الأمن السوداني يعتقل مسؤولين في حكومة حمدوك المقالة

بعثة الأمم المتحدة بصدد الانتهاء من مشاوراتها وستنشر وثيقة الأسبوع المقبل

خالد يوسف عمر وزير شؤون مجلس الوزراء السابق (رويترز)
خالد يوسف عمر وزير شؤون مجلس الوزراء السابق (رويترز)
TT

الأمن السوداني يعتقل مسؤولين في حكومة حمدوك المقالة

خالد يوسف عمر وزير شؤون مجلس الوزراء السابق (رويترز)
خالد يوسف عمر وزير شؤون مجلس الوزراء السابق (رويترز)

في تطور لافت للأزمة في السودان، نفّذت قوات الأمن حملة اعتقالات طالت عدداً من المسؤولين في الحكومة السودانية المقالة، التي كان يقودها الدكتور عبد الله حمدوك، إضافة إلى قيادات بتحالف المعارضة (قوى الحرية والتغيير)، أبرزهم وزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة المقالة، خالد عمر يوسف، ومقرر لجنة تصفية النظام المعزول، وجدي صالح، بعد خروجه مباشرة من التحقيق في النيابة العامة ببلاغ الشاكي فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، بتهم التحريض وإشاعة التذمر ضد القوات النظامية.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن قوة أمنية على متن 4 سيارات اقتحمت اجتماع المكتب التنفيذي لـ«الحرية والتغيير» واقتادت خالد عمر يوسف بالقوة. وأضاف: «من الواضح أن السلطة الانقلابية تنفذ هجمة سياسية بغطاء قانوني، تطول قيادات قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وكل الثوار الذين يخرجون في الشوارع لإسقاط الانقلاب العسكري».
وأشار الدقير أيضاً إلى ورود أنباء تؤكد اقتحام قوة أمنية لمقر لجان المقاومة بمنطقة جنوب الخرطوم. وأكد الدقير أن «كل أشكال العنف السلطوي لن تثني قوى الثورة عن حسم الانقلاب واستعادة التحول المدني الديمقراطي».
من جانبه، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير، ياسر عرمان، في المؤتمر الصحافي، إن الاعتقالات تستهدف قيادات لجنة التفكيك التي كانت تعمل لتصفية نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، مشيراً إلى أنها «اعتقالات سياسية بغطاء قانوني»، وأضاف أن كل المؤشرات تقول إن هناك بلاغات في مواجهة آخرين لإسكات قوى المعارضة.
وأضاف عرمان أن «اعتقال قيادات قوى الحرية والتغيير تم بعد يوم من لقاء بعثة الأمم المتحدة للتشاور حول الأزمة السياسية الراهنة في البلاد»، داعياً البعثة الأممية والمجتمع الإقليمي والدولي لـ«إدانة جرائم القتل والاعتقالات» بحق السودانيين. وأوضح أن «قضية تفكيك النظام المعزول قضية جوهرية، وأن هناك محاولات لإعادة النظام المعزول»، داعياً جميع الثوار إلى العمل على منع رجوع النظام القديم.
ودعا عرمان إلى توحيد قوى الثورة في جبهة عريضة دون اشتراطات لإسقاط الانقلاب العسكري.
وكانت النيابة العامة استدعت، أمس، وجدي صالح، إضافة إلى الأمين العام للجنة إزالة التمكين، الطيب عثمان، في بلاغ ثانٍ تحت المادة 2/177 من القانون الجنائي السوداني «خيانة الأمانة»، الشاكي فيها وزارة المالية السودانية. وقال صالح، في تغريدة على «تويتر»: «تم تحويلي إلى قسم الشرطة بوسط العاصمة الخرطوم، ولم تبدأ إجراءات التحري والشاكي في البلاغ».
وكان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، جمّد عمل لجنة تفكيك وإزالة النظام المعزول، وعيّن وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم، المحسوب على النظام المعزول، رئيساً للجنة العليا لمراجعة قرارات لجنة التفكيك.
من جانبه، أدان تجمع المهنيين السودانيين حملة الاعتقالات الجديدة تجاه القيادات السياسية ولجان المقاومة واقتحام دور الأحزاب واللجان. وأشار التجمع إلى حصوله على معلومات عن تجهيز قوائم اعتقالات في العاصمة والولايات لإيقاف الحراك الشعبي. وأكد تجمع المهنيين السودانيين أن محاولات «إسقاط الانقلاب» ستستمر، ولن تتوقف إلا بتحقيق مطالب الشارع السوداني الرافض للحكم العسكري.
من جهة ثانية، قال مصدر بالأمم المتحدة لـ«رويترز»، أمس، إن البعثة الخاصة للمنظمة الدولية إلى السودان بصدد الانتهاء من مشاوراتها التي تهدف إلى إنقاذ المسار الديمقراطي في البلاد، وستنشر وثيقة موجزة لنتائج تلك المشاورات الأسبوع المقبل.
وقال المصدر إن بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) بدأت، في يناير (كانون الثاني)، اجتماعات فردية مع الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة والمجتمع المدني والجيش، بهدف استخلاص نقاط التوافق والخلاف التي ستوضحها الوثيقة، بالإضافة إلى تحديد الأولويات للمضي قدماً. وقالت الأمم المتحدة، في البداية، إن المحادثات قد تؤدي إلى جولات من المحادثات المباشرة أو غير المباشرة لحل الأزمة. وأعربت لجان المقاومة التي تنظم الاحتجاجات وغيرها من الجماعات السياسية عن قلقها في تصريحات أفادت بأن العملية تضفي الشرعية على الجيش. ويقول القادة العسكريون إن الأمم المتحدة يجب أن تقوم بدور المسهل وليس الوسيط.
وشارك ألوف السودانيين في مظاهرة ضد الحكم العسكري يوم الاثنين في الخرطوم وغيرها من المدن. ويقول البعض إنهم يخشون من العودة إلى حكومة تضم أعضاء النظام المخلوع للرئيس السابق عمر البشير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.