأجيلها وارتكاب هذه الفعلة الشنيعة إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، رغم كل النفاق الذي يمارس في الإعلام وسنتصدى لذلك». ودعا إلى «عريضة نيابية للدفاع عن إجرائها، لأنهم يعرفون أن الموازين الشعبية والسياسية ستطيح بقسم كبير من تمثيل العهد وتياره وبعض الأطراف الآخرين الذين يرون أن هذا الفريق السياسي هو الغطاء لهم ولكل سياساتهم وممارساتهم».
وقال أبو فاعور: «سينكشفون على المستوى السياسي العام في حال ضعف التيار الوطني الحر، لأن البلد ومنذ عام 2006 محكوم بمعادلة تفاهم (مار مخايل)»، في إشارة إلى تفاهم «التيار» و«حزب الله»، موضحاً: «فريق يأخذ مكاسب استراتيجية من لبنان إلى اليمن مروراً بالعراق وسوريا، وفريق يحقق مصالحه ومنافعه في الداخل على حساب الدولة، فريق يأخذ صك براءة على كل ما قام ويقوم به في سوريا والعراق واليمن وفي كل الساحات التي يصل إليها مقابل طرف آخر، مقابل تغطيته هذه السياسات يأخذ بالإدارة والكهرباء والصلاحيات والخدمات والتعيينات والقضاء وفي كل دوائر الدولة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».